استقبلت الملكة إليزابيث الثانية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أمس الأربعاء 7 مارس/آذار 2018، في قصر باكنغهام، في مستهلِّ الزيارة الرسمية التي يقوم بها إلى بريطانيا، حيث واجه تظاهرات احتجاجية على خلفية ضلوع بلاده في الحرب في اليمن.
السجاد الأحمر
وأقامت الملكة البريطانية مأدبة غداء على شرف ولي العهد السعودي في قصر باكنغهام أجرى بعدها محادثات مع رئيسة الوزراء تيريزا ماي، إلا أن وصوله إلى لندن ترافق مع تظاهرات احتجاجية على خلفية النزاع في اليمن.
ودافعت ماي عن توجيهها الدعوة لولي العهد السعودي، بعد أن تعرَّضت لانتقادات حادة في البرلمان، على خلفية فرش السجاد الأحمر له خلال زيارته التي تستمر ثلاثة أيام.
وقالت أمام البرلمان، إن "العلاقات بيننا وبين السعودية تاريخية، وهي مهمة، وأنقذت حياة المئات في هذا البلد"، بسبب التعاون في مكافحة الإرهاب.
وأضافت أن "انخراطهم في الحرب في اليمن جاء بناء على طلب من حكومة اليمن الشرعية، وهو مدعوم من مجلس الأمن الدولي، ولهذا السبب فإننا ندعمه".
وأدى النزاع في اليمن، المستمر منذ 3 سنوات، الذي بدأ بتدخل عسكري تقوده السعودية لقتال المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، إلى دفع 22,2 مليون شخص إلى الاعتماد على المساعدات الغذائية، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
وصباحاً، رفعت منظمة "سيف ذي تشيلدرن" تمثالاً لطفل يرفع عينيه إلى السماء أمام البرلمان البريطاني، من أجل "لفت الانتباه إلى العنف الذي تسهم القنابل المصنوعة في المملكة المتحدة في تأجيجه جزئياً". وتقول منظمة "أفاز" إن قيمة الصادرات البريطانية من السلاح إلى السعودية بلغت 1,22 مليار يورو، في النصف الأول من 2017.
وشارك نحو مئتي شخص في تظاهرة احتجاجية أمام مقر رئاسة الحكومة البريطانية، احتجاجاً على زيارة ولي العهد السعودي.
وقال ماير ويكفيلد من حركة "تحالف أوقفوا الحرب" التي نظمت التظاهرة، إن الزائر السعودي "ليس مرحباً به هنا، ويجب ألا يفرشوا السجاد الأحمر لأمثاله فيما شعب اليمن يتعرض لحصار وحشي".
"تواطؤ" بريطانيا في جرائم الحرب
من جهته اتَّهم زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربن حكومة ماي بـ"التواطؤ" في جرائم حرب، ببيعها أسلحة إلى السعودية، حتى إنه ألمح إلى أن مستشارين من الجيش البريطاني "يديرون الحرب".
وردَّت ماي بأن علاقتها مع الأمير محمد بن سلمان ساعدت في تخفيف الأزمة الإنسانية، من خلال إقناعه بتخفيف الحصار على الموانئ اليمنية، خلال اجتماع في ديسمبر/كانون الأول.
وقالت "هذا يبرر علاقتنا مع السعودية: قدرتنا على الجلوس معهم".
وقال حسن ياسين الذي يبلغ من العمر 25 عاماً وهو موظف في خدمة العملاء في لندن "لا أعتقد أنه ينبغي الترحيب بشخص مثل محمد بن سلمان في لندن. هذا ليس أخلاقياً بالتأكيد، إذا وضعنا في الاعتبار ما يجري في اليمن في كل يوم وكل ثانية وحتى ونحن نتكلم الآن".
واستقبلت ماي الأمير محمد بن سلمان وأجريا محادثات تناولت الإصلاحات في السعودية والتجارة والعلاقات الاستثمارية والدفاع والتعاون الأمني.
وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن هناك الآن "فرصاً هائلة"، لتعزيز التعاون التجاري بعد بريكست.
وأضاف "ليس لدي أدنى شك في أن العلاقات عميقة جداً، وهي مختلفة وليست مجرد علاقات سياسية أو عسكرية واستخبارية، بل إنها أيضاً اجتماعية واقتصادية".
وعقب المحادثات رحبت متحدثة باسم رئاسة الحكومة البريطانية "بالإصلاحات الأخيرة في السعودية، ولا سيما بالنسبة للنساء"، مضيفة أن بريطانيا تبدي "قلقاً عميقاً" إزاء الأوضاع الإنسانية في اليمن.
وتابعت المتحدثة أن "رئيسة الوزراء وولي العهد اتفقا على أهمية دخول المساعدات الإنسانية والاقتصادية بدون قيود، ولا سيما عبر الموانئ، وعلى أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء النزاع والمعاناة على الصعيد الإنساني في اليمن".
وقالت المتحدثة إن المباحثات أسفرت عن اتفاقات تجارية وفرص استثمارية، بحوالى 90 مليار دولار في السنوات المقبلة، في مجالات تتراوح بين التربية والدفاع.
وأضافت أن ذلك سيتضمَّن استثمارات مباشرة في بريطانيا، وتزويد شركات بريطانية عدداً من الإدارات العامة السعودية بالمشتريات.
وفي المساء يقيم ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز مأدبة عشاء على شرف ولي العهد، يحضرها نجله الأكبر الأمير وليام.
ورداً على سؤال في البرلمان حول الزيارة، دافع وكيل وزير الخارجية اليستار بيرت، عن صفقات الأسلحة البريطانية إلى السعودية، وقال إن الأنظمة المعتمدة "مشددة مثل أي مكان في العالم".
كما أشاد بالإجراءات الإصلاحية التي اتخذها الأمير، وقال "مشاركة النساء في الأعمال والحكومة تحقق فرقاً حقيقياً".
وأضاف "بالنسبة للسعودية، هذه التغييرات لها أهمية هائلة". وفي وقت سابق قالت الحكومة البريطانية إنها تأمل في أن تمهد الزيارة "لحقبة جديدة من العلاقات الثنائية".
وتأتي هذه الزيارة في إطار أول جولة خارجية للأمير محمد بن سلمان بعد توليه ولاية العهد، التي زار خلالها مصر، وسيزور لاحقاً الولايات المتحدة.
وتهدف هذه الجولة إلى استقطاب الاستثمارات، وتأتي عقب فترة شهدت تغييرات كبيرة في صفوف الجيش السعودي وإصلاحات قادها الأمير الشاب.