خضع رجلٌ فرنسي يبلغ 29 عاماً للمحاكمة، الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2018، في إحدى ضواحى باريس، بعد اتهامه بالاعتداء جنسياً على فتاة تبلغ 11 عاماً، في قضية أثارت جدلاً حول سنِّ الموافقة على ممارسة الجنس في فرنسا، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
ولا تمتلك فرنسا سناً قانونية لا يمكن لمن هم دونها أن يوافقوا على الدخول في علاقةٍ جنسية، على الرغم من أنَّ المحكمة العليا في البلاد حكمت بأنَّ الأطفال في سن الخامسة وما دونها لا يمكنهم الموافقة على ذلك. ويجادل محامو المتهم بأنَّ الفتاة كانت موافقة وواعية لِمَا كانت تفعله، في حين قال محامو الفتاة إنَّها كانت ببساطة أصغر وأكثر ارتباكاً من أن ترفض.
وفي قرارٍ صدم الكثيرين، قرَّر مكتب المُدَّعي العام في بلدة بونتواز إخضاع الرجل للمحاكمة، ليس بتهمة الاغتصاب، بل بتهمة "الاعتداء الجنسي على قاصر تحت 15 عاماً".
ويقول محامو الدفاع إنَّ الرجل والفتاة التقيا في حديقة، وتبعته الفتاة طواعيةً إلى شقة، ووافقت على ممارسة الجنس. وقالوا أيضاً إنَّ موكلهم، الذي كان آنذاك يبلغ 28 عاماً، اعتقد أنَّ الفتاة كانت تبلغ 16 عاماً على الأقل.
شكوى اغتصاب
وقدَّمت عائلة الفتاة شكوى اغتصاب في بلدة مونماغني، لكن يبدو أنَّ المُدَّعين العامين شعروا أنَّ المتهم لم يستخدم العنف أو الإجبار. ويُعرِّف القانون الفرنسي الاغتصاب باعتباره إيلاجاً تم "بالعنف، أو الإجبار، أو التهديد، أو المباغتة".
وقال مارك غودارزيان، محامي الدفاع، الثلاثاء: "كانت تبلغ 11 عاماً و10 أشهر، أي 12 عاماً تقريباً. هذا يُغيِّر الأمر. فهي إذن ليست طفلة".
وذهبت زميلته ساندرين باريس هايدغر أبعد من ذلك، قائلةً: "لا نتعامل مع معتدٍ جنسي على ساذجة مسكينة صغيرة لا شائبة فيها".
وقالت إنَّ مجرد كون الأطفال لديهم "تعبيرٌ جنسي ولديك توجه لأن تضع نفسك في خطر"، فإنَّ "هذا لا يعني بالضرورة أنَّ الشخص الآخر معتدٍ جنسي".
انتصار للضحية
هذا وقالت مجموعات حقوق الأطفال وطبيبٌ نفسيّ يدلون بشهاداتهم في القضية رأياً مختلفاً. وطلبت كارين ديبو، محامية العائلة، من المحكمة الثلاثاء تغيير الاتهام إلى اغتصاب.
وقالت أرميل لو بيغو ماكو، رئيسة مجموعة COFRADE، وهي مجموعة شاملة لحقوق الأطفال، إنَّ المتهم "كان يعرف جيداً أنَّها طفلة. مجتمعنا الفرنسي اليوم لا يحمي هذه الطفلة الصغيرة".
وفي حال إدانته بالاعتداء الجنسي، سيواجه المتهم -وهو أب لطفلين- ما يصل إلى 5 سنوات في السجن. ويُعاقَب على اغتصاب القُصَّر دون سن 15 عاماً بالسجن لما يصل إلى 20 عاماً.
وقال رئيس المحكمة، إنَّ المدعي العام اختار الاتهام الخاطئ، وأمر بإعادة القضية إلى المحققين لإجراء تحقيقٍ شامل. نتيجة لذلك، أُجِّلت المحاكمة.
وصرَّحت كارين ديبو للصحفيين: "هذا انتصار. الأمر الرئيسي هو أنَّ الفتاة يمكن على الأقل الاستماع إليها كضحية اغتصاب.. يمكننا القول إنَّه انتصارٌ للضحايا".
وقال غودارزيان، محامي الدفاع، إنَّ قرار المحكمة هو نتيجة للدعاية الواسعة التي حصلت عليها القضية.
وتُعَد قضية موماغني واحدةً من بين العديد من القضايا التي أثارت ضجة بشأن القوانين الفرنسية المتعلِّقة بالمعتدين الجنسيين على الأطفال، والتي تعتبرها مجموعات حقوق الأطفال والنسويون متساهلة للغاية.
وطرحت حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون مشروع قانون لوضع حدٍّ أدنى للسن القانونية اللازمة للموافقة على الدخول في علاقة جنسية. وسيتضمَّن حكماً ينص على أنَ ممارسة الجنس مع الأطفال دو سنٍّ معينة يُعَد إجباراً بحكم التعريف.
ولم يُحدَّد الحد الأدنى للسن المقترحة، لكن الحد الفاصل قد يكون بين 13 و15 عاماً. ويُتوقَّع أن يُقدَّم مشروع القانون، الذي يُعَد إجراءً واسع النطاق يهدف لمحاربة "العنف الجنسي"، للحكومة الشهر المقبل، مارس/آذار.
وتسبَّبت قضية شبيهة في حالة استنكار وغضب. ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، برَّأت محكمة جنايات فرنسية رجلاً يبلغ 30 عاماً، كان متهماً باغتصاب فتاة تبلغ 11 عاماً في عام 2009. ووجدت هيئة المحلفين في منطقة سان إي مارن في باريس، أنَّ الرجل لم يستخدم العنف أو الإجبار.