بدأت البنوك السويسرية في تقديم تقارير إلى المكتب السويسري لمناهضة غسيل الأموال التابع للشرطة الفيدرالية حول وجود أنشطة مريبة يمارسها عملاؤها من السعودية، بحسب ما نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن أشخاص مقربين من المكتب.
وذكر مصدران مطلعان أن محاميي البنوك السويسرية قدموا معلومات على مدار الأسبوع الماضي ومن المتوقع تقديم عشرات التقارير الأخرى. وتعكس تلك الممارسة مدى غضب البنوك وتخوفها من خرق القواعد والقوانين التي تحكم عمليات غسيل الأموال والفساد، بحسب ما ذكرت الصحيفة البريطانية.
وجاء ذلك في أعقاب اعتقال أكثر من 200 شخصاً خلال الشهر الماضي، ومن بينهم بعض أكثر رجال الأعمال والأمراء ثراءً بالمملكة، بفندق الريتز كارلتون بالرياض كجزء من حملة مكافحة الكسب غير المشروع التي شنها ولي العهد محمد بن سلمان.
ورغم أن البنوك السويسرية تسعى وراء حماية سرية العملاء، إلا أنها تكون مضطرة إلى الإبلاغ عن أي عمليات مريبة. ولم تؤد التقارير المحاسبية التي تم تقديمها حتى وقتنا هذا إلى تحرك السلطات السويسرية لاتخاذ أي إجراءات، مثل عمليات التفتيش أو تجميد الأرصدة.
ويتعين على المسؤولين السعوديين تقديم طلب رسمي إذا ما أرادوا الحصول على أي بيانات، يتم تحليلها من قبل السلطات السويسرية.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن المدعي العام السويسري قوله: "يتم حالياً تقييم المعلومات الواردة كإجراء نموذجي. وفي هذه المرحلة، لم يتم بدء اتخاذ أي إجراءات جنائية في هذا الصدد".
ويذكر مسؤولو البنوك السويسرية أيضاً أنهم شرعوا في إعداد حوالات نقدية لصالح العملاء، حيث يسعى الأمراء ورجال الأعمال إلى تسوية الادعاءات الموجهة ضدهم. ويسعى ولي العهد وراء استعادة 100 مليار دولار على الأقل من خلال فرض حملة ضد "الفساد والابتزاز المنظم" الذي شهدته البلاد على مدار عدة عقود.
وطالبت الجهة الرقابية بالمملكة البنوك المحلية والأجنبية بالكشف عما إذا كان لديها تيسيرات ائتمانية وخزائن ودائع بأسماء هؤلاء المعتقلين، ومن بينهم الملياردير السعودي الوليد بن طلال، الذي يمتلك أسهماً في الكثير من الشركات ومنها سيتي جروب وتويتر.
وذكر أحد الأشخاص المقربين أن التركيز على الحسابات السعودية يأتي على غرار الحلقات السابقة المتعلقة بالأموال المريبة الموجودة بالحسابات السويسرية والتي ترتبط بفضائح الفيفا وشركة النفط البرازيلية بتروبراس.
ويتم إيداع مبالغ طائلة من الأموال السعودية في سويسرا، ومعظمها تمثل ثروات مودعة منذ عهد طويل. وذكر مصدر مطلع للصحيفة أن "هذه الأموال مودعة بالبنوك منذ 30 أو 50 عاماً. وهي ليست حديثة العهد". وكانت البنوك متحفظة حول القضية.
وقال بنك كريدي سويس: "فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة بالسعودية، فإنها لا تؤثر حتى وقتنا هذا على أنشطتنا المصرفية، ولكننا سنواصل متابعة الموقف عن كثب".
ورفض بنك يو.بي.إس التعليق على أنشطة عملائه. وذكرت صحيفة فايننشال تايمز منذ عشرة أيام أن الأمير محمد بن سلمان قد استعان بمحققين من الغرب للتعاون مع مسؤولي وزارة المالية في تحليل الوثائق للتعرف على مدى وحجم الفساد والعقوبات المحتملة. وتمت أيضاً الاستعانة بمسؤولي البنوك الأجنبية لاستجوابهم بهذا الشأن.
وكان تقرير سابق لفايننشال تايمز نقل أيضاً عن أشخاص مطلعين قولهم إن ثمة محادثات متعمقة وسرية بين السعوديين والقطاع المصرفي السويسري، ورجح التقرير أن تكون هذه الاتصالات مرتبطة ارتباطاً مباشراً بقضية الفساد. فبينما يحاول الأمير محمد بن سلمان تعزيز قاعدة سلطته، فإنَّه حريص على التأكد من أنَّ الأشخاص الذين يحاول إضعافهم لا يمكنهم الهرب من حملته باللجوء إلى حلولٍ خارجية.