حملت الساعات الأولى من صباح، السبت 20 يناير/كانون الثاني 2018حدثاً سياسياً هاماً في مصر، إذ أعلن رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان، عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، في كلمة بثت عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وحظي قرار الفريق عنان، وكذلك كلمته الموجزة التي وجَّه فيها العديد من الرسائل للشعب المصري والقوات المسلحة ومؤسسات الدولة باهتمام كبير، فشاهد كلمته -عبر صفحته الرسمية فقط- ما يقرب من مليون شخص خلال 13 ساعة، وعلّق عليها آلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
ردود فعل متباينة
لقي قرار عنان بالترشح للانتخابات الرئاسية ترحيباً ودعماً من بعض الشخصيات العامة، معتبرين أنه فرصة جادة لإنهاء حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي. من بين هؤلاء الناشط السياسي حازم عبدالعظيم، الذي عمل سابقاً ضمن حملة السيسي الانتخابية في العام 2014، إذ شجع عبدالعظيم متابعيه عبر "تويتر" على تحرير توكيلات للفريق عنان.
كنت نازل اعمل توكيل غدا لخالد علي دعما لحقه في الترشح لكن علمت انه وصل لرقم جيد جدا من التوكيلات. #سامي_عنان اعلن رسميا متأخرا امس ومؤكد يحتاج لتوكيلات. من يرى في فكرة الفريق الرئاسي المدني أملا يعمل توكيل ل #سامي_عنان وبعدين نبقى نشوف.مش عايزين نضيع فرصة محتملة للإطاحة بالسيسي
— Dr. Hazim Abdelazim (@Hazem__Azim) January 20, 2018
ودخلت جماعة الإخوان المسلمين على خط الحدث، بعدما أعلن بعض أفرادها وشخصيات مقربة منها، مثل الإعلامي بقناة الشرق هيثم أبو خليل، دعم عنان ليقود مرحلة انتقالية، معتبراً أن ترشحه يلقي "حجراً هائلاً في بحيرة الحياة السياسية المصرية الآسنة المتجمّدة منذ 5 سنوات"، وهو دليل على محاولة الجيش "غسل يده من خطايا وجرائم ارتُكبت رغماً عن غالبيته".
السياسة فن الممكن والمتاح
والفرص الحقيقية
والشجرة القوية
لايهزها إلاأحد فروعها
سامي عنان
بهذا البيان القوي
يلقي حجر هائل في بحيرة
الحياة السياسية المصرية
الآسنة المتجمدة
منذ خمس سنوات!#سامي_عنان— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) January 19, 2018
ترشح الفريق سامي عنان
له بعد مهم جدا"
وهو محاولة جادة من الجيش
للمرة الثالثة بعد شفيق وقنصوة
لغسل يده من خطايا وجرائم
إرتكبت رغما" عن غالبيته ..!
وهي فرصة للشعب
أن يساعد الجيش
من التخلص من
قادة الجناح الإستئصالي الدموي!#سامي_عنان— Haytham Abokhalil (@haythamabokhal1) January 20, 2018
المفاجأة كانت إعلان أشخاص دعموا المحامي الحقوقي خالد علي للترشح للانتخابات الرئاسية في وقت سابق، عن تحويل ولائهم ودعم سامي عنان، لأن المعركة "يجب أن تكون إقصاء السيسي من خلال سامي عنان".
قبلت ب #معركة_التوكيلات ل #خالد_علي لإحياء صوت يناير في لحظة كنا متأكدين أن دي مش انتخابات مع اتهامات هبلة أن خالد ديكور .. ودلوقتي وببراجماتية تامة وبدون مراهقة مرة أخرى يجب أن تكون معركتنا هي #إقصاء_السيسي من خلال #سامي_عنان
— abdelmoneim Mahmoud (@moneimpress) January 19, 2018
وتمسّك آخرون بدعم المرشح المحتمل خالد علي، باعتبار "المعركة معركة تغيير"، وأنها أصبحت جدية بشكل يدعو من يترفعون عنها إلى التفكير مرة أخرى.
أصوات أخرى رأت أن إعلان عنان نيته الترشح للانتخابات الرئاسية لا يعني قدرته على الترشح، فالطريق ليس سهلاً بالمرة. في إشارة إلى وجود "ملفات فساد" لدى القضاء العسكري قد تدينه، بالإضافة إلى صعوبة جمع التوكيلات اللازمة للترشح خلال هذه الفترة القصيرة.
