بعد أن سمع سكان الغوطة الشرقية بقرار مجلس الأمن القاضي بفرض هدنة على جميع الأطراف، لم ير المدنيون أي تطبيق له على أرض الواقع سوى لـ5 ساعات فقط، ثم عاد القصف من جديد لتبدأ معه محاولات لقوات النظام شن هجوم بري على أكثر من محور.
وقال ناشطون سوريون من داخل الغوطة، الأحد 25 فبراير/شباط 2018، إن قوات النظام تشن هجوماً برياً مدعوماً بقصف جوي وصاروخي مزدوج على محور بلدتي حزرما والزريقية.
كما أكدوا أن اشتباكات عنيفة بين الفصائل وقوات النظام وقعت بعد قرار الهدنة، وذلك بعد محاولة قوات النظام اقتحام مدينة حرستا في الغوطة الشرقية.
وكان مراسل قناة الجزيرة في الغوطة الشرقية محمد الجزائري أفاد أيضاً أن المعارك مستمرة بين قوات النظام والمعارضة بأطراف الشيفونية بالغوطة الشرقية، وذلك بعد أن هاجمت قوات النظام موقعاً للمعارضة في البلدة في محاولة للتقدم نحو الغوطة الشرقية، وذلك بعد صدور قرار مجلس الأمن.
وتجددت غارات النظام السوري صباح الأحد على الغوطة الشرقية، رغم قرار تبناه مجلس الأمن الدولي مساء السبت يطلب هدنة "من دون تأخير" في معقل فصائل المعارضة المحاصر، حسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "استؤنفت عند الساعة السابعة والنصف صباحاً الغارات الجوية بغارتين على منطقة الشيفونية في ضواحي دوما" في الغوطة الشرقية حيث قتل نحو 519 مدنياً خلال سبعة أيام من القصف، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وكان مسعفون بمنطقة الغوطة الشرقية السورية، قد أكدوا مساء السبت أن القصف لا يهدأ لفترة من الوقت تسمح لهم بإحصاء الجثث، وذلك في واحدة من أكثر حملات القصف فتكاً في الحرب الأهلية المستمرة في سوريا منذ سبع سنوات، في الوقت الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي لهدنة إنسانية مدتها 30 يوماً.
هذا الأمر أكده أيضاً مراسل قناة الجزيرة، الذي قال إن المدينة قصفت بالبراميل المتفجرة، وأن طائرات روسية وسورية شنت غارات على مدن وبلدات في الغوطة الشرقية المحاصرة بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الأمن، بينما وصل عدد قتلى الغوطة أمس السبت إلى 54 مدنياً.
إلا أن مواقع موالية للنظام في المقابل قالت إن القصف استهدف مواقع لجبهة النصرة.
حراك دولي
سياسياً يجري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول تطبيق وقف إطلاق النار الذي طالب به قرار دولي في سوريا، على ما أعلن قصر الإليزيه في بيان نشرته وكالة رويترز.
وستتركز هذه المحادثات التي أعلن عنها بعد تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على قرار لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في سوريا على "تنفيذ هذا القرار وخريطة الطريق السياسية المطلوبة لتحقيق سلام دائم في سوريا"، بحسب بيان الرئاسة الفرنسية.
وإذ وصف قصر الإليزيه القرار الدولي بأنه "خطوة أولى ضرورية"، حذر "سنكون يقظين للغاية خلال الساعات والأيام المقبلة بشأن تطبيقه العملي" مؤكداً أنه "من الواجب احترام" الهدنة و"يجب أن تتمكن القوافل الإنسانية من الوصول بدون إبطاء إلى البلدات الأكثر تضرراً جراء أعمال العنف وانقطاع (المواد الغذائية والأدوية)، ويجب أن تطبق عمليات الإجلاء الطبية العاجلة بدون عوائق".
وندد البيان بـ"عمليات القصف العشوائية التي ينفذها النظام السوري" مشيراً إلى أن "الحاجات الميدانية هائلة ولا سيما في منطقة الغوطة شرق دمشق".
وأكدت الرئاسة الفرنسية أن "على جميع الدول المعنية أن تتحرك من أجل التطبيق التام للالتزامات التي قطعت خلال الأيام التالية، بدءاً بالجهات الضامنة لـ(اتفاق) أستانا، روسيا وتركيا وإيران".
قرار مجلس الأمن
ووافق مجلس الأمن الدولي اليوم على قرار يدعو لهدنة 30 يوماً في سوريا، للسماح بدخول المساعدات والإجلاء الطبي. وأيدت روسيا الحليفة لسوريا القرار بعد سلسلة مفاوضات في اللحظة الأخيرة.
وصار جيب الغوطة أحدث نقطة بارزة في الحرب، بعد سلسلة من الهزائم التي منيت بها المعارضة، والتفاوض على عمليات انسحاب. واستعادت قوات النظام السيطرة على المدن الرئيسية في غربي سوريا، بمساعدة جماعات مسلحة مدعومة من إيران تحت إسناد من الطائرات الروسية.
وتعهَّدت المعارضة في الغوطة الشرقية بعدم القبول بمثل هذا المصير، مستبعدة نوعاً من الإجلاء الذي أنهى وجود المعارضة في حلب وحمص بعد حصار مرير.
وتُلقي روسيا باللوم على مقاتلي النصرة، المنتمين إلى الفرع السوري السابق لتنظيم القاعدة، فيما آل إليه الوضع في الغوطة. في المقابل، يتهم الفصيلان الإسلاميان الرئيسيان أعداءهما باستخدام وجود عدد قليل من المسلحين المتشددين، يقدر ببضع مئات، ذريعة للهجمات.