تراجعت المملكة العربية السعودية بضغطٍ من الولايات المتحدة، وسمحت بإدراج باكستان على قائمةٍ دولية لمراقبة تمويل الإرهاب، وفقاً لما ذكره مسؤولون من بلدانٍ معنية بالقرار، الجمعة 23 فبراير/شباط، الأمر الذي يُوجِّه ضربةً للاقتصاد المتعثر في البلد الواقع بجنوب آسيا، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
ويُعَد قرار مجموعة العمل المالي بإدراج باكستان على هذه القائمة جزءاً من حملةٍ تقودها إدارة ترامب لمعاقبة إسلام آباد، على ما ترى أنَّه تقاعسٌ عن التحرك ضد الإرهابيين النشطين على أراضيها. وكانت واشنطن قد أعلنت، الشهر الماضي، حجب ملياري دولار من المساعدات الأمنية لباكستان.
وقرَّرت المجموعة المتكتمة أيضاً عدم حذف إيران من القائمة، بعدما كادت حملةٌ من طهران لحشد الدعم الأوروبي أن تحصل على زخمٍ كافٍ في الأسابيع السابقة للاجتماع. وفي وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، هدَّد نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالانسحاب من الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 إذا لم تُمنَح البنوك الكبرى الضوء الأخضر للاستثمار في بلاده، وهو التهديد الذي قال محللون إنَّه على الأرجح كان في جزءٍ منه إشارةً إلى قائمة تمويل الإرهاب، بحسب الصحيفة الأميركية.
باكستان تتهم أميركا بتسييس القائمة
تقول باكستان إنَّها قامت بعملياتٍ ناجحة لمكافحة الإرهاب، ولم تترك أي ملاذاتٍ للمتشددين على أراضيها، وإنَّها تعتقد أنَّ خطوة الولايات المتحدة سياسية، وستُقوِّض قدرتها على اتخاذ مزيدٍ من الإجراءات.
وبحسب الصحيفة الأميركية على الأرجح ستجعل عملية الإدراج هذه حصول باكستان على القروض أكثر كلفة، ويتطلَّب مزيداً من التدقيق في المعاملات المصرفية الدولية، وسيضيف هذا مزيداً من الروتين بالنسبة للمُصدِّرين. وقد يضر كذلك بآفاق الاستثمار الأجنبي المباشر، في الوقت الذي كانت باكستان تسعى فيه لإعادة رسم صورتها الدولية باعتبارها دولة "طبيعية" ووِجهةً للأعمال.
وقال مايكل كاسي الشريك في شركة كيركلاند آند إليس للمحاماة والمتخصص في العقوبات والتمويل غير المشروع: "في ضوء الإدراج على القائمة، ربما تخرج بعض الشركات الغربية من باكستان، وتخلص إلى أنَّ فوائد العمل هناك لا تُبرِّر زيادة تكاليف التحوُّط والمخاطر التنظيمية المصاحبة".
السعودية وتركيا والصين رفضت القرار
وفي اجتماع الهيئة في باريس، انضمت السعودية إلى الصين وتركيا، الثلاثاء الماضي 20 فبراير/شباط، في رفض المقترح الذي تقوده الولايات المتحدة لإدراج باكستان على قائمة المراقبة، في اختلافٍ نادر مع إدارة ترامب. كانت السعودية تمثل كتلة مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ستة بلدان خليجية.
وفي خطوةٍ غير معتادة، دفعت واشنطن باتجاه تصويتٍ ثانٍ على المسألة في وقتٍ متأخر من مساء الخميس، 22 فبراير/شباط، بعدما التقى مسؤولون أميركيون ممثلي الرياض لتذكيرهم بالشراكة الواسعة بين بلديهما. وبعدما تخلَّت السعودية عن دعم باكستان، تخلَّت الصين عن اعتراضها، وفقاً لمسؤولين يُمثِّلون أعضاء في لجنة العمل، بحسب الصحيفة الأميركية.
ولم يُعلِّق مسؤولون من الصين -التي اقتربت من باكستان أكثر ببرنامج استثماراتٍ تبلغ قيمته 55 مليار دولار- على الفور على المسألة.
وقال راج شاه المتحدث باسم البيت الأبيض يوم الخميس: "للمرة الأولى نُحاسب باكستان على أفعالها. شهدنا تقدُّماً بسيطاً فيما يتعلَّق باعتراف باكستان حقيقةً بتلك المخاوف، لكنَّ الرئيس غير راضٍ عن التقدُّم حين يتعلَّق الأمر بباكستان"، بحسب الصحيفة الأميركية.
لكن في حين سحبت السعودية والصين دعمها، استمرت تركيا في دعمها لباكستان.
وقال وزير الداخلية الباكستاني أحسن إقبال، على حسابه بتويتر: "شكراً تركيا لوقوفك إلى جانب باكستان رغم كل الصعاب، وإثبات أنَّنا كيانٌ واحد. إنَّنا فخورون بأنَّ لنا شقيقاً مثلكم".
السعودية لم تعلق
وبحسب وول ستريت جورنال لم يصدر أي تعليقٍ على الفور من السعودية، لكنَّ المملكة تُعَد شريكاً وثيقاً لباكستان، مثلما هو الحال مع الولايات المتحدة. وقالت باكستان هذا الشهر إنَّها سترسل ما يصل إلى 1600 جندي إلى السعودية للتدريب وتقديم المشورة.
وقالت باكستان إنَّها تعتقد أنَّ الضغط من منافستها الهند كان حاضِراً ضدها في اجتماع لجنة العمل، الذي انتهى الجمعة. فقال رانا أفضل خان وزير الدولة الباكستاني للشؤون المالية، إنَّ "هذا الأمر كان برعايةٍ هندية". ولم يصدر تعليقٌ فوري من نيودلهي على الأمر.
وأسهم في رعاية المقترح كلٌّ من بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وعددٌ من حلفاء الولايات المتحدة الآخرين.
وعلى الرغم من قرار لجنة العمل إضافةَ باكستان إلى القائمة، فإنَّ عملية التطبيق تعني أنَّ إسلام آباد لن تُدرَج رسمياً حتى الصيف القادم.
وفي محاولةٍ على ما يبدو لتجنُّب إدراجها على القائمة، بدأت باكستان قبل أيامٍ من الاجتماع حملةً على جماعة الدعوة، وهي المجموعة المسلحة التي تُحمِّلها الأمم المتحدة مسؤولية هجوم 2008 على مدينة مومباي الهندية، الذي أسفر عن مقتل 166 شخصاً. وقالت باكستان إنَّها صادرت نحو 200 من الأصول المملوكة للجماعة، وأصدرت قانوناً لحظرها، بعد عشر سنواتٍ من حظر الأمم المتحدة للجماعة، بحسب الصحيفة الأميركية.
وتتهم واشنطن الجيش الباكستاني بدعم مجموعاتٍ جهادية مثل جماعة الدعوة ضد الهند، وتقول إنَّ حركة طالبان وشبكة حقاني المتحالفة معها تستخدمان باكستانٍ كملاذٍ لهما. لكنَّ باكستان تقول إنَّ طالبان لا تحتاج إلى ملاذٍ آمن فيها، لأنَّ معظم الأراضي الأفغانية تخضع لسيطرتها، وحثَّت على إجراء محادثات سلام مع الحركة المتمردة.