"الفريق أحمد شفيق رهن الإقامة الجبرية، ولكنه سيعود"، هكذا أعلنت محامية الفريق السابق في القوات الجوية المصرية، والمرشح الرئاسي الأسبق الذي أعلن رغبته خوض التجربة مجدداً، الأربعاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
وقال شفيق إنَّ قادة دولة الإمارات العربية المتحدة منعوه من مغادرة بلادهم، سعياً لمنعه من الترشُّح مرةً أخرى ضد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
صحيفة نيويورك تايمز قالت في تقرير لها عن الأزمة، إن هذه القيود المفروضة على سفر شفيق تؤكِّد عزم الإماراتيين إحباط أي تحدٍّ محتمل للسيسي، الذي كان فريقاً سابقاً في الجيش كذلك، وحظي بدعمٍ كبير من الإمارات.
ولم يتسنَّ الوصول إلى شفيق للتعليق على هذا الأمر، مساء الأربعاء، ولا التيقن من القيود المفروضة على سفره، حسب نيويورك تايمز.
ولكن دينا عدلي، محامية شفيق، قالت إنَّ بعض وسطاء السلطات الإماراتية طلبوا منه إلغاء رحلةٍ إلى الخارج لأنَّ "الترشُّح للرئاسة فكرة سيئة".
وأضافت دينا أنَّ شفيق مُحتجزٌ قيد الإقامة الجبرية منذ الساعة الثالثة من صباح يوم الجمعة، 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2017.
ولكنها أردفت قائلة: "سيضطرون الآن إلى السماح له بالسفر"، بفضل الدعاية الناتجة عن مقطع الفيديو، وأردفت: "لذلك، فهذا أمرٌ جيد جداً".
مهمة مقدسة
وقال شفيق في تصريحٍ مُصوَّر من الإمارات، حيث عاش خارج بلاده بدعمٍ من الإماراتيين منذ خسارته الانتخابات الرئاسية المصرية التي أجريت في عام 2012: "فوجئت بمنعي من مغادرة دولة الإمارات الشقيقة. أرفض التدخُّل في شؤون بلدي بإعاقة مشاركتي في ممارسة دستورية ومهمة وطنية مقدسة".
ويبدو أنَّ هذه هي المرة الثانية في أقل من شهر التي تحاول فيها مملكةٌ خليجية التأثير على شؤون أحد جيرانها، عبر وجود شخصٍ سياسي خارج بلاده في أراضيها، وذلك بعد الاستقالة التي أعلنها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أثناء فترة إقامة قصيرة، وربما كانت قسرية، في المملكة العربية السعودية.
وقال أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، عبر حسابه على موقع تويتر إنَّه لا يوجد "عائق" يمنع شفيق من مغادرة الإمارات، مضيفاً أنَّ دولة الإمارات "تأسف أن يرد الفريق أحمد شفيق الجميل بالنكران. قدمنا له كل التسهيلات وواجبات الضيافة الكريمة، رغم تحفظنا الشديد على بعض مواقفه".
تشويق أم انقسام
وكان إعلان شفيق للترشح بمثابة أول عناصر التشويق فيما كان يبدو أنَّه سيكون فوزاً سهلاً للسيسي في الانتخابات. وسيكون احتمال التنافس بين رجلين عسكريين أول إشارةٍ علنية منذ تولي السيسي السلطة على وجود انقسامات داخلية داخل النخبة الحاكمة المكوَّنة من ضباط ورجال الأعمال وقادة أمنيين.
وادَّعى نقادٌ مصريون يوم أمس، أنَّ الإماراتيين خافوا بالتأكيد من أن يُشكِّل هذا التنافس صعوباتٍ أمام السيسي، في وقتٍ يعاني فيه الاقتصاد المصري معاناةً حادة، وتواجه الحكومة صعوباتٍ في الحفاظ على الأمن العام.
جديرٌ بالذكر أنَّ محافظة شمال سيناء شهدت الأسبوع الماضي هجوماً أسفر عن مقتل أكثر من 300 مُصلٍّ في أحد المساجد، في أحدث إشارةٍ إلى أنَّ التمرد المُسلَّح المُتركِّز هناك يُهدِّد المدنيين المصريين وقوات الأمن المصرية كذلك.
وقال شفيق في البيان المُصوَّر الأول: "قد يكون تجديد الدماء مطلوباً"، مشيراً إلى الانكماش العميق في الاقتصاد المصري، وتدهور الخدمات العامة، وتراكم الدين العام.
