يقال إن الطمأنينة أقوى من كل أنواع الحب، ويقال إن للحب أنواعاً، ويقال إن للحياة أطراً، تحدها أحاسيس الإنسان، وقيل أيضاً إن فقد الطمأنينة يساوي فقد العلاقة، أو البقاء على قيد الشقاء، أنا لا أعيش أي نوع من العلاقات الخاصة، ولكني أبحث دؤوباً عن الطمأنينة التي لا أعتقد أنني اعتمرتها لأفقدها، أنا ما أحسستها منذ بادئ ذي أمر، فما تراه سرياً وإياها، أن نحمل رجلاً عبء الطمأنينة أمراً أشك في صحته، فماذا لو انقطع السبيل؟
ماذا لو تمزق الرجل وماتت الأوراق الشرعية أو النفسية التي تربطنا وإياه؟
أنّى نلوذ؟ أنحتمي بدمائنا التي تتدفق حياة، أم نكتفي بأنفاسنا التي في الصدور، أم نبحث عن الطمأنينات في أوجه العابرين والمقيمين عليها؟
كلها ترهات تصبح حينما نتوقف عند كل محطة بشرية لنقتات الأمن، فأين الأمان؟ إن كانت كل فتاة بأبيها آمنة، فماذا حين يموت؟!
وإن كانت كل حواء بزوجها آمنة فماذا إن حل الفراق؟! وإن كانت كل مرضعة بجنينها حانية فماذا إن شب عن الطوق؟ ماذا؟ ماذا؟ ماذا؟
اتساعات تساؤلية، تفتك بالأنسجة الرقيقة التي تحيط بشغاف الفكر والقلب والعقل معاً، الرجل إذا أنكر فضل الظهر، فالأماني عجاف، والأيام تفرغ، والرجفات تتوالى على كل ذات همزة وصلة، نحن أهون مما يكون دون ظهر يحمينا، تلك سنحة الثقافات العربية التي جردتنا من حقوقنا الفكرية، وألقت بمعاذيرنا هاوية الطرق التي لا تؤدي إلا لبني آدم من تراب.
الفناء الفناء، الفناء لا يمثل عصب الموت، فللموت طقوس وتقديمات، تعذبنا حباً، أو حياة، فتطبيق الموت على الحياة أقسى من الموت نفسه، ذاك أن للموت نصاً يتيماً، لا يقوم الموت فيه بدور عدا اللاشيء، فبقية الأشياء كالروح من أمر ربي، لا نعلم منها إلا قليلاً، فندور في خلقه الدعاء لهم، ويخفت الحزن رويداً رويداً، أما السيناريو الآخر فحنقاً وشوقاً وغيظاً، وتأوهاً وحقداً علانية وسراً.
يأكل من رؤوس أعمارنا كطيور صاحب يوسف، دون تأويل، فماذا؟ ماذا عسانا فاعلون؟
أنا، ولا أعوذ بالله منّي، بل أعيذني بالله رب العالمين، أنا لا أكتب من واقع جنسي، ولا أكتب من تجربة فردية، ولا أكتب من روح تتأوه الحين، فربما تأوه روحي كان من فرديتها، وربما تأوه روحي كان من عنائها الشخصي منّي، وربما تأوه روحي كان من ظلم الرجل لها.
وربما تأوه روحي كان من فلسفات اجتهدت أنا كمتأدبة للوصول إليها، وربما تأوه روحي كان من تجارب حارقة لعالم محيط بقلبي، وأشخاص أحبهم كثيراً، وريما تأوه روحي كان لاستغرابي مما يمكرون؟
وربما تأوه روحي كان بحثاً عن المحمدية المفقودة ظاهراً، فالمحمدية لا تموت، وربما تأوه روحي كان لبحثي عما أريد، وربما تأوه روحي كان تنقية لنص يتسم بالأدب والتصوف، ولربما ولربما، فالبحث عن المعاني أقوى وأبصر من البحث عن المواني، فنحن لا نرسي أبداً دون معنى، وكيف لنا ألا نربط الحبل بالقارب؟
فهل الرجل قارب المرأة أم رابطها أم مربوط بها؟ أم أن الرابط بين الرجل والمرأة الأمان؟ أم أن الأمان هو الذي يربط الرجل بحوائه؟ أم أن الأمان مستقل عنهما؟ أم هو حالة نفسية اختيارية؟!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.