اخلع نعلَيك يسترِح قلبك

* تحتاج يا عم بعض الآلام حتى يعود الدم إلى مجراه.. صدقني إنه فعلاً مفيد أن تمشي برجليك العاريتين على الأرض الصلبة وتصطدم بين الحين والآخر بأثاث البيت وأرصفة الشارع، ولكن هذا لا يقارن بآلام الحذاء الأنيق الضيّق الذي أساء إلى صحتك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/11 الساعة 03:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/11 الساعة 03:20 بتوقيت غرينتش

ملحوظة: التدوينة بالعامية المصرية

* مساء الخير يا عم، كيف أستطيع أن أخدمك اليوم ومما تشكو؟
– مساء الخير يا دكتور، قلبي يا دكتور.

* سلامة قلبك، دعني أكشف عليك وأسمع دقات قلبك.. ما شاء الله قلبك سليم، ربما دقاته غير منتظمة، ولكن هذا عارض لشيء آخر، قُل لي من فضلك هل تشكو من أعراض أخرى؟
– لا، كل شيء تمام.

* طيب كيف نومك؟ يعني بتنام مستغرقاً وتحلم بأحلام؟
– لا، لكن الحمد لله، بس بلا مؤاخذة ليه سؤال النوم؟

* عينيك يا حاج مرهقة والهالات السوداء حولها، على أي حال سنُجري بعض التحاليل ربما هذا يساعدنا في التعرف على حالة الإرهاق.. أسعد الله مساءك.
– أُفّ.. (سمعها الطبيب بمجرد أن نزل المريض من على تخت الكشف ووضع رِجليه على الأرض).

* ما لَك يا عم؟
– لا مفيش شيء، بس الحذاء ضيق حبّتين.

* دعني أرى (نزل الطبيب على ركبتَيه ونزع الحذاء الأنيق اللامع ويخلع أيضاً الجوارب).. يا الله ما هذه الأقدام المزرقة والأصابع الملتوية الملتصقة.. دعني أدلكّها لك لدقائق.
– كفى يا دكتور، إنهما تؤلماني.

* حسناً، دعني أرى حذاءك من فضلك.. لا أصدق ما أرى.. بدون بطانة ممكن، ولكن قطع حديدية للبطانة هذا لم أسمع به من قبل، من وين اشتريت هذا الحذاء يا عم؟
– من شركة أسياد.

* غريبة، وهدول إيش فهمهم بصناعة الأحذية؟ وليه تشتري أحذيتهم؟
– هادي حكاية تطول يا دكتور.. أصل الشركة كان أبويا شريك فيها مثل كل الآخرين، ثم جاءت مجموعة منا ووضعوا أيديهم على الشركة وأقنعونا أنهم سيديرونها بالنيابة عنا، المشكلة أننا صدقناهم وتبيّن بعد ذلك أنهم لا يفهمون في صناعة الأحذية بالمرة، ثم غيَّروا اسمها من شركة البلد لشركة الأسياد.

* طب يا عم وإيه جابرك على شراء مصنوعاتهم الرديئة؟
– لا بد يا دكتور من تشجيع الصناعة الوطنية، ولا تنسَ أنهم يقتطعون من أرزاقنا ثمن هذه الأحذية وإن لم نشترِها.

* لا بأس، ولكن ليه الحديد اللي بالبطانة؟
– لا أعرف، ولكنهم قالوا لنا إنهم سيغيرون الحذاء بالمجان إذا لم تسترِح فيه.

* طب ليه يا عم لم تغيّره؟
– فعلت فهذا حذاء آخر استبدلته بالقديم المزعج من أسبوع، ولما جربته آلمني فقالوا لي إنه جلد مائة بالمائة، وإنه سيتسع بالوقت وتعتاد عليه.

* نعم يا عم، ولكن منظر رجليك يدل على أنك لا تنام الليل من الآلام.. ربما هذا هو سبب الإرهاق واضطراب ضربات القلب.
– ربما يا دكتور.. ولكنني أتناول مسكناً للآلام كل ليلة حتى أستطيع أن أتلمس ساعة أو اثنتين قبل الصباح.

* اسمع يا عم لي عندك كلمتان، أنا لم أفهم منطق ما تقول، ربما كل ما تريده منّي حبوب مسكنة للآلام، وهذا تجده عند الطبيب المعالج الذي وصفه لك من قبل، أما أنا فلن أعالجك قبل أن ترمي بهذا الحذاء من النافذة.
– أكيد يا دكتور؟

* إيه أكيد؟
– يلّا مع السلامة (ورماه فعلاً من النافذة)، الآن ما العلاج يا دكتور؟

* تمشي حافياً لمدة سنة كاملة حتى تعود الدورة الدموية إلى طبيعتها إلى رجليك، ثم تذهب لشراء حذاء مريح حتى وإن كان غير لامع ولا أنيق.. المهم مريح.
– لا بأس يا دكتور، ولكن كيف أمشي على الحجارة والحصى ولا ينالني الألم؟

* تحتاج يا عم بعض الآلام حتى يعود الدم إلى مجراه.. صدقني إنه فعلاً مفيد أن تمشي برجليك العاريتين على الأرض الصلبة وتصطدم بين الحين والآخر بأثاث البيت وأرصفة الشارع، ولكن هذا لا يقارن بآلام الحذاء الأنيق الضيّق الذي أساء إلى صحتك.

(نزل المريض من عيادة الطبيب ليجد حذاءه بالشارع أمامه، نظر إليه والتقطه، كل هذا والطبيب يتابعه من النافذة، وقد بانت على وجهه علامات الحزن، ولكن سرعان ما انفرجت أساريره وهو يشاهد مريضه يلقي بالحذاء في سلَّة القمامة).

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد