خرجت التوترات المتزايدة بين تركيا والولايات المتحدة الأميركية إلى العلن، الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني 2018، بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إن ترامب حذَّر أردوغان من تزايد خطر نشوب نزاعٍ عسكري بين البلدين. ومن جانبه، طالب الرئيس التركي بأن تتوقف الولايات المتحدة عن دعمها للميليشيات الكردية.
تحدَّث الرئيسان تلفونياً بينما تهاجم القوات التركية الميليشيات الكردية في سوريا. وقال مسؤولون أميركيون إنَّهم يشعرون بقلقٍ متزايد من أن تُقوَّض العملية العسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) نتيجة لهذه المواجهة العسكرية الجديدة في سوريا، التي دمرتها الحرب المستمرة منذ 7 سنوات تقريباً.
بيان البيت الأبيض
وقال البيت الأبيض واصفاً ما جرى في المكالمة الهاتفية، إنَّ ترامب "حثَّ تركيا على توخي الحذر، وتجنب أي أفعال قد تؤدي لمواجهةٍ عسكرية بين القوات التركية والأميركية. وأنَّه أعاد التأكيد على أنَّ البلدين يجب أن يركّزا جهود كل الأطراف على الهدف المشترك لهزيمة داعش بشكلٍ نهائي".
وقال البيت الأبيض إنَّ ترامب أعرب عن قلقه خلال المحادثة الهاتفية بشأن "الخطابات الهدامة والكاذبة الصادرة عن تركيا"، حسب تعبيره.
جاءت نبرة ترامب الحادة في حديثه مع أردوغان مُخالِفةً تماماً للبيان الموجز الذي أصدره البيت الأبيض في اليوم السابق، الذي أشار فيه مسؤولون بارزون بالإدارة الأميركية إلى أنَّ الولايات المتحدة ستنحاز إلى تركيا العضوة في حلف الناتو في نزاعها مع القوات الكردية، التي قاتلت تنظيم داعش بدعمٍ مباشر من واشنطن.
بيان أنقرة
ولكن على الجانب التركي، ذَكَرَ مصدر الخميس 25 يناير/كانون الثاني 2018، أن البيان الذي أصدره البيت الأبيض فيما يخص الاتصال الهاتفي بين أردوغان وترامب لا يعكس بدقة محتوى المحادثة.
وقال المصدر "الرئيس ترامب لم يتبادل المخاوف بشأن تصعيد العنف فيما يتعلق بالعملية العسكرية الحالية في عفرين"، في إشارة إلى أحد التعليقات الواردة في ملخص البيت الأبيض لما دار في الاتصال، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
وأضاف المصدر "مناقشة الزعيمين لعملية غصن الزيتون اقتصرت على تبادل وجهات النظر".
ويحلم أكراد المنطقة -وخاصةً في تركيا والعراق وسوريا- بإنشاء دولةٍ مستقلة، بينما يسعون للحصول على مزيدٍ من الحقوق السياسية والثقافية.
وفي خطابٍ يوم الأربعاء 24 يناير/كانون الثاني 2018، قال أردوغان إنَّه لا فرق بين داعش والميليشيات الكردية، وشكَّك في "إنسانية هؤلاء الذين يتهمون تركيا بغزو سوريا، ويدعمون منظمةً يدها مُلطَّخة بدماء عشرات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن والأبرياء".
ويستهدف الهجوم التركي المستمر بالأساس بلدة عفرين على الحدود السورية التي تسيطر عليها القوات الكردية. وقالت الأمم المتحدة إنَّ النزاع الأخير في المدينة تسبَّب في نزوح نحو 5 آلاف شخص على الأقل من منطقة عفرين والمناطق المجاورة. وجديرٌ بالذكر أنَّه بين قاطني المدينة البالغ عددهم 323 ألف شخص بعضهم فقط من الأكراد، أتى أكثر من الثلث إلى المدينة بعد نزوحهم من أماكنَ أخرى في سوريا.
وبينما يسعى البيت الأبيض للموازنة بين علاقاته بتركيا والأكراد في سوريا، استمر البنتاغون في دعمه للميليشيات الكردية التي قاتل بجانبها في شرقي سوريا، بحسب ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
وفقاً لمسؤولين عسكريين أميركيين بارزين، لم تكن القوات الأميركية في سوريا البالغ عدد أفرادها 2000 شخص لتتمكن من الاستمرار في تأدية أي دورٍ فعال لولا الدعم اللوجستي الذي قدمته القوات الكردية. ومن المنتظر أن تؤدي الميليشيات الكردية دوراً محورياً في الأشهر القادمة، في هزيمة الجيوب الأخيرة التي يختبئ بها المئات من مقاتلي داعش في سوريا.
ولجأت الولايات المتحدة إلى القوات الكردية عندما فاجأ تنظيم داعش العالم في يونيو/حزيران 2014، واستولى على الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، واجتاح بعدها معظم سوريا. وبتحطُّم الجيش العراقي وانشغال الجيش السوري بقتال فصائل المعارضة، أصبحت الميليشيات الكردية أكثر القوات البرية المتاحة لقتال المتطرفين جدارةً بالثقة.