طرق أخرى لعرقلته
وقد تجد الحكومة المصرية طرقاً أخرى لعرقلة ترشُّح شفيق. وحين غادر مصر بعد خسارة السباق الرئاسي في 2012، أخذت النيابة تُحقِّق في تهم وُجِّهَت ضده بالفساد كانت مُتعلِّقةً بفترة توليه وزارة الطيران المدني، وهو المنصب الذي تقلَّده لمدة عقد منذ العام 2001. وقد تُبعَث هذه التهم من جديد لردعه عن العودة إلى مصر أو المنافسة في الانتخابات.
وإذا كان شفيق قادراً على العودة وخوض الانتخابات، فربما يجعله اسمه المعروف وتاريخه العسكري مُرشَّحاً قوياً. فقد حارَبَ في حربيّ 1967 و1973 ضد إسرائيل، وترقَّى إلى قيادة القوات الجوية. وكوزيرٍ للطيران المدني، أشرَفَ على التحديث الناجح والتطوير لكلٍّ من الخطوط الجوية المصرية ومطار القاهرة.
طوَّر شفيق علاقاتٍ في أوساط نخبة رجال الأعمال، ودارت الأحاديث حوله باعتباره خليفةً محتملاً للرئيس الأسبق حسني مبارك. وفي محاولةٍ لتعزيز موقفه في الأيام الأخيرة له في السلطة، عيَّن مبارك الفريق شفيق رئيساً للوزراء على أملِ أنه قد يتمكَّن من حل الأزمة التي جلبتها ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
وكان شفيق قد خسر الانتخابات الرئاسية في العالم التالي بفارق 2% فقط من الأصوات. وكان الفائز محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي أزاحه السيسي من منصبه عام 2013.
هذا الذي تغير لديه
وعلى الرغم من أنَّ شفيق قد شنَّ حملةً ضد مرسي عام 2012، باعتباره مدافعاً عن القانون والنظام وأحد المعجبين بمبارك، فإنَّ مقطع الفيديو الذي أذاعه يوم الأربعاء يشير إلى أنه ينوي هذه المرة أن يخوض الانتخابات بصفته مدافعاً عن الديمقراطية ضد السيسي.
وقال شفيق في الفيديو: "إنَّ الديمقراطية الحقيقية وحقوق الإنسان الحقيقية ليست منحة من أحد. وليست أيضاً شيئاً يمنح أو يعطى بالتدريج. إما أن تكون هناك ديمقراطية أو لا ديمقراطية".
وقد رفض شفيق تحدي السيسي في انتخابات الرئاسة لعام 2014. وقال المراقبون إنَّ الانتخابات لم تكن على مستوى المعايير الدولية، وأظهر تسجيل صوتي مسرب شفيق وهو يقول إنَّ الانتخابات سوف تكون "مهزلة".
وقال شفيق: "أنا أعرف جيداً جداً أنهم سوف يُزوِّرون صناديق الاقتراع. سوف تكون الانتخابات مسرحية كوميدية". وقد أكد شفيق صحة التسجيل، لكنه قال إنَّه كان يقصد انتقاد الاعتماد العلني لترشيح الجيش للسيسي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع. وقال مسؤولو الانتخابات إنَّ السيسي قد حصل على أكثر من 97% من الأصوات.
وقد كانت هناك علامات بالفعل أنَّ قوات الأمن المصرية ربما تسعى إلى إعاقة من يتحدون السيسي. وقد دخل المحامي الحقوقي خالد علي، الذي يقود حملة اعتراض بفرص ضئيلة للفوز، إلى الصراع الانتخابي، كما أعلن ضابط بالجيش المصري أيضاً نية الترشح عقب بيان شفيق مباشرةً.
وأعلن أحمد قنصوه، الذي يعرّف نفسه بأنه عقيد دكتور مهندس في القوات المسلحة، عبر فيديو تم تداوله على شبكات التواصل الاجتماعي، رغبته في خوض السباق الرئاسي، ليصبح المرشح الرابع الذي أبدى رغبته في الترشح، بعد أحمد شفيق وخالد علي والدكتورة منى البرنس، فيما تشير التوقعات إلى رغبة الرئيس الحالي، عبدالفتاح السيسي، في دورة رئاسية ثانية.