يجلس عبد الله بعد يوم طويل من العمل مرهقاً أمام التلفاز، يجلس في حيرة فقد تسلّم للتوّ مهامه كمدير لقسم خدمة العملاء في الشركة، يحتار بين ما قاله مدرب التنمية البشرية عن أنه يجب أن يكون ودوداً في العمل وصديقاً ويبحث عن الشعبية بين أفراد فريقه، ونصيحة "ميكافيلي" للقادة التي استلهمتها المدارس الإدارية أن يخشاه الموظفون بدلاً من أن يحبوه؛ لأن الحب متغير.
يفتح التلفاز فيجد "غوردن جيكو" بطل فيلم (Wall Street) يتحدث إلى العاملين وينصحهم نصيحته المشهورة: (إذا أردت صديقاً فاشترِ كلباً).
هناك بعض المديرين يثقون في مقولات التنمية البشرية: "الصداقة مع المرؤوسين هي الطريق البطيء لحياة جيدة"، ولكن أضيف أنا عليها: "وأداء ضعيف أيضاً".
المديرون الذين يسعون إلى تكوين صداقات يتملقون مرؤوسيهم ويتجنبون اتخاذ قرارات صعبة، ويعيشون طوال الوقت في نزاعات لإرضاء المرؤوسين، ويحيون على الأداء المتواضع، فيكون الضعف هو النتيجة الحتمية للسعي وراء الشعبية.
أما مَن يتبع "ميكافيلي" فهو يحب أن يخشاه الآخرون، وهو مَن يختار القوة قبل التأثير في اختبارات أنماط الشخصية، ويجلس ليلاً مع أصدقائه أو زوجته ليقصّ عليهم شعور الموظفين بالرعب، وكيف أنه لا يستطيع أي موظف أن يتجرأ لطلب إجازة.
تكون من أهم سمات هذا المدير طرد بعض الموظفين لإحكام السيطرة على باقي الفريق. ربما تضطر يوماً للعمل مع هذا المدير، أعلم أنك لا ترغب في ذلك، ولكن إذا تعرضت للعمل معه من المهم أن تتعلم ما لديه من علم دون أن تتأثر بطريقة إدارته.
ما الحل؟ الخوف أم الصداقة؟ وكيف سيتقدم عبد الله؟
معظم المديرين الفعّالين يتمتعون بالاحترام والثقة، قد لا ترغب في الذهاب إلى مطعمك المفضل معهم يومياً، ولكنك تشعر بالراحة لوجودهم حولك.
كيف تكتسب ثقة واحترام مرؤوسيك؟
* اثبت على مبدأ واحد، وتجنب التقلبات والتناقضات، وضع الخطط والتزم بها، فالتناقضات سمة المدير الضعيف.
* حافظ على الإيجابية والكلام الإيجابي خاصة في الأوقات الصعبة.
* تجنب إلقاء اللوم، وركّز على المستقبل وكيفية الاستفادة من الأخطاء.
* واجه المشكلة بشجاعة، فإذا كان أحد مرؤوسيك أداؤه ضعيفاً انصحه ولا تنتظر حتى يحين موعد التقييم السنوي وتفاجئه، تأكد أنه لن ينسى لك هذا الموقف.
* أوفِ بوعودك وانتبه لما تقول، فقد أثبتت الدراسات أنه إذا قلتَ لأحد المرؤوسين: "ستحصل على الترقية إذا بذلت جهدك"، فهو يسمعها: "ستحصل على الترقية"، فلا تعد بما لا تستطيع فعله.
* كن مخلصاً لأفراد فريقك حتى يكونوا مخلصين لك، دافِع عنهم وقت النقد الظالم، وتحمَّل الهجوم من أجلهم إذا لزم الأمر.
* أظهر اهتمامك بحياتهم الشخصية وما يفضلونه ويحبونه، أظهر اهتمامك بآمالهم ومخاوفهم وأحلامهم دون أن تضطر لمجاراتهم، ولكن يكفيهم أن تفهمهم وتحترمهم وتظهر ذلك.
افعل ما سبق حتى وإن بدا لك الأمر بسيطاً، فالأمور البسيطة هي الأصعب في التنفيذ دائماً، وهي التي تميز مديراً عن مدير آخر.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.