أتاي.. المشروب الأول لدى المغاربة

يختلف مذاق الشاي في المغرب من منطقة إلى أخرى، وإن كانت جلّ المناطق تحضره بالنعناع في الصيف وبالشيبة أيام البرد، إلا أن الاختلاف الكبير هو ما بين الشاي الصحراوي ونوع الشاي في بقية المناطق، فإن كانت أغلب المناطق صارت تزاوج ما بين القهوة والشاي، إلا أن أبناء الصحراء لا يعتدون بالقهوة ولا يتنازلون عن جلسة الشاي الصحراوية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/12/07 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/12/07 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش

أصول تاريخية

يعتبر الشاي المشروب الأول لدى المغاربة، ولهم معه باع طويل، فبعد أن كان مشروب الملوك أصبح فيما بعد مشروب العامة والجموع، وترجع قصته أساساً إلى شجرة في الصين اسمها شا، اكتشفها إمبراطور صيني يدعى شين جين، الذي بدأ يغلي الماء ويسقط فيه أوراق تلك الشجرة، مما أعطاه مذاقاً جديداً ومنعشاً لم يتذوق مثله من قبل، ومن هناك نقله الأوروبيون وغيرهم حتى انتشر في العالم بأسره.

وحسب الروايات التاريخية فقد وصل الشاي عند المغاربة على يد السلطان العلوي مولاي إسماعيل، الذي يحكى عنه أنه تلقى هدية من مبعوثين أوروبيين على شكل أكياس من السكر والشاي، ومما يحكى أيضاً أن الشاي آنذاك كان حكراً على نخبة القوم وعليته ولم يكن في متناول الجميع.

ومع توالي السنين صار الجميع يقتني حبوب الشاي وأصبح مشروباً لا غنى عنه في الموائد المغربية، وترجع كلمة أتاي التي يستعملها المغاربة لكونها جاءت من اسمه باللغة الفرنسية.

وعندما يلتقي بك أحدهم فمن باب الكرم وكذلك ما يشبه طلب الصداقة في عالم الفيسبوك أن يدعوك لشرب كأس شاي، بغض النظر عن كونك ستقبله أو ترفضه، وأول ما يبتدئ به في المناسبات المغربية، سواء كانت أفراحاً أو أحزاناً، وهو شرب الشاي.

جلسة شاي
للشاي لدى المغاربة حظوة ومكانة وصار يحتسى في كل الأوقات والأزمان في الربيع والخريف والشتاء، وفي كل المناسبات، وما إن تدخل ما بين الجموع حتى تجد كل ما يتطلبه الشاي قد حضر من صينية كبيرة فوقها براد مزهو بنفسه وسط القوم إلى كؤوس مصطفة أمامه كجنود أمام قائدهم.

في جلسات الشاي تتماشى حلقات الذكر كما تتماشى حوارات النميمة الجانبية التي لا تحلو كأس الشاي بدونها، فمن قصص أشخاص كانوا بيننا فاغتنوا برمشة عين إلى بنت الجيران ذات الجمال الساحر، مروراً بنكتة تقال على استحياء لما تحتويه مدلولها الجنسي إلى مشكلة عويصة وقع فيها أحد الأقارب.

يختلف مذاق الشاي في المغرب من منطقة إلى أخرى، وإن كانت جلّ المناطق تحضره بالنعناع في الصيف وبالشيبة أيام البرد، إلا أن الاختلاف الكبير هو ما بين الشاي الصحراوي ونوع الشاي في بقية المناطق، فإن كانت أغلب المناطق صارت تزاوج ما بين القهوة والشاي، إلا أن أبناء الصحراء لا يعتدون بالقهوة ولا يتنازلون عن جلسة الشاي الصحراوية.

شاي الصحراء
تتميز نسبة كبيرة من مغاربة الصحراء -هنا أقصد الأجداد بالضبط كونهم من الرُّحل- يعتمدون على توفير الكلأ لمواشيهم وإبلهم كوسيلة للعيش؛ لذلك كانت حياة الخيام جزءاً طبيعياً من معيشتهم، وفي ظل الخيمة وبعد يوم شاق توضع صينية كبيرة بها كؤوس أتاي قصيرة نسبياً مقارنة ببقية المناطق، ويوضع براد الشاي فوق مجمر، وهو وعاء من فخار يوضع فيه فحم متقد، وتظل المجموعة كلها تخوض في أحاديث مختلفة بانتظار غليان الكأس الأول من الشاي، ولا يضاف إليه نعناع أو شيبة، ويطول السهر والسمر بطول مدة إعداد الشاي وشربه.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد