دعت حركة فتح، التي يترأسها الرئيس محمود عباس، السبت 16 ديسمبر/كانون الأول 2017، الفلسطينيين إلى تظاهرة ضخمة، الأسبوع المقبل، احتجاجا على زيارة نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إلى القدس، وتعبيراً عن رفضهم قرار واشنطن الاعتراف بالمدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.
وتتواصل تداعيات قرار الرئيس دونالد ترامب بشأن القدس، الذي شكل خروجاً على السياسة الأميركية المتبعة منذ عقود، مع تظاهرات غاضبة في الدول العربية والإسلامية، وكذلك صدامات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
"مسيرات احتجاج وغضب"
كما دفع قرار ترامب في 6 ديسمبر/كانون الأول، نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، بالرئيس الفلسطيني إلى إلغاء لقاء كان مقرراً مع بنس الأربعاء في القدس، محذراً من أنه لم يعد لواشنطن أي دور تؤديه في عملية السلام.
وأعلنت حركة فتح في بيان، السبت، أنها "تؤكد على ضرورة التظاهر في مسيرات احتجاج وغضب عارمة تجاه بوابات القدس، تزامناً مع وصول نائب الرئيس الأميركي إلى دولة الاحتلال، يوم الأربعاء القادم".
وكان بنس الذي يفترض أن يزور مصر وإسرائيل، ألغى الشق الفلسطيني من رحلته بعدما رفض عباس استقباله.
وبعدما أكدت استمرارها في برنامج "فعالياتها الشعبية في كافة المحافظات"، وجَّهت حركة فتح في بيانها نداءً إلى الفلسطينيين لـ"إغلاق الطرق الالتفافية في وجه المستوطنين، الإثنين والخميس القادمين"، في إطار تلك الفعاليات.
وينذر إغلاق الطرق الالتفافية التي يستخدمها المستوطنون لتجنب المرور عبر الأراضي الفلسطينية بمزيد من الصدامات.
وأعلنت فتح الجمعة المقبل "يوم غضب" في كل الأراضي الفلسطينية "رفضاً وتنديداً بالقرار الأميركي الجائر".
وجاءت الدعوة للتظاهر، فيما شيع آلاف الفلسطينيين أربعة شبان قتلوا الجمعة، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، اندلعت في إطار الاحتجاجات على قرار الرئيس الأميركي في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وكان أربعة فلسطينيين بينهم شاب هاجم جندياً قتلوا وأصيب نحو 270 آخرين بجروح، في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، إثر تظاهرات حاشدة الجمعة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، ضد الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل.
"لا عذر"
خرج عشرات آلاف الفلسطينيين في مسيرات وتظاهرات غاضبة بعد صلاة الجمعة، أعقبتها مواجهات في القدس القديمة، وعند النقاط الساخنة من شمال الضفة الغربية المحتلة إلى جنوبها قرب الحواجز العسكرية، وكذلك على طول الشريط الحدودي شرقي قطاع غزة.
وقتل اثنان من الشبان الأربعة في الضفة الغربية، واثنان في قطاع غزة. وبذلك يرتفع إلى ثمانية عدد الفلسطينيين، الذين قتلوا في أعمال عنف أو غارات، منذ إعلان ترامب، فيما أصيب مئات آخرون أيضاً بجروح.
وخلال تشييع باسل مصطفى في بلدة عناتا المتاخمة لمدينة القدس، أطلق ملثمون فلسطينيون النار في الهواء، بينما رفع المشاركون في الجنازة رايات حركتي حماس وفتح. وقد ردَّدوا هتافات ضد الاحتلال الإسرائيلي وضد قرار ترامب.
في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة، شارك إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، في جنازة الشاب المقعد والمبتور الساقين إبراهيم أبو ثريا، الذي قتل برصاصة في الرأس، بينما كان على كرسيه المتحرك يشارك في الاحتجاجات شرقي مدينة غزة.
وقال هنية في كلمة في مسجد "شهداء الشاطئ"، إنه "لا يوجد كائن على وجه الأرض يستطيع أن يغير حقيقة أن فلسطين والقدس للفلسطينيين وحدهم، ولا عذر لأحد بعد شهادة الشاب إبراهيم أبو ثريا أن يجاهد".
وأكد هنية أن "الإرهاب هو هذا المحتل، وهذا الشعب يريد الحرية".
"استفزاز خطير"
ينضم إلى بنس في زيارته جيسون غرينبلات، مبعوث ترامب الخاص إلى الشرق الأوسط، الذي لم يجتمع مع مسؤولين فلسطينيين منذ القرار الأميركي حول القدس.
ويرى الفلسطينيون أن قرار ترامب بشأن القدس يُخرج الولايات المتحدة من عملية السلام بشكل تام.
وما زاد من الاستياء الفلسطيني تصريح مسؤول أميركي كبير، الجمعة، بأن حائط المبكى (البراق) الواقع في القدس الشرقية، يجب أن يبقى بيد إسرائيل في كل الأحوال. وقال المسؤول في البيت الأبيض "نحن لا نتصور سيناريو لا يكون حائط المبنى فيه جزءاً من إسرائيل".
ورفضت الرئاسة الفلسطينية هذه التصريحات، السبت، وقال الناطق باسمها نبيل أبو ردينة "لن نقبل بأي تغيير على حدود القدس الشرقية المحتلة عام 1967".
وأضاف: "هذا الموقف الأميركي يؤكد مرة أخرى أن الإدارة الأميركية الحالية، أصبحت خارج عملية السلام بشكل كامل".
وقال أبو ردينة إن "استمرار هذه السياسة الأميركية، سواء فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو نقل السفارة الأميركية إليها، أو البت في قضايا الحل النهائي من طرف واحد، كلها خروج عن الشرعية الدولية وتكريس للاحتلال".
وشدَّد أبو ردينة على أن هذه المواقف الأميركية "بالنسبة لنا أمر مرفوض وغير مقبول ومدان ويشكل استفزازاً خطيراً".
ويقع حائط المبكى أو حائط البراق في القدس الشرقية المحتلة التي ينشدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة. وضمت إسرائيل الجزء الشرقي من القدس بعد احتلالها خلال حرب 1967، واصدرت قانونا يؤكد ان المدينة بشطريها هي عاصمتها "الابدية الموحدة".