أحدهما وُلِد مسلماً والآخر وُلِد هندوسياً لكن الأقدار شاءت استبدالهما خطأً في المستشفى.. فهكذا كانت النتيجة

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/17 الساعة 09:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/17 الساعة 09:41 بتوقيت غرينتش

انتشر في الهند خبر ضجّت به وسائل الإعلام عن أسرتين تعرّضتا عام 2015 لحادثة في أحد المستشفيات بعد تبديل طفليهما عقب ولادتهما.

ونقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن الوالدة سلمى باربن وزوجها شهاب الدين أحمد، القصة الكاملة لما حصل في مارس/آذار 2015. وتقول باربن إنها عرفت الحقيقة منذ البداية، وإن الطفل الذي كانت تحتضنه لم يكن ابنها، لكن زوجها لم يصدقها مدة 3 أشهر، بينما استغرق المستشفى عامين للاعتراف بذلك.

ونظراً إلى الطريقة التي يحكي بها زوجها المسلم، شهاب الدين القصة، فإن الحقيقة بخصوص الطفل كان يجب أن تكون واضحة. في الواقع، كان الطفل ينتمي إليهما حتماً.

في اليوم نفسه بمستشفى مانغلدوي المدني في ولاية آسام الواقعة شمال شرقي الهند، وضعت أمٌ أخرى مولودها. وتنتمي هذه الأم إلى قبيلة بودو الهندوسية، وهي جماعة من السكان الأصليين بالهند يتسمون بشكل مميز للعين يشبه شعب التبت أكثر من سكان شبه القارة الهندية.

ويتذكَّر أحمد عن زوجته حديثها في ذلك الوقت، قائلاً: "قالت زوجتي: إن هذا الطفل لديه نفس عين وسِمات أهل قبيلة بودو المُمَيَّزَة".

وأضاف: "كانت زوجتي واثقةً تماماً بأن هذا الطفل ليس ابننا وأنه ينتمي إلى تلك العائلة".

تفاصيل الطفلين داخل المشفى

نقل أحمد، البالغ من العمر 48، شكوك زوجته على الفور إلى مدير المستشفى: "لكن المسؤول أخبرني: زوجتك تعاني بعض الأمراض النفسية وعليك اصطحابها إلى طبيب نفسي".

وفي الشهر التالي، قدَّمَ أحمد طلب الحق في الحصول على معلومات؛ لمعرفة تفاصيل عن كل شخص أنجب طفلاً بمستشفى مانغلدوي في اليوم نفسه من شهر مارس/آذار 2015. قال: "أوضحت السجلات ولادة طفل آخر عندما كانت زوجتي تضع مولودنا". وكان اسم عائلة الأم بورو وهو الاسم البديل لشعب البودو.

ذهب أحمد مرتين إلى القرية حيث تسكن عائلة بورو، ولكنه كان يعود في كل مرة دون التحدُّث إليهم. وقال: "لم تكن لديّ الشجاعة لفعل ذلك".

في تلك الأثناء، أخبرت باربن زوجها بأنها تشعر بفجوةٍ بينها وبين الطفل الذي سمّوه جُنَيد. قال الزوج: "كانت زوجتي محتارة ومنعزلة، ولكنني لطالما ذكَّرَتها بأن هذا الطفل هو ابننا، ومن المُفتَرَض أن نعتني به".

وفي المرة الثالثة التي ذهب فيها أحمد إلى منزل عائلة بورو، ترك لهم رسالةً وافيةً ومكتوبة بدقة يقول فيها: "تعتقد زوجتي أن الطفلين قد بُدِّلا بالمستشفى، إذا كان يراودكم الشعور نفسه يرجى التواصل".

