أكدت الرياض أن أميراً سعودياً هو الذي اشترى إحدى لوحات ليوناردو دافنشي الشهر الماضي، ودفع ثمنها 450.3 مليون دولار في صفقة اعتبرت الأعلى بتاريخ الفن، لكن السعودية قدمت تفسيراً مغايراً لما كشفت عنه تقارير صحفية عن أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو المشتري الحقيقي للوحة.
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الجمعة 8 ديسمبر/كانون الأول 2017، أن السفارة السعودية في واشنطن وعلى لسان متحدثة باسمها، أصدرت بياناً نفت فيه أن يكون بن سلمان هو مالك اللوحة، وقالت إن ابن عمه الأمير بدر بن محمد بن فرحان اشترى اللوحة نيابةً عن وزارة الثقافة في أبو ظبي بالإمارات العربية المتحدة، وأضافت أن اللوحة ستُعرض هناك في فرعٍ مفتتح حديثاً لمتحف اللوفر.
المشتري الحقيقي
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أكدت أن الأمير بدر ليس هو المالك الحقيقي للوحة، ونقلت عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، ومصدر سعودي مطلع، تأكيدهم أن بن سلمان هو المشتري الحقيقي، وأنه أوعز للأمير بدر بإتمام عملية شراء اللوحة، التي بيعت في مزاد أقامته دار كريستيز بنيويورك، يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
بدورها قالت "نيويورك تايمز" إن الأمير بدر تباهى باقتناء هذه اللوحة، التي تعدّ منافية لتعاليم الإسلام.
ولم تكن هوية الأمير بدر معروفة أيضاً للمسؤولين عن المزاد الذي بيعت فيه اللوحة، وبحسب موقع "آرت نت نيوز" الأميركي فإن هوية الأمير بدر كانت مجهولة، خصوصاً أنه لم يسجل كمُزايد محتمل للوحة حتى اليوم الذي سبق عملية البيع؛ مما دفع المسؤولين في المزاد إلى إجراء أبحاث للتأكد من قدرة هذا المزايد على شراء تلك اللوحة الباهظة.
وأضاف الموقع أنه بعد أن دفع الأمير بدر عربوناً بقيمة 100 مليون دولار، ظل محامو المزاد يحاولون البحث عن مصادر تمويله وطبيعة العلاقة التي تربطه بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأن الأمير بدر غيّر موقفه وقرر الدفع على أقساط بعد أن أخبر "كريستيز" بأنه يريد دفع الثمن دفعة واحدة.
"وقت محرج لولي العهد"
وقالت "نيويورك تايمز" إن لوحة "سالفاتور مندي" (أو مُخلِّص العالم) وربما تنتهك أيضاً حساسياتٍ سعودية، إذ أنَّ التصوير الإنساني لا سيما تصوير الشخصيات الدينية مُحرَّمٌ في السعودية، وهذه اللوحة تثير مشكلاتٍ خاصة لأنَّها "تصور المسيح بصفته مُخلِّصاً".
ولم يكشف متحف اللوفر أبو ظبي عما إذا كان يتوقع استلام اللوحة كهدية، أو على سبيل الإعارة، أو الإيجار، ولم يرد مسؤولو المتحف على طلبات للتوضيح.
وتساءل الأمير بدر، في بيانٍ مُقتضَب يوم الخميس الفائت 7 ديسمبر/كانون الأول، عن عناصر غير محددة في مقال الصحيفة، لكنَّه لم يذكر اللوحة ولا عملية الشراء ولا المتحف ولا ولي العهد.
وتأتي عملية الشراء هذه في وقتٍ محرج لولي العهد، لأنَّه يقود حملة واسعة النطاق ضد الفساد والإثراء الذاتي من قِبل النخبة السعودية، خصوصاً وأنه شن حملة اعتقالات واسعة أمراء ووزراء سابقون ورجال أعمال، وكان من بينهم 10 من أبناء عمومته، وأجبرهم على التنازل عن جزء من أموالهم كشرط لنيل حريتهم، أو عدم وضعهم في السجن.
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن اقتناء اللوحة المذكورة هو أوضح دليل حتى الآن على انتقائية الحملة التي تُشَن على الفساد، وقالت إن أنصار ولي العهد يصورونه على أنه إصلاحي، إلا أنه هو القائد لحملة الاعتقالات خارج نطاق القانون غير مسبوقة في التاريخ المعاصر للمملكة العربية السعودية لدرجة أنها باتت تقلق الحكومات الغربية حول الاستقرار السياسي لأكبر منتِج للنفط في العالم.
وفي عالم الفن، يعد شراء لوحة "سالفاتور موندي" دالاً على المكانة المرموقة للمشتري، وإن كان أمراً مثيراً للجدل، حيث إن بعض الخبراء شككوا في أن تكون اللوحة فعلاً من رسم الفنان ليوناردو دافنشي. وبعضهم لم يثر إعجابَه ما حصل.
ويعد مالك اللوحة السابق هو الملياردير الروسي ديمتري إي. رابولوفليف، الذي اشترى منزلاً في فلوريدا من دونالد جيه ترامب بمبلغ 95 مليون دولار، قبل ما يقرب من عقد من الزمن.
وكان رابولوفليف قد دفع في عام 2013 مبلغاً قدره 127.5 مليون دولار ثمناً للوحة -أقل من ثلث القيمة التي دُفعت فيها خلال عملية البيع التي تمت الشهر الماضي- ولا يزال حتى الآن يخوض معركة قانونية مع تاجر اللوحات الفنية الذي باعه اللوحة بذلك السعر المرتفع جداً، ضمن مجموعة أخرى من المشتريات.