بعد 10 سنوات على اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بي ناظير بوتو، لا يزال مدبرو عملية قتل أول امرأة تتولى الحكم في دولة مسلمة، بلا عقاب، ما يغذي العديد من الفرضيات حولهم.
وتجمَّع الآلاف الأربعاء، 26 ديسمبر/كانون الأول 2017، عند ضريحها في الذكرى العاشرة لمقتلها، في حين أن الشخصين الوحيدين اللذين حُكم عليهما حتى الآن في هذه القضية هما شرطيان أُدينا في أغسطس/آب الماضي، بتهمة "إساءة التعامل مع ساحة الجريمة".
وبحسب الرواية الأكثر شيوعاً، قُتلت بوتو في 27 ديسمبر/كانون الأول 2007، بعدة رصاصات في عنقها. ثم فجَّر المهاجم عبوة ناسفة، كان يحملها، قرب موكبها، مودياً بحياة 24 شخصاً.
الدولة أم الإسلاميون؟
كانت بي ناظير بوتو من أشد منتقدي المتطرفين الإسلاميين، وكانت مهدَّدة من "القاعدة" و"طالبان" وغيرهما من الجماعات المتطرفة المحلية، كما يُعتقد أنها كانت مهدَّدة من عناصر داخل المؤسسات الباكستانية.
واتَّهم نظامُ الجنرال برويز مشرّف بعملية الاغتيال، زعيم حركة طالبان الباكستانية آنذاك، بيعة الله محسود، الذي نفى ضلوعه. وقُتل في غارة نفذتها طائرة أميركية من دون طيار عام 2009.
كما وُجهت التهمة رسمياً إلى مشرف عام 2013 في قتل غريمته السياسية، في خطوة غير مسبوقة ضد قائد سابق للجيش.
وفرَّ مشرف من باكستان عام 2016 ويقيم مذاك بالمنفى. واعتبره القضاء منذ أغسطس/آب الماضي، "هارباً" في هذه القضية.
وفي الذكرى العاشرة لاغتيال بي ناظير، هتف ابنها بلاوال، الأربعاء، أمام ضريحها: "قاتل.. قاتل، مشرف قاتل"، وهو ما ردده الحشد معه.
لجنة التحقيق الدولية
نزولاً عند طلب حزب الشعب الباكستاني الذي تتزعمه عائلة بوتو، أرسلت الأمم المتحدة لجنة تحقيق، أصدرت عام 2010 تقريراً من 70 صفحة.
ورأت الأمم المتحدة أن مشرف لم يوفر لـ"بوتو" الحماية الضرورية التي كانت ستحول دون اغتيالها، رغم أنها كانت مهدَّدة.
كما اعتبرت الأمم المتحدة أن الشرطة أخلَّت بواجباتها حين غسلت ساحة الجريمة بالماء بعد أقل من ساعتين على الاغتيال، وبعدم القيام بتشريح جثة بوتو.
وأشارت الأمم المتحدة إلى ما يتخطى مجرد قلة الكفاءة؛ إذ رجحت أن تكون الهيئات العسكرية الباكستانية طمست التحقيق.
وأافاد التقرير بأن "هؤلاء المسؤولين لم يكونوا واثقين بالحزم الذي يفترض بهم توظيفه في اتخاذ التدابير المطلوبة منهم في ظروف طبيعية بصفتهم محترفين، ومردّ ذلك جزئياً إلى خوفهم من أن يكون (الاغتيال) من فعل أجهزة الاستخبارات".
لكن الأمم المتحدة لم تُشر بأصابع الاتهام إلى أي مشتبه فيه، معتبرة أن ذلك يعود للمحاكم الباكستانية.
نظريات المؤامرة
انتخب زوج بي ناظير بوتو، آصف علي زرداري، رئيساً، مغتنماً شعبية زوجته، لكنه لم يوضح لغز اغتيالها.
وما أجَّج الافتراضات، مقتلُ مساعده بلال شيخ في عملية انتحارية عام 2013، وهو كان مسؤولاً عن أمن بي ناظير بوتو حين استُهدف موكبها باعتداء أول عند عودتها من المنفى في أكتوبر/تشرين الأول 2007.
لكن الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية هيرالدو مونيوز، يعتبر من السخافة اعتقاد أن زرداري ضالع في اغتيال زوجته.
ويرى أن "(القاعدة) أصدرت الأمر، وطالبان باكستان نفذت الهجوم، ربما مدعومة من عناصر في هيئات الحكم (الجيش و/أو الاستخبارات)، وحكومة مشرف يسَّرت الجريمة بإهمالها، ومسؤولو الشرطة المحلية حاولوا طمس المسألة، وحراس بوتو الشخصيون فشلوا في حمايتها، ومعظم السياسيين الباكستانيين يفضّلون طي الصفحة".
كما تشير فرضيات أخرى بالاتهام إلى حارس بوتو الوفي خالد شاهنشاه، مستندة إلى أشرطة فيديو تُظهر بوضوح أنه يقوم بإشارات غريبة قبل قليل من الاعتداء. وقُتل شاهنشاه بعد بضعة أشهر في ظروف غامضة بكراتشي.