3 أسباب رئيسية دفعت تركيا إلى شنِّ عملية عسكرية في عفرين السورية.. فما التحديات والنتائج المحتملة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/21 الساعة 15:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/21 الساعة 15:22 بتوقيت غرينتش

أطلق الجيش التركي، السبت 20 يناير/كانون الثاني 2018، حملة عسكرية جوية وبرية، قالت أنقرة إنها تستهدف فيها مواقع لميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية في شمالي سوريا.

وأطلقت تركيا على العملية اسم "غصن الزيتون"، ويشارك فيها إلى جانب الجيش التركي مقاتلون من فصائل المعارضة السورية، فلماذا شنَّت أنقرة هذا الهجوم على مدينة عفرين، وما تحديات وتأثيرات العملية العسكرية؟

امتداد لحزب العمال الكردستاني


تعتبر تركيا ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية بمثابة امتداد سوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي تصنِّفه أنقرة إرهابياً، على غرار ما تفعل دول غربية عدة.

ولذلك تنظر تركيا إلى هذه الميليشيا على أنها تهديد لأمنها القومي، وسبق أن اتَّهمتها بقصف بلدات تركية حدودية مع سوريا مرات عدة في الأشهر الـ12 السابقة.

وهدَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مراراً بشنِّ عملية عسكرية ضد عفرين، مؤكداً أن وحدات حماية الشعب الكردية تمثل تهديداً للأمن القومي التركي.

مسؤول تركي كبير طلب عدم كشف اسمه، قال في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إن الهدف من الهجوم على شمالي سوريا هو "تحرير هذه المنطقة عبر إزالة الإدارة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية فيها".

توازن القوى في سوريا


من جانبه، قال ماكس هوفمان، المحلل في "سنتر فور أميركان بروغرس" إن تركيا "مستاءة جداً" من توازن القوى القائم حالياً في شمالي سوريا، الذي بات يميل كثيراً لصالح الأكراد ونظام بشار الأسد.

وأضاف هوفمان "أن أنقرة تخشى أن ينشأ بحكم الأمر الواقع كيان كردي معاد جداً لها في سوريا على حدودها الجنوبية".

والمعروف أن وحدات حماية الشعب الكردية تتلقى مساعدات كثيرة من قوات التحالف الدولي، وكان لها دور كبير في طرد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) من مناطق واسعة في سوريا، وخصوصاً من مدينة الرقة.

دعم أميركا للأكراد


أما المحلل العسكري التركي عبدالله اغار، إن الدعم المتزايد من واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية، خصوصاً بالسلاح "أثار قلقاً شديداً" لدى تركيا.

وتسبب هذا الدعم بتأزم في العلاقات بين أنقرة وواشنطن، ودعت تركيا الولايات المتحدة مراراً بوقف تسليح المقاتلين الأكراد المنتشرين عند حدودها الجنوبية، إلا أن واشنطن استمرت في دعمهم وقالت إنها تعتمد عليهم في مواجهة "داعش".

تحديات أمام العملية العسكرية


وتؤكد السلطات التركية أن أنقرة ستستفيد خلال حملتها العسكرية هذه في منطقة عفرين، من الخبرة التي اكتسبتها خلال توغلها الأول داخل الأراضي السورية، بين أغسطس/آب 2016، ومارس/آذار 2017، عندما واجهت تنظيم "داعش" ووحدات حماية الشعب الكردية في الوقت نفسه.

وقال المسؤول التركي الكبير لوكالة الأنباء الفرنسية: "سنستفيد من الخبرات التي راكمناها في جرابلس وأعزاز والباب". وهي ثلاث مدن انتزعتها القوات التركية من تنظيم "داعش" في تلك الفترة، في إطار ما عُرف حينها بعملية "درع الفرات".

وأوضح المحلل اغار أنه لا يتوقع أن تكون العمليات العسكرية "سهلة"، بسبب عدد المقاتلين الأكراد الكبير، واكتظاظ منطقة عفرين بالسكان المدنيين، مؤكداً في ذات الوقت أنه اتَّخذ كلَّ الاحتياطات اللازمة لتجنُّب سقوط ضحايا مدنيين.

مهمة صعبة على الأكراد


وفي رأي المحلل أرون لاند من مؤسسة "سنتشوري"، فإنه لن يكون من السهل على وحدات حماية الشعب الكردية، رغم انضباطها وشراسة مقاتليها، الوقوف بوجه حملة عسكرية واسعة للجيش التركي.

وتابع في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، أن المقاتلين الأكراد "سيقاومون الهجوم التركي بشراسة، إلا أنني لا أعرف بالتحديد نوع السلاح الذي يملكونه، لذلك سيكون من الصعب جداً صد الهجوم التركي".

وأضاف لاند أيضاً "في حال قررت تركيا النزول بقوة في هذه المعركة، وفي حال لم تتدخل روسيا ولا (الرئيس السوري بشار) الأسد، فإن ميزان القوى لن يكون لصالح الأكراد".
وأوضح أخيراً أن وحدات حماية الشعب الكردية ستسعى لحصول ضغوط دبلوماسية على تركيا لوقف هجومها.

ما تأثيرات العملية العسكرية؟


منذ بدء الهجوم التركي السبت والمحللون يتساءلون حول التداعيات المحتملة لهذا الهجوم على عملية السلام في سوريا، وعلى "مؤتمر الحوار الوطني السوري"، المقرر أن ينعقد في سوتشي في روسيا، في الثلاثين من يناير/كانون الثاني الحالي.

وكان لروسيا عدد من الجنود في منطقة عفرين بمثابة مراقبين، إلا أنها عمدت إلى سحبهم قبل بدء هجوم أنقرة، رغم أنها تقيم علاقات جيدة مع وحدات حماية الشعب الكردية.
إلا أن المحلل هوفمان يعتبر أن هذه العلاقة بين موسكو والميليشيا الكردية قد لا تتمكن من الصمود بعد الهجوم التركي.

وأضاف هوفمان أن العملية التركية "قد تزرع الشقاق" بين موسكو ووحدات حماية الشعب الكردية، مشيراً إلى بيان لحزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السياسي للميليشيا الكردية، يحمل فيه روسيا وتركيا على السواء مسؤولية الهجوم التركي.

كما اعتبر المحلل أنه في النهاية، ستكون لنتائج العملية العسكرية تأثيرات على الساحة الداخلية التركية، لا سيما أن تركيا مقبلة على انتخابات تشريعية ورئاسية في 2019.

تحميل المزيد