تعد السعودية وجهةً للعديد من الأفارقة الفقراء، خاصة أن المملكة تعد من الدول النفطية. وفي الوقت الراهن، تقوم السلطات السعودية بترحيل الآلاف من المهاجرين الإثيوبيين، الذين تعرّضوا لممارسات تتنافى مع حقوق الإنسان داخل السجون السعودية، وفق تقرير لصحيفة welt الألمانية.
منذ خمس سنوات، سافر العديد من الإثيوبيين إلى المملكة بطريقة غير شرعية، بهدف البحث عن فرص عمل. ومؤخراً قررت السلطات السعودية ترحيل الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين إلى مواطنهم الأصلية. وقبل ترحيلهم زجّت السلطات بالعديد من المهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من أصول إثيوبية في السجن.
وأورد أحد المهاجرين، ويدعى صديق أحمد، لوكالة أسوشيتد برس، أن "الزنزانات كانت ملوثة، ما تسبب في إصابة العديد منا بالأمراض. علاوة على ذلك، أرادت السلطات السعودية تجريدنا من أمتعتنا. وللأسف، سأعود إلى موطني بخفي حنين. أما الآخرون فقد أصيب العديد منهم بالجنون جراء الظروف المأساوية التي مررنا بها".
في الحقيقة، يعيش العديد من المهاجرين غير الشرعيين المنحدرين من إثيوبيا في ظروفٍ قاسية. وبعد عودتهم إلى موطنهم الأصلي، روى هؤلاء المهاجرون قصص معاناتهم داخل السجون السعودية، كما تحدثوا عن الممارسات اللاإنسانية التي تعرّضوا لها؛ من ضربٍ وسرقة من قبل القوات الأمنية السعودية.
كما تطرق بعض المهاجرين إلى عمليات القنص التي تعرض لها أصدقاؤهم عند محاولة الفرار من قبضة الأمن السعودي.
من أخطر الوجهات بالنسبة للمهاجرين الأفارقة
تعتبر السعودية إحدى أخطر الوجهات بالنسبة للمهاجرين، لكن موجة المهاجرين في اتجاه أوروبا حجبت الضوء عن حجم المعاناة التي واجهها المهاجرون الأفارقة في طريقهم نحو المملكة. والجدير بالذكر أن السعودية تعد الوجهة المفضلة بالنسبة للآلاف من المهاجرين الوافدين من الدول الإفريقية الفقيرة على غرار إثيوبيا والصومال.
في الواقع، يدفع المهاجرون الإثيوبيون الأموال لإحدى عصابات تهريب البشر بُغية السفر إلى اليمن على متن القوارب. وانطلاقاً من اليمن، يتجه المهاجرون إلى الأراضي السعودية.
وفي آذار/مارس الماضي تبين أن الطريق في اتجاه السعودية خطير للغاية، حيث لقي 30 مهاجراً صومالياً، من بينهم أطفال، حتفهم جراء غارة جوية شنتها قوات التحالف العربي في اليمن ضد الحوثيين.
خلال السنة الماضية، لقي 111500 مُهاجر مصرعهم في طريقهم إلى المملكة، علماً بأنه خلال سنة 2015 لقي 100 ألف مهاجر إفريقي حتفهم خلال هجرتهم إلى السعودية. أما بالنسبة للمهاجرين الذين يصلون إلى السعودية فيعملون في بيوت الأثرياء أو في المزارع بهدف توفير الأموال لعائلاتهم.
"عانينا الكثير"
في أواسط تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، باشرت السلطات السعودية عمليات ترحيل المهاجرين الأفارقة إلى مواطنهم الأصلية. وفي آذار/مارس الماضي، طالبت السلطات السعودية المهاجرين، الذين لم يحصلوا على رخص الإقامة، بمغادرة البلاد عن طواعية مع منحهم مهلة إلى حزيران/يونيو. ومع ذلك، أصر بعض المهاجرين على البقاء في الأراضي السعودية ليتم إجبارهم على الرحيل.
ووفقاً للسلطات السعودية، تم اعتقال نحو 250 ألف مُهاجر شرعي على خلفية عدم امتثالهم لقوانين الإقامة السعودية. وعلى هذا الأساس، تم ترحيل قرابة 150 ألف شخص، علماً بأن 72% من المهاجرين غير الشرعيين في المملكة قدموا من اليمن، بينما ينحدر 26% منهم من إثيوبيا. وقبل موجات الترحيل الأخيرة بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين في السعودية 400 ألف مهاجر.
وحسب الحكومة الإثيوبية، فقد بلغ عدد المهاجرين الإثيوبيين المرحّلين إلى موطنهم الأصلي بالقوة 14 ألف شخص خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بينما عاد 70 ألف مهاجر إثيوبي إلى مسقط رأسهم بصفة طوعية.
من جهتها، قدّرت المنظمة الدولية للهجرة بجنيف المهاجرين غير الشرعيين العائدين إلى إثيوبيا بحوالي 96 ألف شخص حتى حزيران/يونيو الماضي.
إلى جانب ذلك، من المرجح أن يتضاعف عدد الأشخاص العائدين إلى إثيوبيا في غضون الأسابيع المقبلة، وذلك حسب المنظمة الدولية للهجرة. وفي الأثناء، تحتاج السلطات الإثيوبية لتوفير قرابة 25 مليون يورو لتلبية حاجيات مواطنيها العائدين إلى تراب الوطن.
وقد صرّحت فوزية عمر، وهي مهاجرة عادت إلى إثيوبيا بعد أن قضت شهراً في السجون السعودية، قائلة: "قضيت في السعودية 5 سنوات بهدف توفير الأموال لعائلتي". وبيّنت هذه المرأة عند وصولها إلى أديس أبابا: "عانينا الكثير في السعودية. لذلك، أنصح إخوتي بعدم الوقوع في الخطأ الذي ارتكبناه".