عمرو خالد، الداعية المصري الشهير هو عمرو محمد حلمي خالد، مواليد 5 سبتمبر/أيلول 1967، شهد مطلع الألفية بدايته، فأصبح في وقت قصير ظاهرة لا مجرد داعية شهير، نعم ظاهرة فهو الداعية الشاب الذي يرتدي الجينز، حليق اللحية، يستخدم لغة جديدة بسيطة باللغة العامية يتخلل كلامه بعض المصطلحات الإنكليزية، ينحدر من أسرة ميسورة لها جذور عريقة، ولم يكن غريباً أن يكون أغلب رواده من الشباب من أبناء الطبقة الراقية، ولمَ لا وبدايته كانت إلقاء المحاضرات بنادي الصيد، ذاع صيته وزاد من قدره تأثيره في تلك الطبقة وتلك الفئة العمرية!
انتقل عمرو خالد إلى مسجد الحصري بمدينة السادس من أكتوبر نتيجة لزيادة الأعداد، وأصبحت الناس تتوافد عليه من أماكن بعيدة، فكانت البداية الاحترافية على قناة اقرأ، انطلق عمرو خالد مع الشباب وأصبح مشروعه صناع الحياة له دوره الكبير بالوطن العربي.
أهم ما جذب الشباب لعمرو خالد بخلاف لغته القريبة منهم أنه يسقط دائماً قصص الأنبياء والصحابة على الواقع، ويربط بين الدين والمواقف الحياتية بشكل مباشر، من ناحية أخرى لم يكن كغيره يكتفي بالقول بل تحرك على الأرض مع شباب في حملات أعمال خيرية، وحملة ضد المخدرات ولعل دوره على الأرض وتأثيره الواسع كان سبب استبعاده من مصر.
شهدت بدايات عمرو خالد في محيطي الشخصي فوجدت زملائي من غير الملتزمين يتحدثون عنه وعن دوره الكبير بحياتهم، حتى الملتزمين استبدلوا شرائط الشيخ محمد حسان ويعقوب والحويني بشرائطه، فدفعني الفضول لطلب كتبه فقالت لي صديقتي: معي بعض شرائطه، ولكن كانت القراءة الطريقة الوحيدة التي تروق لي، فاعتذرت عن أخذ الشرائط وطلبت كتباً، للأسف صدمت؛ لأن الكتب كانت بالعامية يبدو أن الكتاب يكتب به ما يقال بالمحاضرة دونما مراعاة أن المتلقي القارئ يختلف وضعه تماماً عمن يتلقى المحاضرة، شعرت أن هذا الرجل يخاطب المؤلفة قلوبهم، وأنه لا يناسب من لديه خلفية ولو بسيطة عن الثقافة الإسلامية، بعدها بفترة فوجئت ببعض أقاربنا ممن تجاوزا الخمسين ينهالون عليه بالسباب، وأنهم كانوا يظنونه كالشيخ الغزالي، ولكن بعد الاستماع إلى بعض حلقات برنامجه اكتشفوا سطحيته الشديدة ويتعجبون من علو شأنه، كان لي رأي وقتها الرجل أجاد ووصل لمن يستهدفهم ومن الطبيعي ألا يروق لغيرهم، فما يحتاجه شاب صغير تغريه الفتن يختلف عما يحتاجه الحاج الخمسيني المقبل على الله.
وهكذا كان تقديري للأمر منذ البداية، واليوم أنا لا أعترض على الهجوم على عمرو خالد لشخصه، بل أعترض على فكرة التطرف في التقييم، فإما أن نعلي من قدر الشخص لدرجة أن نفتنه في نفسه، أو نهاجمه وننهال عليه بالتهم بغير بينة، فهي سمة من سمات الجهل والتطرف، وهي من الطرق الشعباوية الشهيرة في الحكم على البشر فقد أرسل الله نبيّه يحيى ونبيه عيسى في وقت واحد، فقُتل يحيى وعُبد عيسى، والإمام علي -كرم الله وجهه- يحدثنا عن من حوله فيقول: إن بعضهم يدخل النار في كراهيته وبعضهم يدخلها في محبته، وانعكست تلك الطريقة في التقييم في العصر الحديث، فتجد البعض يتحدث عن عبد الناصر بوصفه زعيم الأمة وستجد آخرين يعتبرونه سفاحاً.
لفت نظري الحساب الخاص بزميلة على فيسبوك كانت تكتب في العام 2007 عن أهمية الحجاب، وتقول عمرو خالد قال، وتنهي كلامها بعبارة ملكة بحجابي، وفي عام 2017 كتبت عن خلع الحجاب وعدم فرضيته وتغرير عمرو خالد بها؛ لأنه كان ممولاً من السعودية لنشر الحجاب بمصر، وتقول إسلام بحيري قال، وتنهي كلامها بعبارة أنا روعة ولست عورة، أود أن أقول لها: عشر سنوات لم تغير بك شيئاً، أنت كما أنت لا تفكرين، لا تحاولي أن تصلي للحقيقة بنفسك، تعتمدين على آخر مهما اختلف اسمه أو فكره لتكوني مجرد تابع له، وأنا هنا لا أتحدث عن شخص بعينه، بل أتحدث عن أمة لا تفكر.. لا تقرأ.. فيكون من السهل أن تقبل كل ما يملى عليها.
أما عن عمرو خالد فهو تجربة له ما له وعليه ما عليه، أخطأ وأصاب، تم استبعاده من مصر مرتين قبل ثورة يناير، منذ ما لا يزيد على عام تم استبعاده من حملة أخلاقنا، بدعوى أنه من جماعة الإخوان المسلمين، ومع هذا أغلب التهم التي توجَّه له أنه داعم للنظام، فهو يهاجَم اليوم من أطراف عدة، والغريب أنها أطراف متنازعه، وأظن أن السبب الحقيقي في الهجوم يبقي المعايير المتطرفة في التقييم ناحية أقصى اليمين أو أقصى اليسار.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.