يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2017، اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية إليها، مخالفاً بذلك ما جرت عليه السياسة الأميركية منذ عشرات السنين، في خطوة يحتمل أن تثير اضطرابات.
ورغم تحذيرات من حلفاء الولايات المتحدة من الدول الغربية والعربية، سيلقي ترامب كلمة الساعة الواحدة بعد الظهر (18:00 بتوقيت غرينتش) في البيت الأبيض، يطلب فيها من وزارة الخارجية البدءَ في البحث عن موقع لإقامة سفارة في القدس، في إطار ما يتوقع أن تكون عملية تستمر سنوات لنقل النشاط الدبلوماسي من تل أبيب.
وسيوقع ترامب قراراً بإرجاء نقل السفارة لدواعٍ أمنية؛ إذ إنه لا يوجد مبنى في القدس يمكن للسفارة الانتقال إليه. وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن بناء السفارة قد يستغرق ثلاث أو أربع سنوات.
ومع ذلك فإن قرار ترامب، الذي كان من وعوده الأساسية في الحملة الانتخابية، سيقلب رأساً على عقب ما سارت عليه السياسة الأميركية لعشرات السنين، على أساس أن وضع القدس يمثل جزءاً من حل الدولتين للقضية الفلسطينية، إذ يسعى الفلسطينيون لجعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم.
وحذّر جميع حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط من تداعيات خطيرة لقرار ترامب، عندما اتصل بهم أمس الثلاثاء.
وجهة النظر الأميركية
وقال مسؤول أطلع الصحفيين على قرار ترامب يوم الثلاثاء "الرئيس يعتقد أن هذا اعتراف بالواقع. وسنمضي قدماً على أساس حقيقة لا يمكن إنكارها. فهذا الأمر حقيقة واقعة".
وقال مسؤولون كبار في الإدارة، إن الغرض من قرار ترامب ليس ترجيح كفة إسرائيل، وإن الاتفاق على الوضع النهائي للقدس سيظل جزءاً محورياً في أي اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأضاف المسؤولون أن قرار ترامب يعكس حقيقة جوهرية، تتمثل في أن القدس هي مقر الحكومة الإسرائيلية، ويجب الاعتراف بها على هذا الأساس.
وقال الفلسطينيون إن هذه الخطوة ستقضي على حل الدولتين.
والفوائد السياسية التي ستعود على ترامب غير واضحة، وإن كان القرار سيفرح المحافظين من الجمهوريين والمسيحيين الإنجيليين، الذين يشكلون قسماً كبيراً من قاعدته السياسية.
لكنه سيعقد رغبة ترامب في تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط والسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ويغذي التوترات.
وقال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إن الشعب الفلسطيني في كل مكان لن يسمح بتمرير هذه المؤامرة، وإن خياراته مفتوحة في الدفاع عن أراضيه وأماكنه المقدسة.
"تداعيات خطيرة"
يأتي القرار في وقت يقود فيه جاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره مساعي في هدوء لاستئناف محادثات السلام في المنطقة، غير أنها لم تحقق تقدماً ملموساً حتى الآن.
وقال مسؤول كبير "سيؤكد الرئيس مجدداً مدى التزامه بالسلام. وفي حين أننا ندرك الكيفية التي قد ترد بها بعض الأطراف فما زلنا نعمل على خطتنا التي ليست جاهزة بعد. لدينا من الوقت ما يتيح تكوين صورة صحيحة، ومعرفة مشاعر الناس بعد انتشار هذا النبأ خلال الفترة المقبلة".
وأكد بيان أصدره الديوان الملكي الأردني، أن الملك عبدالله أكد في مكالمته مع ترامب أن القرار "ستكون له انعكاسات خطيرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وسيقوض جهود الإدارة الأميركية لاستئناف العملية السلمية، ويؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين".
وكانت إسرائيل استولت على القدس الشرقية في حرب عام 1967، وأعلنت فيما بعد ضمها إليها. ولا يعترف المجتمع الدولي بالسيادة الإسرائيلية على المدينة كلها.
وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة للصحفيين "اعتبرنا القدس على الدوام قضيةً من قضايا الوضع النهائي، يجب أن تحل من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
ولا توجد لأي دولة سفارة في القدس.
وكان ترامب عمل على توجيه السياسة الأميركية لصالح إسرائيل، منذ تولى منصبه في يناير/كانون الثاني، معتبراً الدولة اليهودية حليفاً قوياً في منطقة متقلبة من العالم.
ومع ذلك فقد ساد التوتر المداولات بشأن وضع القدس.
وقال مسؤولون أميركيون آخرون، مشترطين عدم الكشف عن أسمائهم، إن مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، وديفيد فريدمان السفير الأميركي لدى إسرائيل مارسا ضغوطاً كبيرة من أجل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة إليها، بينما عارض وزير الخارجية ريكس تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس نقل السفارة من تل أبيب.
وفي النهاية فرض ترامب رأيه، وقال لمساعديه، الأسبوع الماضي، إنه يريد الحفاظ على الوعد الذي قطعه على نفسه في الحملة الانتخابية.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن عباس "حذر من خطورة تداعيات مثل هذا القرار على عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم".
غير أن مسؤولاً أميركياً قال إن ترامب أكد لعباس أنه ما زال ملتزماً بتسهيل التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.