اختتم مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، زيارته إلى الشرق الأوسط الثلاثاء، 23 يناير/كانون الثاني 2018، التي استغرقت أربعة أيام، عبر زيارة إلى أحد أقدس المواقع اليهودية، إذ يرمز مثل هذا الختام إلى أن الزيارة عززت من علاقات الإدارة الأميركية مع إسرائيل، إلا أنها على الصعيد الآخر وسعت الانشقاق مع الإدارة الفلسطينية.
ووفق ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، فقد بدت آفاق استعادة عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية -وهو هدف قال عنه بنس إنه يعتقد أنه لا يزال يمكن تحقيقه- بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى يوم الثلاثاء. وأخبر مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض الصحفيين أنه لم يكن هناك أي تواصل مع الإدارة الفلسطينية منذ إعلان ترامب في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.
وحظي بنس بترحيب حار من جانب الإسرائيليين، إذ التقى برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتحدث أمام النواب داخل الكنيست. لكن المسؤولين الفلسطينيين تجاهلوا الزيارة تجاهلاً ملحوظاً، بدلاً من المطالبة بإضراب وطني واحتجاجات شعبية. ففي غزة، قال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن زيارة بينس "غير مرحب بها". كما دعا الفصائل الفلسطينية للاتحاد والاتفاق على "كافة أشكال المقاومة".
مستعدة للانخراط بعملية السلام
وقال مسؤول البيت الأبيض، الذي أحاط الصحفيين بشأن التواصل مع الإدارة الفلسطينية بشرط عدم الإفصاح عن هويته نظراً للطبيعة الحساسة لعملية السلام، إن الولايات المتحدة لا تزال تكرس جهودها من أجل السلام "ومستعدة للانخراط وقتما يكونون كذلك".
وقال إنه على الرغم من أن "الولايات المتحدة تعترف الآن بالقدس عاصمة، فإن إدارة ترامب تؤكد على أن الحدود المحددة لسيادة إسرائيل على القدس سوف يجري العمل عليها بين الجانبين وأنها قضية وضع نهائي".
واعتبر الإسرائيليون زيارة بينس إلى حائط البراق يوم الثلاثاء أنها تصريحٌ قويٌ، وتأكيدٌ متواصلٌ على المواءمة الوثيقة لإدارة ترامب مع الدولة اليهودية. يعد بينس ثاني الشخصيات البارزة في الإدارة الأميركية التي تزور حائط البراق في أقل من عام. ففي مايو/أيار، أصبح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول رئيس أميركي يزور الحائط في قلب مدينة القدس القديمة أثناء توليه منصبه.
على الرغم من أنه من المعتاد أن تزور كبار الشخصيات حائط البراق -وهو الحائط الخارجي لجبل المعبد وفقاً للمعتقد لليهودي والحرم الشريف وفقاً للمعتقد الإسلامي- فقد أرجأ القادة الأميركيون الزيارة نظراً لأن ذلك الجزء من القدس يبرز فوق منطقة ذات تنازع وحساسية شديدين ضمن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
وقال بيان نشرته مؤسسة "الحفاظ على تراث حائط المبكى (البراق)" الإسرائيلية، التي تدير الموقع المقدس، إن بنس تلا مزامير داوود وترك مذكرة خاصة إلى داخل الحائط، وهي ممارسة معتادة لليهود الذين يعتقدون أنه مكان يسمع فيه الله الصلوات.
وعندما سأله أحد الصحفيين الإسرائيليين بما شعر به، أجاب نائب الرئيس قائلاً "شعرت بالإلهام".
استقبال بحماسة كبيرة
واستقبل القادة الإسرائيليون زيارة بنس التي استمرت ليومين -زار قبلها مصر والأردن خلال جولته- بحماسة كبيرة، فقد اعتاد هؤلاء خلال السنوات الأخيرة على نهج أكثر انتقاداً من إدارة الرئيس أوباما.
وقال يسرائيل كاتز، وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيلية "إن بنس، نائب الرئيس، أثبت مرة أخرى صداقته الحقيقية مع الشعب الإسرائيلي ودولة إسرائيل".
تحدث بنس أمام المشرعين في الكنيست مستشهداً ببعض آيات التوراة. وقال أيضاً إن الولايات المتحدة سوف تسرّع من إجراء نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، ممتدحاً ضمن حديثه خطوة الرئيس ترامب التي اعتبرها تصحيحاً لـ"خطأ يبلغ عمره 70 سنة".
وكان بنس، المسيحي الإنجيلي، أحد القوى الكامنة وراء قرار الإدارة بشأن القدس، فضلاً عن أنه ظهر مع ترامب خلال إعلان الرئيس عن هذه الخطوة. وقد ذهب لأبعد مما ذهب إليه ترامب في تصريحاته السابقة، واصفاً القدس بأنها عاصمة إسرائيل الموحدة وغير المقسمة.
وقال بنس "في الأسابيع القادمة، سوف تمضي إدارتنا قدماً في خطتها لفتح السفارة الأميركية في القدس. وأضاف أن السفارة الجديدة سوف "تفتتح في العام القادم".
ويرجح أن يؤدي قرار تسريع نقل السفارة إلى مزيد من إلهاب الفلسطينيين، الذين يعتبرون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية ويقولون إن رئاسة ترامب عُرفت بإرسال التهديدات إليهم والحوافز والمكافآت إلى إسرائيل.
وقضى محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، يوم الإثنين في إجراء مقابلات مع قادة الاتحاد الأوروبي. ويركز عباس حالياً على التعبئة من أجل اعتراف أحادي لدولة فلسطينية على حدود 1967، أو على الأقل إيجاد وسيط جديد لعملية السلام.
وقال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس دائرة شؤون المفاوضات، إن بينس قدّم "هدية إلى المتطرفين".
وأضاف قائلاً "إن الإدارة الأميركية تعد جزءاً من المشكلة بدلاً من الحل". مضيفاً أن رسالته "واضحة إلى باقي العالم: انتهكوا القانون الدولي والقرارات الدولية، وسوف تكافئكم الولايات المتحدة".