حثت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الفلسطينيين، الخميس 7 ديسمبر/كانون الثاني، على التخلي عن جهود السلام وبدء انتفاضة جديدة ضد إسرائيل رداً على اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ودعت الفصائل الفلسطينية إلى "يوم غضب" غداً الجمعة فيما خرجت موجة من الاحتجاجات اليوم الخميس في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة وتسببت في اشتباكات بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية. وقال مسعفون إن 31 شخصاً على الأقل أصيبوا بأعيرة نارية وطلقات مطاطية أطلقها الجنود الإسرائيليون.
واستعدت بعض العواصم العربية لخروج مظاهرات الجمعة اعتراضاً على قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ومن جانبه قال الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، إن صاروخين أُطلقا باتجاه إسرائيل من قطاع غزة لكنهما لم يعبرا الحدود. وأعلنت جماعة "ألوية التوحيد" في قطاع غزة مسؤوليتها عن إطلاق الصاروخين.
وقصفت المدفعية والطيران الإسرائيليان قطاع غزة رداً على إطلاق الصواريخ. وقال الجيش إن القصف المدفعي والجوي استهدف "موقعين عسكريين" في قطاع غزة دون أن يحدد من يسيطر على "الموقعين".
وترتبط حماس وإسرائيل بهدنة هشة منذ نهاية حرب 2014 هي الثالثة منذ سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007.
وقال المسعفون إن هناك 11 مصاباً برصاص حيّ، فيما سقط 20 مصاباً بطلقات مطاطية في الاشتباكات التي وقعت اليوم الخميس. وأشاروا إلى أن أحد المصابين في حالة حرجة. ورشق بعض المحتجين الجنود بالحجارة وهم يهتفون بشعارات مناهضة للولايات المتحدة ولترامب.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في كلمة ألقاها بغزة: "نطالب وندعو وسنعمل على إطلاق انتفاضة في وجه الاحتلال الصهيوني".
وحث هنية، الذي انتخب زعيماً للحركة في مايو/أيار، الفلسطينيين والمسلمين والعرب على الخروج في مظاهرات احتجاجاً على القرار الأميركي واصفاً إياها "بيوم الغضب".
ومن المتوقع أن تخرج احتجاجات ومظاهرات غداً الجمعة قرب نقاط تفتيش إسرائيلية في الضفة الغربية وعلى الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.
كما من المتوقع أيضاً أن تكون صلاة الجمعة في الأقصى غداً محور توترات محتملة.
وحث ناصر القدوة، عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح مساعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الفلسطينيين على بدء احتجاجات لكنه قال إنها يجب أن تكون سلمية.
والتقى عباس، الخميس، بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عمّان. والأسرة الهاشمية التي ينتمي إليها العاهل الأردني هي المشرفة على المواقع الإسلامية المقدسة في القدس. ورفض الأردن، حليف الولايات المتحدة، قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقال إنه "باطل قانوناً".
"تخليد" ترامب
أعلن ترامب أن إدارته ستبدأ في إجراءات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس في خطوة من المتوقع أن تستغرق سنوات، وكان رؤساء أميركا السابقون فضلوا عدم اتخاذها تفادياً لإثارة التوترات.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أشاد بإعلان ترامب باعتباره "يوماً تاريخياً"، الخميس، إن دولاً "كثيرة" ستحذو حذو الولايات المتحدة في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإن هناك اتصالات تجري بالفعل في هذا الشأن. ولم يحدد الدول التي أشار إليها.
وقال في كلمة ألقاها بوزارة الخارجية الإسرائيلية: "خلّد الرئيس ترامب اسمه في سجلات عاصمتنا. سيشاد باسمه الآن إلى جانب أسماء أخرى ذات صلة بالتاريخ المجيد للقدس ولشعبنا".
وانتقد حلفاء آخرون مقربون من واشنطن، بينهم فرنسا وبريطانيا، تحرك ترامب. ودعا البابا فرانسيس لاحترام الوضع القائم للمدينة بينما عبرت الصين وروسيا عن قلقهما.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني: "للاتحاد الأوروبي موقف واضح وموحد. نعتقد أن الحل الواقعي الوحيد للنزاع بين إسرائيل وفلسطين مبني على دولتين تكون القدس عاصمة لكلتيهما".
وقال دبلوماسيون إن من المرجح أن يجتمع مجلس الأمن غداً الجمعة لمناقشة القرار الأميركي.
وقال الكرملين، الخميس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان تحدثا هاتفياً اليوم وعبّرا عن قلقهما العميق بشأن القرار.
