تقول الأسطورة إن بعض الجنود في حملة نابليون بونابرت، التي وصلت مصر في العام 1798 قد حطَّموا أنف "أبو الهول"، في تدريبٍ على إصابة الأهداف. لعلها قصةٌ ممتعة، لكنها غير حقيقية، وفق ما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.
فقد أظهرت لوحاتٌ لقائدٍ بحريٍّ دنماركي، يُدعى فريدريك لويس نوردن، كان قد رسمها قبل أن يولَد نابليون بعقودٍ من الزمن، أن "أبو الهول" من غير أنف.
رواية المقريزي
وبالعودة إلى قرونٍ مضت، نجد المُؤرِّخ المصري المقريزي قد علَّق على الأنف المفقودة لـ"أبو الهول" في القرن الـ15.
وزعمت رواية المقريزي، أن من خرّب أنف "أبو الهول" شخص يدعى الشيخ محمد صائم الدهر، وكان فاطمياً متعصباً، يعتقد أن الآثار أوثان يجب هدمها.
وقد قام هذا الشيخ بحملة لإزالة المنكرات والتصاوير، وعلى رأسها تمثال "أبو الهول"، وظلّ يجتهد في تحطيمه، إلى أن اكتفى بتشويه فمه وأنفه، وظل التمثال على هذه الحال إلى يومنا هذا.
وأوضح المقريزي في كتاب "المواعظ والاعتبار": "وفي زمننا كان شخص يعرف بالشيخ محمد صائم الدهر، من جملة صوفية الخانقاه الصلاحية، سعيد السعداء، قام في نحو من سنة ثمانين وسبعمائة بتغيير أشياء من المنكرات، وسار إلى الأهرام، وشوّه وجه أبي الهول وشعثه، فهو على ذلك إلى اليوم".
وتابع: "استشاط صائم الدهر غضباً من المصريين لتقديمهم قرابين للتمثال لزيادة محاصيلهم، فحاول تشويهه، وأعدم بسبب تخريبه، ولقد فقدت الأنف من وجه التمثال، التي يبلغ عرضها متراً واحدًا".
وعندما علم الحاكم، عام 781 هجرية، بما فعله الشيخ المذكور قبض عليه وقطعه إرباً إرباً، وأمر بدفنه بجوار أبو الهول. والغريب أن الرمل، بعد تحطيم وجه "أبو الهول" بدأ يزحف على المنطقة، حتى غطى أراضي كثيرة من الجيزة، كانت تصل إليها مياه نهر النيل.
رواية أخرى
وهناك آراء أخرى لتفسير ذلك، منها أن أبناء الملوك الفراعنة كانوا يتبارون عليها في الرماية، وقد تكون عوامل التعرية هي السبب، إلا أن كل النظريات اتفقت على أن السبب الرئيسي هو أن الأنف كانت أضعف نقطة في أبو الهول.
لكن كيف حقاً سقطت أنف "أبو الهول"، فلا يزال ذلك خاضعاً للجدال بين رواياتٍ تتراوح بين تآكلها بفعل عوامل التعرية وتحطيمها عمداً.
ويُعد أبو الهول واحداً من أكبر التماثيل الحجرية في العالم، يقع في مدينة الجيزة المصرية، ويتكون من قطعة واحدة من الحجر الجيري، يبلغ طولها 73 متراً وارتفاعها 20 متراً.
لم يكن ظاهراً قبل عام 1905، حتى أُزيحت الرمال عنه، لتكشف عن الجسم الكامل لتمثال أبو الهول، الذي كان مدفوناً في الصحراء.
يذكر أن الملك خفرع، رابع ملوك الأسرة الرابعة الفرعونية، هو من قام ببناء تمثال "أبو الهول". وقد نحت التمثال من الحجر الكلسي، ومن المرجح أنه كان في الأصل مغطى بطبقة من الجص وملوناً، ويبلغ طوله نحو 73,5 متر، من ضمنها 15 متراً طول رجليه الأماميتين، وعرضه 19.3 متر، وأعلى ارتفاع له عن سطح الأرض حوالي 20 متراً حتى قمة الرأس، فيما يعتقد أن أنفه المكسور كان طويلاً، حيث يبلغ عرضه متراً واحداً.