جاء الاتفاق السعودي المصري لتطوير أكثر من ألف كيلومتر مربع من الأراضي المطلة على البحر الأحمر من الجانب المصري، ضمن مشروع "نيوم"، كأول خطوة عملية في بدء تنفيذ المشروع الضخم، الذي أطلقته السعودية.
في أكتوبر/تشرين الأول 2017، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق مشروع استثماري ضخم بمسمى "نيوم"، يقام على أراضٍ من السعودية والأردن ومصر، باستثمارات في قطاعات بينها الطاقة والنقل والإعلام تقدر بـ500 مليار دولار.
ومشروع "نيوم" هو منطقة خاصة، سيتم بناؤها لتصبح وجهة حيوية جديدة، وتقع بين المملكة ومصر والأردن.
خلال زيارة ولي العهد السعودي للقاهرة، الأحد الماضي، التي استمرت 3 أيام، وقَّع اتفاقية مع مصر لتطوير أكثر من ألف كيلومتر مربع من الأراضي جنوب سيناء، لتكون ضمن مشروع "نيوم".
وتقع نيوم شمال غربي المملكة، على مساحة 26.5 ألف كيلومتر مربع، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة الأردني بطول 468 كيلومتراً، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2500 متر.
والقطاعات التي يتألف منها مشروع نيوم، هي: مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة.
رواج سياحي
يتوقع أن يسهم المشروع في زيادة أعداد السياح لمنطقة الشرق الأوسط، إذ تعتزم السعودية إنشاء 7 نقاط جذب بحرية سياحية في "نيوم"، ما بين مدن ومشاريع سياحية تتضمن إنشاء 50 منتجعاً على البحر الأحمر.
في مقابل ذلك، ستركز مصر على نقطتي جذب هما شرم الشيخ والغردقة، والأردن ستركز الأردن على تطوير العقبة ضمن استثمارات أردنية سعودية.
وبحسب بيانات منظمة السياحة العالمية، فقد استقبلت دول الشرق الأوسط نحو 58 مليون سائح خلال 2017، بنمو 5% على أساس سنوي.
إسرائيل
لم تتأخر الشركات الإسرائيلية في إبداء رغبتها بموطئ قدم في مشروع المدينة الذكية السعودية "نيوم"، وذلك بعد أيام قليلة من الإعلان عنها.
صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية الناطقة بالإنكليزية، قالت العام الماضي، إنها علمت من شركات عاملة في السوق المحلية، عن محادثات بينها وبين صندوق الاستثمارات العامة السعودية، للدخول في المشروع.
لكن جغرافية المكان الذي ستقام عليه المدينة الذكية التي تتجاوز مساحتها 26 ألف كم مربع، تعد نقطة حيوية تجارية للدول العربية الثلاث (السعودية ومصر والأردن)، ولإسرائيل.
وأوردت "جيروزاليم بوست" على لسان "إيريل مارغليت" وهو رجل أعمال إسرائيلي بارز، وجود فرص عمل للشركات الإسرائيلية في المشروع.
وأضاف مارغليت الذي زار دولاً خليجية مؤخراً: "ما لا يفهمه القادة السياسيون أن الأمور لن تحدث (تطبيع العلاقات)، ما لم تكن هناك فرص عمل اقتصادية مشتركة".
"حقيقة، إن الأمير محمد بن سلمان جاء بمشروع للتعاون الإقليمي.. إنه يعطي دعوة للإسرائيليين للتحدث باسم التعاون الاقتصادي الإقليمي من خلال مفهوم الابتكار" يقول مارغليت.
تنافسية الموانئ
وسيمثل المشروع فرصةً لتأهيل الموانئ العربية لاستقبال السياح لفترة أطول، والنظر إلى الموقع الجغرافي الهام للمنطقة، بما يسهم في استقطاب السياح فترة أطول من فصل الشتاء، الذي يقتصر فيه التنافس حالياً بين وجهات آسيا والولايات المتحدة وأميركا الجنوبية.
وبحسب البيانات الأولية، سيتحول البحر الأحمر وخليج العقبة إلى نقطة استقطاب تعيد تشكيل خريطة السياحة العالمية، بنقاط جذب لا تبعد عن بعضها أكثر من 3 ساعات.
التمويل
ولا يزال المشروع يواجه في الوقت الراهن شكوكاً وجدلاً واسعين.
حسب المعطيات الاقتصادية لم يتضح بعد الجانب المهم في المشروع، وهو التمويل، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمرُّ بها المملكة، مع استمرار أسعار النفط المتدنية.
وحسب المعلن، ستوفر السعودية الجزءَ الأكبر من التمويل، المقدر بنحو 500 مليار دولار، من خلال صندوق الاستثمارات العامة، إضافة إلى تمويلات من مستثمرين محليين وعالميين.
وخلال الأسبوع الجاري، اتَّفقت مصر والمملكة على تأسيس صندوق مشترك مناصفة، تزيد قيمته عن 10 مليارات دولار، على أن تكون حصة المصريين من خلال الأراضي المؤجرة على المدى الطويل، والتي ستكون الجانب المصري من مشروع "نيوم".
وتتوقع السعودية أن تصل مساهمة المشروع في الناتج المحلي الإجمالي نحو 100 مليار دولار بحلول 2030.
فيما أكدت الرئاسة المصرية أن مشروعي إقليم قناة السويس ونيوم السعودي سيُحولان البلدين إلى قبلة للتجارة العالمية.
وبحسب تصريحات سابقة توقَّع ولي العهد السعودي، افتتاح مشروع "نيوم"، بحلول 2025، فيما ستكون هناك استثمارات محدودة مطلع 2020.
كما أكد أن شركات "أمازون" و"علي بابا" و"إيرباص" تشارك بالفعل في المحادثات الخاصة بالاستثمار في المشروع.