شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس 21 ديسمبر/كانون الأول، تنديداً واسعاً بقرار الولايات المتحدة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فيما هدّدت واشنطن مجدداً الدول التي تناهض موقفها.
ومن أصل 193 دولة في الجمعية العامة، أيدت 128 منها القرار الذي يدين اعتراف دونالد ترامب بالقدس عاصمة للدولة العبرية في 6 كانون الأول/ديسمبر، في حين رفضته 9 دول هي الولايات المتحدة وإسرائيل وغواتيمالا وهندوراس وتوغو وميكروزينيا وناورو وبالاو وجزر مارشال.
وأيد العديد من حلفاء واشنطن القرار بينهم فرنسا وبريطانيا.
وفي مؤشر يؤكد أن ضغوط واشنطن وتهديداتها لم تمر مرور الكرام، امتنعت 35 دولة عن التصويت بينها كندا والمكسيك والأرجنتين وبولندا والمجر وغابت عن الاجتماع 21 دولة أخرى.
وقبل التصويت، راهن العديد من السفراء على تنديد أوسع للقرار يراوح بين 165 و190 دولة.
وهذا التصويت ليس مُلزماً، وقد أكدت الإدارة الأميركية أنها لن تغير موقفها.
وقبل التصويت، كررت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي تهديداتها للدول التي ستصوت تأييداً للقرار وقالت: "ستتذكر الولايات المتحدة هذا اليوم، هذا التصويت سيحدد الفرق بين كيفية نظر الأميركيين الى الأمم المتحدة وكيفية نظرتنا الى الدول التي لا تحترمنا في الأمم المتحدة".
وأضافت: "سنتذكره حين سيطلبون منا مجدداً دفع أكبر مساهمة (مالية) في الأمم المتحدة. وسنتذكره حين ستطلب منا دول عدة، كما تفعل غالباً، دفع المزيد واستخدام نفوذنا لصالحها".
وكان ترامب قال عشية التصويت: "يأخذون مئات ملايين الدولارات وحتى مليارات الدولارات ثم يصوّتون ضدنا"، مضيفاً في تهديد واضح: "دعوهم يصوّتون ضدنا، سنقتصد الكثير (من المال)، والأمر سيان بالنسبة إلينا".
والواقع أن رد فعل هايلي، الإثنين، على نكسة واشنطن في مجلس الأمن الدولي، حيث رفضت بقية الدول الأعضاء الـ14 قرار ترامب، يدل على أن المسألة تعني الكثير لواشنطن.
وقالت حينها إن هذا التصويت "إهانة لن ننساها أبداً"، في إشارة الى باقي أعضاء المجلس الذين أيدوا القرار وضمنهم حلفاء واشنطن الأوروبيون الذين دانوا قرار ترامب.
ترحيب
وسارعت الرئاسة الفلسطينية الى الترحيب بقرار الجمعية العامة مشيدة بالمجتمع الدولي الذي "لم يمنعه التهديد والابتزاز" من الوقوف الى جانب "الحق".
وأشاد نبيل أبوردينة، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، بالقرار معتبراً أنه "يؤكد مجدداً وقوف المجتمع الدولي الى جانب الحق الفلسطيني ولم يمنعه التهديد والابتزاز من مخالفة قرارات الشرعية الدولية".
بدوره، اعتبر السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور أن هذا التصويت يشكل "هزيمة كبيرة" لواشنطن.
وفي القاهرة، قال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية سعيد أبوعلي إن "هذا الإنجاز والنصر الجديد لفلسطين سنواصل البناء عليه وتطويره مع هذه الأغلبية الساحقة من دول العالم التي وقفت الى جانب الحق".
في المقابل، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالدعم "المتزايد" لبلاده رغم قرار الجمعية العامة.
Thank you President Trump and Ambassador Haley for standing up for Israel and for standing up for the truth. Ultimately the truth will prevail. pic.twitter.com/rJ0IFPJ3qS
— Benjamin Netanyahu (@netanyahu) ٢١ ديسمبر، ٢٠١٧
وقال نتنياهو في فيديو بالإنكليزية إن "إسرائيل ترفض هذا القرار السخيف. القدس عاصمتنا، كانت دائماً (عاصمتنا)، وستبقى" كذلك.
وأضاف: "نتعامل بارتياح حيال العدد الكبير من الدول التي لم تصوت تأييداً لهذا القرار".
وأضاف: "نشكر للرئيس (الأميركي) دونالد ترامب موقفه الواضح حول القدس ونشكر الدول التي صوتت مع إسرائيل ومع الحقيقة".
وكان نتنياهو أكد أنه يرفض مسبقاً التصويت في الجمعية العامة، معتبراً أن القدس "عاصمة إسرائيل" سواء اعترفت بذلك أو لم تعترف الأمم المتحدة التي وصفها بأنها "بيت الأكاذيب".
وبعد التصويت، كتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على موقع تويتر: "نرحب بسرور كبير بتأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة الساحق لقرار تاريخي حول القدس".
باسمي وباسم الشعب التركي، أتوجه بجزيل الشكر لكافة من قدم دعمه لقضية فلسطين والقدس الشريف.
— Recep Tayyip Erdoğan (@RT_Erdogan) ٢١ ديسمبر، ٢٠١٧
وأضاف: "ننتظر من إدارة ترامب أن تعود من دون تأخير عن قرارها المؤسف والذي أظهر (التصويت) بوضوح عدم قانونيته".
وعلق متحدث باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة بعد قراءة مفصلة لنتائج التصويت: "من الواضح أن دولاً عدة أعطت الأولوية لعلاقتها مع الولايات المتحدة في مواجهة محاولة يائسة لعزلنا".
وينص مشروع القرار الذي قدمه اليمن وتركيا على أن أي قرار حول وضع القدس "ليست له قوة القانون ويعد لاغياً وباطلاً ويتعين سحبه".
ويذكر مشروع القرار بكافة القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة بشأن احتلال الأراضي الفلسطينية، ويؤكد أن قضية القدس يجب أن تحل في إطار اتفاق سلام نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأوضح دبلوماسي أن التصويت المضاعف هذا الأسبوع في الأمم المتحدة بدفع من فلسطين التي تملك صفة مراقب في المنظمة الدولية، هدفه قياس ثقل الفلسطينيين إزاء خطة سلام مستقبلية محتملة.
يُذكر أن القدس الشرقية ضمتها إسرائيل بعد أن احتلتها في 1967 ثم أعلنتها عاصمتها "الموحدة".
ولم يعترف المجتمع الدولي أبداً بذلك، ويعتبر الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.