لحظة التقاء الطفلين معاً

لم تكن الرسالة خطاباً مُرحَّباً به في منزل أنيل وسوالي بورو اللذين كان ابنهما، رايان تشاندرا، قد بلغ 6 أسابيع، وكانت عيناه -الأوسع من عيني والديه- مصدراً للسعادة في المنزل. قال أنيل بورو بهدوء: "لم يكن لديّ أي شكٍ في أن الطفل ابني حتى جاء إليّ المُعلِّم".

قال بورو إنه تأثَّرَ بالنبرة الودية التي كُتبت بها الرسالة، فبعد مرور 10 أيام أرسل دعوةً إلى أحمد لزيارته وتوضيح الأمر سريعاً. وفي اليوم نفسه، اصطحب أحمد وزوجته الطفل جُنَيد معهما إلى منزل بورو للقائهم، وأصبح هذا اللقاء حديث القرية الذي جذب أنظار حشود من المُتفرِّجين.

أدرك الأب الأمر على الفور. قال أحمد: "بمجرد أن وضعوا الطفلين معاً، رأيت ابني لديهم وعرفته من التشابه، فأدركت أن الطبيب اقترف خطأً ما".

ورأى بورو أيضاً أن الخلط كان واضحاً، لكنه رفض أي طلب لتبادل الطفلين، قائلاً: "أيهما أتى فيهم إلى منزلي، فهو طفلي".

من جانبها، استشاطت باربن غضباً. قال أحمد: "لم تكن على استعدادٍ لأن تترك الطفل ولو دقيقة واحدة".

أخبر أحمد زوجته بأنه لم يكن واثقاً بالأمر بعد، وأن التشابه قد يكون محض صدفة. لكنه تقدَّمَ بطلبٍ إلى المختبر لإجراء فحص DNA، ظهرت نتائجه بعد مرور 4 أشهر.

حكى الزوج: "تطوَّرَت العلاقة بين باربن وجُنَيد وأصبحت جيدةً للغاية، فقد كانت تُطعِمه كل يومٍ حتى أصبحت مرتبطةً به إلى درجةِ أنه عندما ظهر التقرير لم تكن منزعجة كثيراً". ونصَّ التقرير على أن احتمالية أن تكون باربن والدة جُنَيد تساوي صفر.

تأخير في البتّ بالقضية

وقدَّم أحمد تقريراً إلى الشرطة، منادياً بإجراء اختبارات للطفل رايان تشاندرا. لكن، قد يكون تنفيذ أعمال الطب الشرعي في مختبرات الهند التي تتحمل فوق طاقتها، بمثابة عملية شاقة. ومما ساهم أيضاً في تمديد هذه القضية، الأخطاء التي اقترفتها الشرطة والتي أدت بدورها إلى تأخير التقرير النهائي حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (2017).

قال أحمد: "أشارت نتائج التقرير إلى أن الطفلين قد بُدِّلا بالفعل". لكن باربن قد غيَّرَت رأيها بخصوص إعادة جُنَيد، الذي بلغ نحو 3 أعوام الآن، إلى والديه الحقيقيين. وتابَعَ قائلاً: "تعلَّقَت زوجتي به للغاية، وأنا أيضاً أحبه كثيراً".

في هذا الشهر، أعلنت الأسرتان لمحكمةٍ بولاية آسام رسمياً، أنهما لا يريدان تبادل الطفلين. وقال أحمد: "أردت فقط إثبات الحقيقة. هذا كل ما كنت أرغب فيه".

كان يأمل أن يبقى في حياة رايان تشاندرا، وأن يتولى الإنفاق على تعليمه إن أمكن، لكن الحقيقة لم تكن مُرضية لعائلة بورو.

قال أنيل بورو: "لا أحب التحدُّث كثيراً عن هذا الأمر، فعندما يكون الطفل ابنك لا تحب أن تسمع أنه ينتمي إلى شخص آخر".

وعندما سألوه عما إذا كان يتمنى أن لو كان أحمد قد تراجع عن الأمر منذ 2015، ضحك بمرارةٍ قائلاً: "ربما كان ذلك أفضل ما يقوم به".

تحميل المزيد