وأثار قرار ترامب الشكوك بشأن قدرة إدارته على مواصلة مساعي السلام التي يقودها جاريد كوشنر صهر ترامب وأحد كبار مستشاريه لشهور بهدف إحياء المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة.
ودعا هنية الرئيس عباس للانسحاب من عملية السلام مع إسرائيل ودعا العرب كذلك إلى مقاطعة إدارة ترامب. وقال عباس، أمس الأربعاء، إن الولايات المتحدة تخلت عن دورها كوسيط في مساعي السلام.
وقال هنية: "أعطينا تعليمات لكل أبناء حركة حماس في كل أماكن تواجدهم إلى إعلان نفير داخلي وإلى التهيؤ والتحضير لمتطلبات المرحلة القادمة لأنها مرحلة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني".
وأضاف: "القدس موحّدة نحن لا نعترف بأن هناك قدساً غربية وأن هناك قدساً شرقية. القدس موحّدة هي أيضاً ملك لنا نحن الشعب الفلسطيني".
وأضاف أن القدس الموحدة عربية وإسلامية وأنها عاصمة لدولة فلسطين بالكامل.
رد فعل متوقع
تعتبر إسرائيل والولايات المتحدة حماس، التي خاضت 3 حروب مع إسرائيل منذ 2007، منظمة إرهابية. ولا تعترف حماس بحق إسرائيل في الوجود. وساهمت تفجيراتها الانتحارية في دفع الانتفاضة الأخيرة من 2000 إلى 2005.
ووسط قلق من أن يؤدي تبادل الاتهامات إلى تعطيل جهود المصالحة، وصل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ومندوبون آخرون عن حركة فتح إلى غزة اليوم الخميس للقاء مسؤولي حماس.
ولا يعترف المجتمع الدولي بسيادة إسرائيل على كل القدس ويعتقد أن وضع المدينة ينبغي حله في المفاوضات. وليس لأي دولة أخرى سفارة في القدس.
ويفي ترامب بقراره بأحد وعود حملته الانتخابية وسيرضي الجمهوريين المحافظين والمسيحيين الإنجليين الذين يشكلون نسبة كبيرة من قاعدة مؤيديه في الداخل.
وقال ترامب إن تحركه لا يهدف إلى ترجيح كفة إسرائيل وإن الاتفاق على الوضع النهائي للقدس سيظل جزءاً محورياً في أي اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن التحرك نظر إليه بالإجماع تقريباً في العواصم العربية باعتباره انحيازاً لإسرائيل.
وأظهرت وثيقة لوزارة الخارجية الأميركية، أمس الأربعاء، أن واشنطن تطالب إسرائيل بتخفيف ردّها على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وذلك لأن واشنطن تتوقع رد فعل غاضباً، وتدرس التهديدات المحتملة للمنشآت والأفراد الأميركيين.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في فيينا: "الرئيس أصدر لي ولوزارة الخارجية توجيهات لتنفيذ عملية لبدء مساعي نقل السفارة.. هذا ليس أمراً سيحدث بين ليلة وضحاها".
وقال حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة حزب الله اللبنانية، الخميس، في كلمة نقلها التلفزيون: "نحن أمام عدوان أميركي سافر.. على القدس وعلى أهلها ومقدساتها وهويتها الحضارية وفلسطين وشعبها وقضيتها وعلى كل الأمة حكومات وشعوب"، وأعلن تأييده لدعوات شن انتفاضة جديدة ضد إسرائيل.
وأدان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قرار الولايات المتحدة، وقال في بيان نقله موقع سايت الإلكتروني إن قرار ترامب جاء نتيجة "لخطوات التطبيع بين عدد من نظم المنطقة وعلى رأسها أنظمة الخليج والاحتلال اليهودي".
وأضاف البيان أنه كذلك يمثل "تحدياً صريحاً للشارع المسلم الذي يرى مركزية القضية الفلسطينية".
واندلعت احتجاجات في مناطق من العاصمة الأردنية عمان يسكنها لاجئون فلسطينيون وتجمع عدة مئات خارج القنصلية الأميركية في إسطنبول أمس بعد إعلان ترامب.
وفي العاصمة الباكستانية إسلام أباد نظم نحو 50 عضواً من جماعة الدعوة الإسلامية احتجاجاً لشجب القرار الأميركي. وانضم بضع عشرات من نقابات عمالية للاحتجاج.
وقالت حركة طالبان في أفغانستان إن الولايات المتحدة "تكشف عن مطامحها الاستعمارية في الأراضي المسلمة".
وأطفأ فلسطينيون أضواء عيد الميلاد في مسقط رأس المسيح في بيت لحم وفي رام الله قرب قبر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ليل الأربعاء احتجاجاً على القرار.