رجل يعلم مدى الدعم، السياسي والمالي والإعلامي، الذي حظيَ به السيسي من دولة الإمارات العربية ثم المملكة السعودية وغيرهما من الدول التي اتفقت مصالحها مع النظام المصري.
يعلم مدى توافق مراكز القوى الإقليمية والدولية على السيسي منذ جلوسه على عرش مصر حتى الآن، وبخاصة في ظل كثرة الحديث عن اقتراب يوم الإعلان عن صفقة القرن، والنظام المصري بلا شك أحد الأطراف الفاعلة فيها.
إننا لا نتكلم عن ناشط سياسي أو عضو في فصيل سياسي عديم الخبرة، وإلا فالأمر حقيقة، يُعد كارثة كبرى.
فالرجل قد تقلّد عدة مناصب رفيعة في عصر مبارك، وقد شهد له المقربون منه بأنه عقلية إدارية متميزة، وهذا ما جعل مبارك يودّع ثقته به، وقت اشتعال ثورة يناير/كانون الثاني 2011، فجاء به رئيساً للوزراء، ثم إنه خاض الانتخابات الرئاسية عام 2012، وخسر السباق بعد أن حصل على المركز الثاني بفارق أصوات قليل بينه وبين مشرح جماعة الإخوان وقتئذ الدكتور محمد مرسي، بعدها سافر إلى الإمارات هارباً.
إن كان ذلك كذلك، فكيف لرجل بهذه الخبرة والتراكمات التي تكوّنت لديه على مدار عقود قضاها في ممارسة العمل العام، أن يخطو هذه الخطوة التي تبدو ساذجة؟
كيف لرجل بحجمه ووزنه، رغم الخلاف حوله، أن يخرج على ملايين المصريين، بل على العالم أجمع؛ ليعلن عن رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة دون التشاور مع حكام الدولة التي استضافته كل تلك الفترة "وذلك لسابق معرفته بمدى فاعليتهم في الشأن المصري"؟!
هل الفريق شفيق بهذه السذاجة حتى يعلن عن رغبته خوض السباق الرئاسي، أثناء تواجده بالإمارات الدولة الداعمة والمتحالفة مع السيسي؟! وبخاصة أنه قد يتعرض لحملة من التشويه وتوجيه الاتهامات؟!
ثم قيل إنه قام بإرسال شريط مصوَّر لتبثه قناة الجزيرة، يعلن فيه أنه قيد الإقامة الجبرية، وأن الإمارات تمنعه من السفر.
هذا على الرغم من يقين عِلمه بالموقف العدائي من قِبَل النظامين المصري والإماراتي تجاه قناة الجزيرة، بل إن قناة الجزيرة جاءت على رأس الأسباب التي تذرعت بها الأنظمة الأربعة لفرض الحصار على دولة قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي.
هل الفريق شفيق بهذه السذاجة حتى يُقدم على اتخاذ هذه الخطوات، فيرى نفسه في غمضة عين عدواً للدولة المضيفة بل وناكراً للجميل، (كما قيل له)، وهو ما زال يعيش على أراضيها، فتُبادر بترحيله إلى مصر؟ وخاصة أن هناك مصادر مقربة منه صرحت بأنه سوف يتوجه من أبوظبي إلى دول غربية، لعقد سلسلة لقاءات بالجاليات المصرية في الخارج، وذلك ما أوحى للبعض بأن هناك اتفاقات وترتيبات تخص أمر العودة إلى مصر والترشح للرئاسة سوف تناقش مع فاعلين غربيين.
بعد هذا الذي شهدناه في الفترة الماضية، وما تفاجأنا به، من إلقاء القبض على الفريق وترحيله إلى مصر، يجعلنا نطرح هذه التساؤلات:
هل هناك مَن غرّر بالفريق حتى يقع في هذا الفخ؟ وبالتالي تتوافر الذريعة المناسبة التي تحمل دولة الإمارات على تسفيره وتسليمه إلى مصر.
هل تأثر الفريق شفيق رئيس وزراء مصر الأسبق بما صاحب استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من زخم إعلامي وسياسي، وانشغال العالم أجمع بشأنه؟
هل اعتقد الفريق أن بعض الأطراف الدولية الفاعلة سوف تتحرك لمناصرته، أسوة بالحريري؟ رغم الفارق، فالحريري رئيس وزراء لبنان الحالي، على عكس شفيق.
هل رئيس وزراء مصر الأسبق رجل ساذج إلى هذا الحد؟
أم أن هناك صفقة يتم إبرامها بين أطراف خارجية وداخلية؟
نترك الأيام المقبلة لتخبرنا بالإجابة، وإن غداً لناظره قريب.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.