فوَّتَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب موعداً نهائياً لتوقيع وثيقة تأجيل تنفيذ القانون الأميركي المثير للجدل الذي يقضي بنقل السفارة الأميركية لدى إسرائيل إلى القدس، وهو ما يُعد خطوةً غاية في الخطورة في واحدةٍ من أكثر قضايا الشرق الأوسط توتراً.
ووفقاً لدبلوماسيين ومسؤولين فلسطينيين، فإنَّ الموعد الأساسي لتأجيل إقرار القانون كان منتصف ليل الجمعة الماضية 1 ديسمبر/كانون الأول 2017، وأُجِّل الموعد لأمس الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول 2017. ومرَّ الموعد المُقرر دون إعلانٍ بعدما قال مسؤولٌ في البيت الأبيض إنَّه لن تُؤخذ أيُ خطواتٍ بهذا الشأن يوم الإثنين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
كان ترامب في يونيو/حزيران 2017 قد أصدر وثيقة للتأجيل تتعامل مع قانون عام 1995، وتُلزم الرئيس الأميركي بنقل السفارة إلى القدس أو توضيح أسباب خطورة هذه الخطوة على مصالح الأمن القومي الأميركي كل ستة أشهر.
وبينما لا يُشير عدم الإعلان عن توقيع الوثيقة الأخيرة لتأجيل إقرار القانون إلى ما إذا كان الرئيس الأميركي قد اعتمدها أم لا، فإنَّ هذا يُغذي التوتر المتزايد في المنطقة وسط تحذيراتٍ شديدة متزايدة من عددٍ من الدول العربية والإسلامية حول مخاطر نقل السفارة الأميركية من تل أبيب.
يُعدُّ وضع القدس مسألةً رئيسيةً في الصراع العربي الإسرائيلي؛ إذ يطالب كلا الجانبين باعتبارها عاصمةً له. وقد وعد ترامب مراراً خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة إلى القدس.
وتوجد جميع السفارات الأجنبية حالياً في تل أبيب مع وجود قنصليات تابعة لها في القدس. وعلى مرِّ أكثر من عقدين من الزمن كانت الإدارات الأميركية المُتعاقبة توقِّع وثيقة قانونية تقضي بتأجِّيل نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة كل ستة أشهر.
تحذيرات
ويأتي تباطؤ ترامب الواضح وسط تحذيراتٍ شديدة متزايدة من الدول الأخرى في المنطقة، من بينها تركيا ومصر والأردن.
إذ قال نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ، يوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول 2017: "تغيير وضع القدس واتخاذ خطوةٍ أخرى.. قد يُمثِّل كارثةً كبيرة. وذلك قد يُدمِّر بالكامل عملية السلام الهشة في المنطقة، ويؤدي إلى اندلاع صراعاتٍ وخلافاتٍ جديدة وحالة اضطراب جديدة أيضاً".
وحذَّر أحمد أبو الغيط أمين جامعة الدول العربية من أنَّ أي خطوةٍ مماثلة قد تُشكِّل تهديداً "للاستقرار في الشرق الأوسط والعالم بأسره"، بينما حذَّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره ترامب من أنَّ وضع القدس يجب أن يكون "ضمن إطار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وأشارت بعض التقارير إلى أنَّ ترامب قد يُعلِن على مضضٍ توقيع وثيقة تأجيل إقرار القانون خلال الأيام القادمة، بينما تُشير تقارير أخرى إلى أنَّه ربما يُعلِن أيضاً عن خططه للاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل. ووفقاً لمصادرَ فلسطينيةٍ فإنَّ هذه الخطوة قد تدفعهم للانسحاب من المفاوضات مع المسؤولين الأميركيين في ما يتعلق بعملية السلام.
وجاء في بيان البيت الأبيض إنَّ ترامب قد يؤجِّل الموعد المقرر بعد 48 ساعة محمومة من التحذيرات العامة من الحلفاء والاتصالات الهاتفية مع قادة العالم.
متى ستنقل؟ وكيف سيرد الفلسطينيون؟
وصرَّح هوغان غيدلي المتحدث باسم البيت الأبيض قائلاً إنَّ إعلاناً عن هذه الخطوة سيصدر خلال "الأيام القادمة"، وأضاف: "كان الرئيس واضحاً حيال هذه المسألة منذ البداية؛ فليس المهم الآن ما إذا (كانت ستُنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس)، بل المهم هو متى ستُنقل".
وأوضح المسئولون الفلسطينيون أنَّهم توقَّعوا أن يُوقِّع ترامب الوثيقة. وقال أحد هؤلاء المسؤولين لصحيفة الغارديان البريطانية: "أخبرونا أنَّ وثيقة الإلغاء ستُوقَّع، ويتوقَّع مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنَّ ترامب سيعترف الآن بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وهو الأمر الذي لن نقبله نحنُ أو أي زعيمٍ عربي"، حسب مكتب عباس.
وأضاف المصدر: "إذا حدث ذلك، سنتوقف عن التواصل مع المسؤولين الأميركيين".
مذكرة سرية
وكان تقريرٌ في صحيفة واشنطن بوست الأميركية قد أبرز المخاطر التي تكمن في هذه الخطوة؛ إذ أُرسِلت مذكراتٌ سرية إلى السفارات في الشرق الأوسط تُحذِّر من مخاطر نشوب احتجاجات مناهضة لأميركا في حالة صدور أي إعلانٍ يتعلق بنقل السفارة.
وقد تدفع السياسة الداخلية ترامب للاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل بدلاً من تأجيل القرار، في بادرةٍ لإرضاء المانحين والناخبين المُحافظين.
ووسط الخلافات الداخلية الحالية بالبيت الأبيض، بدا أنَّ العديد من مسئولي الإدارة الأميركية غير راغبين أو غير مسموحٍ لهم بالحديث عمَّا سيُقرره ترامب على وجه اليقين. وقال جاريد كوشنر مبعوث السلام في الشرق الأوسط وصهر الرئيس: "الرئيس سيتخذ قراره".
وحثَّ وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ترامب على اقتناص "الفرصة التاريخية".