وضع السعودية في عزلة.. سياسات بن سلمان مع 5 دول ترتد سلباً على المملكة في العالم العربي

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/30 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/30 الساعة 06:06 بتوقيت غرينتش

قادت سياسات المملكة العربية السعودية مع وصول ولي العهد محمد بن سلمان للسلطة، إلى إدخال الرياض في عزلة إقليمية، وعلاقات يشوبها الحذر مع دول عربية وإقليمية، وأثرت تلك السياسيات في النهاية على صورة السعودية ومكانتها لدى الرأي العام العربي.

ويسرد الكاتب والمحلل السياسي الحاصل على ماجستير العلوم السياسية من الجامعة الأميركية بالقاهرة، مصطفى سلامة، أبرز ملامح سياسات السعودية التي قادها بن سلمان، وكيف انعكست سلباً على المملكة، بحسب مقال نشره في موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الجمعة 29 ديسمبر/كانون الأول 2017.

إيران واليمن


ويشير الكاتب إلى أنه في 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، اعترضت السعودية صواريخ أطلقها الحوثيون من اليمن باتجاه قصر اليمامة، وهو المقر الرسمي للملك سلمان في الرياض، ومن المحتمل أن الهجوم جاء كردٍ صارم على فيديو رسوم متحركة سعودي انتشر على الشبكات الاجتماعية قبل بضعة أيام. وهو المقطع الذي يُصوِّر غزواً سعودياً وعملية تغييرٍ للنظام في طهران.

واللافت في صواريخ الحوثيين أنها كانت بصدد استهداف رمز السلطة في السعودية وتصعيداً غير مسبوق، ورأى سلامة أن هجوماً كهذا ما كان يمكن التفكير فيه قبل بضع سنوات، "لكنَّ السياسات الخارجية والإقليمية السعودية التي تفتقر إلى مهارة المناورة أدَّت إلى الانتقاص من احترام المملكة وتركتها مكشوفة ومعزولة إقليمياً".

ويعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صاحب معظم القرارات الكبرى التي تتخذها المملكة. ويُتهم في بعض الأوساط بكونه مغامراً ومتهوراً فيما يتعلق بتوجهات السياسة الخارجية التي يتبناها في اليمن ولبنان، وكذلك في الأزمة مع دولة قطر المجاورة، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

وتعتبر الصحيفة أن تحركات بن سلمان التي تستهدف زيادة حدة التوتر مع إيران التي تدعم حزب الله اللبناني لم تنجح، وأنها أخفقت في الحد من النفوذ الإيراني في دول مثل العراق وسوريا.

العلاقة مع تركيا


وتسببت طريقة إدارة السعودية للأزمة مع قطر بسياسات حملت طابع الاستعداء لتركيا، هذه الدولة التي كانت حريصةً على الحفاظ على علاقاتٍ إيجابية مع المملكة.

وبحسب كاتب المقال في الصحيفة البريطانية، فإن المملكة لم تُظهر في النهاية اكتراثاً بهذا النهج على المستوى الدبلوماسي، خاصةً بعد وقوف تركيا بحزمٍ إلى جانب قطر وإرسال قواتٍ إلى الدوحة، بعد الأزمة الدبلوماسية التي تعصف بالخليج منذ يونيو/حزيران الماضي، وعندما قرَّرت كلٌ من السعودية والإمارات والبحرين قطع علاقاتها مع قطر وحاصرتها عملياً.

ويشير سلامة إلى أن عملت منذ البداية للبقاء على مسافةٍ متساوية من كل الأطراف المعنية بالأزمة، وأكَّدت مراراً على الحاجة للحوار ودعمت جهود الوساطة الكويتية، وحين لاحت المخاوف بشأن تعرض قطر لهجوم عسكري محتمل، نشرت تركيا قواتها في الدوحة، وهي الخطوة التي لم تستقبلها السعودية بصورةٍ جيدة.

كيف ردت السعودية؟


لم يمضِ وقتٌ طويل حتى بدأت صحف سعودية في إرسال إشارات لإزعاج تركيا، فأولاً أجرى صحفي سعودي له صلاتٌ وثيقة مع الطبقة الحاكمة، مقابلةً مع "فتح الله غولن"، الزعيم الديني الذي يعيش في أميركا، وتقول تركيا إنه المسؤول الأول عن محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت في يوليو/تموز 2016.

وفي قمة منظمة التعاون الإسلامي التي استضافتها إسطنبول بعد قرار الرئيس الأميركي ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، كان التمثيل الدبلوماسي في القمة منخفض المستوى وهو ما اعتبره المحلل سلامة خروجاً آخر عن التضامن الإقليمي، و"عكس كذلك انحيازاً أقرب إلى الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، وهو ما يضع السعودية في الجهة الأخرى المقابلة لتركيا، التي تسعى إلى القيادة الدينية للعالم الإسلامي".

ثم عادت الصحافة السعودية مجدداً لتعكس سياسات المملكة نحو تركيا، وأجرت صحيفة "عكاظ" مقابلةً مع رضا آلتون، "وزير خارجية" حزب العمال الكردستاني الذي تُصنِّفه تركيا تنظيماً إرهابياً.