هل يُقلِق عنان السيسي؟
طرحنا هذا السؤال على محمد منتظر، المسؤول بحملة "من أجل مصر" لدعم الرئيس السيسي للترشح إلى الانتخابات، فردّ باقتضاب قائلاً: "الرئيس السيسي قال أهلاً وسهلاً بأي أحد يترشح، ولا يوجد ما يقلق الرئيس"، وطالب بتأجيل التحدث في الموضوع حتى تجتمع الحملة وتناقش الأمر.
وقال أحمد الشاعر، المتحدث الرسمي باسم حزب "مستقبل وطن" الذي يدعم الرئيس السيسي عبر 64 نائباً بالبرلمان، في تصريح خاص لـ"عربي بوست"، إن "الانتخابات الرئاسية عرس ديمقراطي، وأي شخص له الحق في الترشح للرئاسة، ومكسب للحياة الديمقراطية في مصر. ورؤية الحزب تتلخص في أن الرئيس السيسي له الأغلبية والشعبية الكاسحة في مصر، ويستطيع حسم المعركة لصالحه، ولا يوجد من يقلقه".
ورأى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أنه "لا يوجد من يستطيع إثارة قلق وتحدي الرئيس السيسي حالياً سوى الفريق عنان. ترشُّح عنان حرَّك الحياة السياسية في مصر، وإذا اكتمل سيدفع الناخب المصري إلى المشاركة بقوة في الانتخابات، لأنه إذا لم تكن هناك شخصيات وازنة ذات ثقل كعنان فستتحول الانتخابات إلى شيء آخر. بيان عنان سيؤدي إلى وجود انتخابات حقيقية في مصر".
حملة خالد علي: أهلاً بعنان
ورحّبت حملة المرشح المحتمل خالد علي، في وقت سابق، بالأخبار التي يتم تداولها عن نية الفريق سامي عنان الترشح للانتخابات، واعتبرت أن وجود أكثر من مرشح في الانتخابات المُقبلة يفتح المجال لمنافسة حقيقية.
وقال أحمد سمير، العضو في الحملة المركزية لخالد علي، إن "موقف الحملة من ترشح عنان ما زال كما هو، فترشح أي شخص، حتى ولو كان الرئيس الأسبق حسني مبارك، للانتخابات، مكسب للحياة السياسية في مصر، خاصة في الفترة الحالية".
"مشروع عنان مختلف تماماً عن مشروعنا، وبالتالي لا يقلقنا. نحن لدينا برنامج قائم على العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، نؤمن به وندعمه، وهو ليس قريباً حتى من برنامج عنان. نحن تيار مختلف عن تيار عنان، وبالتالي لا نفتت بشكل كبير في الكتلة الصوتية لبعضنا البعض، بالعكس عنان يفتت في الكتلة التصويتية للرئيس السيسي، وهذا في صالح الجميع"، يقول أحمد سمير في حديث خاص لـ"عربي بوست".
عنان وشفيق
وأعلن الفريق سامي عنان، في خطاب ترشحه، أنه كوّن فريقاً رئاسياً وصفه بـ"نواة مدنية" يشمل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حازم حسني، نائباً للرئيس لشؤون الثورة المعرفية والتمكين السياسي، ومتحدث رسمي باسمه، والرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، نائباً للرئيس لحقوق الإنسان.
وظهر اسم الدكتور حازم حسني خلال أزمة الفريق أحمد شفيق التي انتهت بإعلانه التراجع عن الترشح للانتخابات الرئاسية، بعد أن كشف أنه كان مقرباً من شفيق، وأنهما أجريا مشاورات حول ترشحه. يطرح اختيار عنان لنفس الشخص الذي كان مقرباً من الفريق شفيق شكوكاً حول وجود تنسيق غير معلن بين عنان وشفيق.
ويرى الدكتور حسن نافعة، أن "وجود الدكتور حازم حسني قرب شفيق، ثم قرب عنان لا يعني وجود تنسيق بين الرجلين. الدكتور حسني شخصية جامعية مستقلة، غير محسوبة على أي حزب، وتحركاته مع الرجلين تعني رغبته في إحداث تغيير".
ويعتقد نافعة أن ترشح الفريق سامي عنان للانتخابات "أسعد الفريق شفيق كثيراً. فشفيق أُجبر على عدم الترشح للانتخابات، وبالتالي فعل عنان ما لم يستطع أن يفعله يُسعده. قد يقدم شفيق على دعم عنان بشكل شخصي، أما أن يعلن حزب شفيق دعم عنان فهذا أمر مستبعد، لأن الحزب لم يدعم شفيق نفسه بشكل قوي".