هل يستطيع النشطاء السياسيون أن يمارسوا السياسة؟ تبدو الإجابة بديهية أو سهلة في أفضل الأحوال، إلا أن الثورات العربية وتداعياتها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن صياغة السياسات وإدارة الدول تتطلب من النشطاء أكثر كثيراً من الانخراط في العمل العام. لكن ما الذي يجب على النشطاء معرفته كي يتمكنوا من دخول عالم السياسة بشكل أكثر احترافية؟ هذا ما تجيب عنه منصة الشرق أكاديميا.
لماذا أكاديمية الشرق؟
تقدّم منصة الشرق أكاديميا تعريفاً موجزاً لنشاطها عبر صفحتها على فيسبوك بأنها تهدف إلى الإسهام في نشر المعارف المتعلقة بالعلوم الاجتماعية والإنسانية، في أوساط الناشطين والفاعلين المجتمعيين، بما ينعكس إيجابياً على احترافية وكفاءة أنشطة ومبادرات المجتمع المدني بإقليم الشرق.
وتستهدف الشرق أكاديميا، بحسب مديرها محمد عفان، الشباب الناشطين في المجتمع والسياسة، والذين هم بحاجة إلى دعم أكاديمي لمساعدتهم على التقدم بشكل أفضل. ويؤكد عفان أن أحد الأهداف الرئيسية لمنصة الشرق أكاديميا، الذي لا ينفصل عن أهداف منتدى الشرق الذي تُعد الأكاديمية أحد مشاريعه، هو "تعزيز التفاهم والمعرفة المتبادلة بين الفرقاء في منطقة الشرق، بعيداً عن الصور النمطية المتداولة".
توفر منصة الشرق الأكاديمية، إذاً، طريقة لتعلم العلوم الاجتماعية بطريقة مبسطة، واحترافية في ذات الوقت، بحيث تفيد الفاعلين من غير دارسي العلوم الاجتماعية والسياسية، وتتناول المقررات التي تقدمها الشرق أكاديميا لطلابها قضايا مثل علاقات الدين بالدولة، والعلاقات المدنية العسكرية، وكذلك مقررات عن اللاعبين في منطقة الشرق من غير العرب، مثل الإيرانيين والأتراك والأكراد.
ما الذي يميز الشرق أكاديميا؟
وتتميز منصة الشرق أكاديميا عن منصات التعليم الإلكتروني العربية الحالية بكونها تركز مقرراتها بالأساس على العلوم الاجتماعية، في منطقة محددة هي منطقة الشرق.
يقول محمد عفان إن الشرق أكاديميا لا تقدم دورات تدريبية في الفيزياء أو الإدارة أو علوم الكمبيوتر، لأن "الهدف واضح، والشريحة المستهدفة واضحة".
فضلاً عن ذلك، تتميز الشرق أكاديميا بالسهولة في التسجيل والاستخدام، فلا يحتاج الدارس إلى خبرات معقدة للتسجيل في المقررات والبدء فيها، مروراً بالحوار مع الأساتذة والزملاء المشاركين في نفس المقرر عن طريق منتدى مخصص للنقاش، وحتى الاختبار النهائي.
منصة الشرق أكاديميا كذلك مجانية بالكامل، سواء الدراسة أو الاختبارات والشهادات، ورغم أنها في مرحلة الإطلاق التدريبي، إلا أنها اجتذبت حتى الآن أكثر من 2200 دارس قاموا بالتسجيل في المقررات المختلفة.
ومن أكثر الميزات التي تقدمها منصة الشرق أكاديميا، خلافاً لأي منصة تعليمية أخرى، هي إتاحتها الفرصة لدارسي العلوم الاجتماعية وأساتذتها، باقتراح مقررات دراسية يمكنهم تدريسها، وكذلك إتاحة الفرصة للطلاب لاقتراح مقررات يعتقدون أنهم بحاجة إليها. يقول عفان "بهذه الطريقة نلبي الاحتياجات الأكاديمية للمستخدمين"، ويتابع مؤكداً أن المنصة بدأت بالفعل في استقبال اقتراحات الطلاب والمدرسين، وسيتم إنتاج بعض هذه المقترحات في مقررات لاحقة "لدينا مقرر عن السياسات السيبرية Cyber Politics، سنقدمه بناء على مقترح من أحد المحاضرين".
وخلافاً لجميع المنصات الإلكترونية الأخرى، تذهب الشرق أكاديمياً خطوة أبعد بتنظيمها مدرسة صيفية للطلاب المتميزين المشاركين في المقررات المختلفة، لإتاحة الفرصة لهم للتعرف على المحاضرين عن قرب، وكذلك للتعرف على زملائهم وتكوين شبكات من الفاعلين المميزين أكاديميًا.
برامج احترافية مع جامعات عريقة
على الرغم من أنها لا تزال في الفترة التجريبية، تتيح الشرق أكاديميا حتى الآن 16 مقرراً، يقدمها أساتذة من 8 دول باللغتين العربية والإنكليزية مع توفير ترجمات بالعربية للمحاضرات الإنجليزية.
أما المحاضرون الذين يشاركون في الشرق أكاديميا فقد جاؤوا من خلفيات متباينة، يقدم باحث الدكتوراه في جامعة كامبريدج باتريك ميلتون مقرراً سياسياً بعنوان "دروس من ويستفاليا للشرق الأوسط"، فيما تقدم الباحثة التركية زينب جوشكن، التي درست في جامعة كامبريدج كذلك مقرراً عن القومية.
ومن بين المقررات التي تقدمها الشرق أكاديميا مقرر عن الفكر السياسي الإسلامي، وآخر عن الموارد الاقتصادية في إقليم الشرق، وكذلك مقررات عن الاستعمار والدولة الحديثة والنظم السياسية في المنطقة، ويضم كل مقرر من هذه المقررات مراجع ومصادر ومواد فيلمية متاحة للطلاب.
وتتكون المقررات عادة من 3-4 ساعات، تنقسم إلى محاضرات لا تتعدى الواحدة منها -في الغالب- 25 دقيقة.
وبحسب عفان، تستهدف منصة الشرق أكاديميا أن تكون منصة معتمدة بالشراكة مع جامعات كبرى. ولذلك ستعلن المنصة قبل إطلاقها الرسمي عن مجلس أمناء أكاديمي يتكون من أساتذة من معظم دول المنطقة للإشراف على أنشطة المنصة ومقرراتها.
وعلى الرغم من إطلاقها قبل قرابة خمسة أشهر، استطاعت الشرق أكاديميا اجتذاب الآلاف من المتابعين، فخلاف أكثر من 2200 طالب مسجل، يتابع صفحة الشرق أكاديميا على فيسبوك أكثر من 40 ألف شخص، بخلاف أكثر من 4500 متابع على موقع تويتر.
ويمكنك الاشتراك في منصة الشرق أكاديميا والتسجيل في مقرراتها بعد الاطلاع على هذا الفيديو التوضيحي:
ومنتدى الشرق الذي تتبعه المنصة هو مؤسسة عالمية مستقلة، تهدف إلى ترسيخ قيم التواصل والحوار والديمقراطية بين أبناء منطقة الشرق، والمساهمة في بناء مستقبل مستقر سياسياً ومزدهر اقتصادياً، من خلال تنمية الوعي السياسي وتبادل الخبرات وتحديد الأولويات بالإضافة إلى تعزيز الفهم المتبادل بين المنطقة ومحيطها الدولي.