وأشار سلامة إلى أنه كان من المفترض في البداية أن تكون المقابلة مع جميل بايك، رئيس حزب العمال الكردستاني، وأضاف أن ذلك "ما كان ليحدث ذلك دون موافقة مباشرة من السلطة السياسية السعودية، واعتبر أيضاً أن المقابلة "تهدف بالتأكيد لإرسال رسالةٍ ما. بدا الأمر كما لو أنَّ السعودية تبحث عن المتاعب مع تركيا".

وفيما تُعتبر تركيا كإيران مركز قوة إقليمياً، فإن اختلاف الرياض مع أنقرة وطهران يجعلها معزولة في المنطقة.

قلق من سياسات السعودية


وخلال أزمتها مع قطر، بدت السعودية عازمة على التعامل بمنطق "الدبلوماسية القسرية"، لكن ذلك دق ناقوس الخطر للدول القريبة منها، ما دفع الأخيرة إلى البحث عن داعمين إقليميين أقوياء.

ويذكر كاتب المقال أنه على سبيل المثال، بدأت الكويت، التي توتَّرت علاقاتها مع إيران وطردت سفيرها سفيرها في منتصف 2017، في تعزيز علاقاتٍ اوثق مع تركيا، بما في ذلك نوايا لتعزيز التعاون العسكري.

وأضاف أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح شعر بالقلق من السياسة الخارجية السعودية، وهو ما يُفسِّر سرعة تقاربه مع تركيا.

وتُعَد عُمان دولة خليجية أخرى علاقاتها مع إيران أفضل نسبياً من أي بلدٍ آخر. وربما لا تشعر بحاجة إلى التسرُّع نحو تركيا، لكنَّها مع ذلك ستظل تسعى لتعزيز أمنها في مواجهة مخططات السعودية، مثلما قال دبلوماسي عُماني لموقع ميدل "إيست آي" البريطاني.

لبنان


وجاءت أكثر تصرُّفات القيادة السعودية غير المسؤولة – بحسب الكاتب سلامة – بإرغام رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة، واحتجازه عملياً ضد رغبته في الرياض.

لكن ذلك وحد النخبة السياسية والجماهير اللبنانية ضد السعودية بطريقة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العلاقات بين البلدين.

وفي ظل الحملة التي شنها بن سلمان على أمراء ووزراء سابقين ورجال أعمال بارزين أبرزهم الوليد بن طلال احتجزت السعودية الملياردير الأردني صبيح المصري كجزءٍ من "تحقيق فساد" للضغط على الأردن من أجل قبول إعلان ترامب بشأن القدس، وللتأثير على موقف عمان من حضور منظمة المؤتمر الإسلامي في إسطنبول، والتي حضرها في النهاية العاهل الأردني عبد الله الثاني رغم مطالبته بقوة لمقاطعتها، بحسب ما ذكرته "ميدل إيست آي".

ونتيجة لذلك، توقع الكاتب سلامة أن يتحرك الأردن بعيداً عن السعودية، وأن يتقارب مع تركيا ومن المحتمل جداً مع إيران.

وفي مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" لـ مارك لينش، أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن الأميركية، أشارت فيه إلى فشل سياسات ولي العهد، وذكرت أن الحريري عاد عن استقالته رغم ضعوط المملكة عليه، والحوثيون استمروا في إطلاق الصواريخ، كما أن الحملة التي قادها بن سلمان بدعوى مواجهة الفساد، أصبح يُنظر لها على أنها مسعى من ولي العهد لتوطيد حكمه قبل استلامه السلطة خلفاً لوالده الملك سلمان.

واعتبرت الصحيفة أن مناورات السياسة الخارجية للسعودية مثل التدخل في اليمن والحصار المفروض على قطر، تحولت إلى مستنقعاتٍ مُدمِّرة للمملكة.

نتائج السياسات السعودية


إلى جانب الحذر الذي بات يشوب العلاقات الرسمية بين المملكة ودول عربية وإقليمية، إلا أن البارز تقويض المملكة لصورتها لدى الرأي العام العربي، وفي هذا السياق، قال المحلل سلامة: "إلى جانب مساهمتها في الوضع الإنساني الكارثي المستمر في اليمن، يجري التعبير عن مظاهر عدم احترام القيادة السعودية في مختلف أرجاء المنطقة".

وفي حادثة كادت تشعل أزمة دبلوماسية بين الجزائر والسعودية، رفع مشجعو كرة قدم جزائريون صورة للملك سلمان وترامب باعتبارهما "وجهين لعملةٍ واحدة" في مسألة القدس.

وأثناء تظاهراتٍ في قطاع غزة ضد إعلان ترامب بشأن القدس، أحرق محتجون فلسطينيون صور ترامب والملك سلمان ونجله ولي العهد.

ويلفت كاتب المقال إلى أنه إلى جانب تأزم علاقاتها الخارجية، "سيكون على السعودية التي تواجه بالفعل أزمةً داخلية، التعامل مع مشكلةٍ أخرى، وهي الشعور المتنامي بانعدام الأمن في ظل إمكانية انفجار الصواريخ من جديد فوق الرياض على مرأى ومسمع الجميع".

وأضاف أن "السياسات السعودية الإقليمية فشلت فشلاً ذريعاً وتركت المملكة معزولة. وإذا ما استمرت في نفس الاتجاه، ستصبح أكثر عزلة".

تحميل المزيد