بينما كانت السعودية تسعى لتعزيز جهودها في مكافحة التطرف، أقامت مسابقة لأطفال المدارس لالتقاط الصور والمقاطع المصورة التي تبين "جهود المملكة في خدمة الإسلام" أو نضال قوات الأمن ضد المتطرفين.
ومع ذلك، تم تعليق المبادرة وأصبح مستقبلها غير مؤكد في أعقاب مزاعم اختطاف المشروع ذاته من قِبل الإسلاميين حسبما ذكرت صحيفة فايننشيال تايمز البريطانية. فقد تم فصل أول رئيس للبرنامج في أكتوبر/تشرين الأول 2017، بعد ظهور تقارير إعلامية بشأن تعاطف فريق عمله مع الإخوان المسلمين، وهو التنظيم الذي أعلنته الرياض جماعةً إرهابية. واستمرت رئيسة البرنامج التي حلت محله 72 ساعةً فقط في عمله قبل فصلها للسبب نفسه، بحسب الصحيفة.
وتؤكد تجربة الحكومة مع البرنامج، المعروف باسم "فطن"، التحديات التي تواجهها لإصلاح نظام التعليم الجامد غير القابل للتغيير. وسوف يكون نجاح الحكومة هاماً في تحقيق تعهدات ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بتحويل البلاد التي طالما تم اتهامها بتصدير التطرف، إلى مجتمع أكثر تسامحاً.
انتقادات لنظام التعليم
وتقول الصحيفة البريطانية إن نظام التعليم يتعرض منذ عهد طويل للانتقادات بدعوى استخدام منهج يشجع على كراهية غير المسلمين ويخلق تربة خصبة للتطرف. وقد تزايد فحص وتدقيق النظام التعليمي ودراسة تأثير المؤسسة الدينية الوهابية التي تقدم تأويلاً متشدداً للإسلام، بعد اكتشاف أن 15 من بين 19 مختِطفاً ممن قاموا بتنفيذ اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بالولايات المتحدة مواطنون سعوديون، وفق الصحيفة.
ويصر مسؤولو الحكومة على أنه قد تم بذل جهود هائلة لتحديث التعليم ومراجعة النصوص لتنقيتها من التعصب. ومع ذلك، تشير التقارير الحالية الصادرة عن المراكز البحثية ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن المواد التعليمية الدينية لا تزال تتضمن بعض الإشكاليات.
وتقول سارا ليا واتسون، المديرة التنفيذية بمنظمة هيومان رايتس وتش "يفرز التعصب والسياسات التمييزية التي تمارسها الحكومة الكثير من التطرف. لا تحتاج السعودية إلى إصلاح نظامها التعليمي من أجل القضاء على الكراهية الدينية التي تبثها الكتب والنصوص التعليمية والمعلمون فحسب؛ بل إلى القضاء على التمييز الشديد ضد مواطنيها من الشيعة والجاليات المسيحية الأجنبية"، بحسب سارا واتسون.
ولم يستجب المسؤولون السعوديون لطلبات التعليق على هذا الأمر.
وأعلن وزير التعليم، أحمد العيسى، العام الماضي، أن الحكومة قد خططت لمنع طباعة الكتب بحلول عام 2020، ضمن جهودها لتغيير نظام التعليم. وسوف يتم تزويد المدارس بأجهزة لوحية تفاعلية ومناهج رقمية يمكن تحديثها في الوقت الفعلي. ويستهدف ذلك أن تصبح قابلة للفحص والتدقيق وأن يكون هناك إمكانية لإلغاء المواد التي تراها عدائية.
وتقول فوزية البكر، أستاذة التربية بجامعة الملك سعود، إن هناك تقدماً قد حدث في إصلاح النظام، وخاصة في المدن الكبرى. ومع ذلك، تتمثل المخاوف فيما إذا كانت المدن الصغيرة والمناطق الريفية تحصل على المستوى نفسه من الاهتمام في دولة تقل أعمار 70% من مواطنيها عن 30 عاماً.
وتقول البكر: "المجتمع يتغير في الكثير من جوانبه، وخاصة في المدن الرئيسية. وقد كانت المشكلة تتمثل في السياسات الحكومية؛ لأنها كانت تتسم بالتخلف. وقد بدأت الحكومة الآن التقدم للأمام في العديد من الاتجاهات".
ولا تزال تشعر البكر بالقلق بشأن الأنشطة الخارجية وأنشطة ما بعد المدرسة والتي يتم تنظيمها وتنفيذها برعاية مجموعات الإرشاد الديني التي يترأسها المدرسون.
وتقول في إشارة إلى المنطقة التي نشأ بها العديد من السعوديين الذين شاركوا في هجمات 11 سبتمبر/أيلول: "يوجد حالياً قيود أكبر على الأنشطة التي تتم ممارستها بالمدارس. ولا يدخل أحدٌ المدارس حالياً دون تصريح. ومع ذلك، هل يبذلون جهوداً كافيةً في الجنوب؟".
وسوف يتولى مركز أمن الأفكار الذي أعلنت وزارة التعليم، في الشهر الماضي، تأسيسه المسؤولية عن برنامج "فطن".
ونقلت وكالة الأنباء التابعة للدولة عن سعد المشوح، المشرف الجديد على البرنامج، قوله إن وزارة التعليم تراجع حالياً خططها قبل إعادة إطلاق المبادرة في الفصل الدراسي خلال الربيع.
وترى البكر أن تعطيل العمل بالبرنامج فور اكتشاف علاقة تربط رئيسه بالإخوان المسلمين علامة على التقدم في هذا الاتجاه. ومع ذلك، يتشكك آخرون في فاعلية مثل هذه البرامج.
وتقول مستشارة بالتعليم بالمنطقة الشرقية: "لا يمكن تسوية قضية التطرف من خلال برنامج فطن أو أي برامج أخرى. فهذه البرامج غالباً ما تكون بمثابة استعراض لإنجازات الوزارة؛ ومع ذلك، يكون تأثيرها في الواقع ضعيفاً".