في الوقت الراهن، يتنافس كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية على تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط. ففي حين يتملق نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس الحكومة الإسرائيلية، استقبل الاتحاد الأوروبي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس.
عموماً، يبدو الخلاف بين الطرفين فيما يتعلق بعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط عميقاً، وفق ما ذكرت صحيفة spiegel الألمانية.
ففي الوقت الذي يرى فيه العديد من الأطراف أن تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط يتطلب تعاوناً بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، نشب يوم الإثنين الماضي خلافٌ بين الطرفين في هذا الصدد.
مساء يوم الإثنين، ألقى نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، خطاباً أمام الكنيست الإسرائيلي أعلن فيه نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى مدينة القدس في سنة 2019. وفي وقت سابق، خلق الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، من خلال قراره القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل موجة من الاحتجاجات في منطقة الشرق الأوسط.
ونسف هذا القرار المثير للجدل جهود السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وقد حطم بنس بخطابه أمام الكنيست آمال كل الجهات التي كانت ترجو تأجيل قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس أو العدول عنه.
في الوقت نفسه، ظهرت كل من الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمام عدسات الكاميرا في مقر الاتحاد الأوروبي ببروكسل. وخلال لقائها بعباس، أعلنت ممثلة الاتحاد الأوروبي عن دعم بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. من جهته، دعا عباس الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين بشكل عاجل. في وقت لاحق، غادر كل من موغيريني وعباس مقر الاتحاد الأوروبي لتناول الغداء برفقة وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
في حقيقة الأمر، وجه الاتحاد الأوروبي دعوة للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بهدف الظهور في ثوب الطرف المحايد من النزاع، خاصة بعد أن حضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي دون دعوة رسمية.
بنس يقف في صف نتنياهو
من جانبه، صرح بنس متوجهاً للإسرائيليين: "نحن نقف في صف إسرائيل نظراً لأن قضيتكم قضيتنا، فضلاً عن أننا نشترك معكم في القيم ذاتها". وأردف بنس أن "كل موقف لا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل يعد غير مقبول".
وخلال خطاب بنس، بادر النواب العرب بالكنيست الإسرائيلي بالتنديد بالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، ليطردوا من القاعة على خلفية هذا الاحتجاج. في الأثناء، أثار القرار الأميركي موجة من الاحتقان خارج الكنيست الإسرائيلي. وقد أورد كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أن "الولايات المتحدة الأميركية تعد جزءاً من المشكل".
خلافاً لذلك، يعتبر الاتحاد الأوروبي أن الولايات المتحدة الأميركية طرف فاعل في عملية السلام في الشرق الأوسط. في هذا الصدد، أوردت ممثلة الاتحاد الأوروبي موغيريني أن "الولايات المتحدة الأميركية غير قادرة على تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط بمفردها، والأمر سيان بالنسبة للمجتمع الدولي الذي لا يمكنه إحلال السلام في المنطقة دون مشاركة الولايات المتحدة الأميركية". في الحقيقة، لا تستطيع أي جهة إقناع الولايات المتحدة الأميركية بأن حل الدولتين يعد السبيل الوحيد لحل قضية القدس.
وفي حين كلف ترامب صهره، جاريد كوشنر، بمهمة الوساطة فيما يتعلق بالمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، إلا أن دول الاتحاد الأوروبي تشكك في جدارة كوشنر بالمهمة المنوطة بعهدته، نظراً إلى عدم خبرته في مجال السياسات المتعلقة بالشرق الأوسط.
الاتحاد الأوروبي يرفض مد الفلسطينيين بالمساعدات
مؤخراً، أثار القرار الأميركي بتجميد المساعدات الموجهة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين استياء الاتحاد الأوروبي. في هذا الصدد، قالت موغيريني إن "الاتحاد الأوروبي ينتظر أن تفي الولايات المتحدة الأميركية بتعهداتها تجاه الفلسطينيين خاصة وأنه لا يمكنه التدخل من أجل مد الفلسطينيين بالمساعدات المالية عوضاً عن واشنطن".
في الوقت الحالي، لا تزال مواقف الأوروبيين والأميركيين بشأن سياسة الشرق الأوسط متباينة. وفي الأثناء، يتوقع دبلوماسيون أوروبيون أن الاتحاد الأوروبي لن يتمكن من تحقيق رغبة عباس في الاعتراف بدولة فلسطين في ظل تباين مواقف وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، دعا وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى الارتقاء بالعلاقات مع الفلسطينيين من "الاتفاقية الانتقالية إلى اتفاقية الشراكة". أما بالنسبة لموقف ألمانيا حيال الاعتراف بدولة فلسطين، فقد كان متذبذباً.
في الأثناء، يظل موقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط متناقضاً خاصة وأن المفاوضات بين الطرفين فيما يتعلق بهذه المسألة لم تتخذ شكلاً رسمياً.