هكذا كان الرجاء، وهكذا كان المنى، هكذا ختمت تدوينتي السابقة عن هجرة الأدمغة، أثرثُ ضجة لا لسبب سوى أنني دافعت عن تلك الأدمغة الجزائرية التي هي بالخارج، اليوم يستفيد منها الغير، وأنني كشفت ما يطلق عليه "المثقفين" اليوم، وأنهم لا ثقافة لهم إلا مَن رحم ربك، وكمواصلة في نفس السياق، وبعد عرض المشكل، نفصل لكم فيه هذه التدوينة التي ستكون كسابقتها لن تتعدى 500 كلمة؛ حتى يسهل عليك قراءتها.
نعم نحن شعب لا يقرأ، فبمعرض الكتاب الأخير أكثر الكتب مبيعاً كانت كتب الطبخ، ومعدل قراءة الشعب العربي شهرياً 15 صفحة من كتاب، أحياناً تكون القرآن الكريم، وفقط نحن شعب نعشق الأكل واللهو، ونأبى أن نضيف رصيداً علمياً لمكتسباتنا، بل عشنا على الغش والخديعة، فتكررت البكالوريا وعوقب فيها طلاب كثر أتتذكرون؟ والسبب حالات غش جماعية من الطلبة؟
ثم تكررت الفعلة، ولكن هذه المرة من المسيرين أنفسهم، وخرجت المواضيع قبل الامتحانات بـ24 ساعة، نعم شعب وحكومة نهوى الغش.
الطريق السيار شرق غرب غش في غش، طريق عبارة عن شريط أسود يفتقد للخدمات بـ17 مليار دولار، وزد عليه أنه ما هطل مطر ولا سقط ثلج إلا ورُمّم، نحن شعب غشاش أتعلم كم مقدار عمل الفرد الجزائري في اليوم؟ الحجم الساعي 4 ساعات عمل، في حين الأربع ساعات الأخرى يقضيها متسكعاً بين المقاهي والمكاتب يتحدث في كل شيء، إلا عن العمل!
"حكومة ما كان والو"
كلمة يرددها الجزائري يومياً، ينتقد النظام، الرئيس، الوزير، والمدير، نعم لك الحق في النقد، لكن ألا ترى أن ما وصلنا إليه تلعب فيه أنت، الذي تقرأ الآن دوراً رئيسياً! أخبرني بربك ما هو دورك؟ أيقتصر فعلك على نشر الترهات على مواقع التواصل الاجتماعي وترك التعليقات والسب والشتم والقذف ونشر الأخبار الزائفة؟ ألم يكن الأجدر أن تتحرك ساعياً باغياً لرفع راية البلاد التي انتكست بسبب حماقاتنا؟!
هلا استفقت فقد غرقت في النوم ولم تعُد ترى الواقع من الخيال؟!
الواقع يقول إنك تتأخر والعالم يتقدم، هيا استفق، نعم أنت الذي تقرأ ألم يحن وقتك لتلعب دورك في المجتمع وتقبل على عمل تطوعي تجسد فيه فكرة الصالح العام؟
لقد طرحنا كل هذه الأسئلة هل تنتظر مني إجابات؟ سأجيبك طبعاً، ولكن على طريقتي.
شاهد معي وتخيل معيداً الأمور للماضي القريب أين كانت الجزائر في السبعينات؟ كانت شعباً مثقفاً وواعياً يرغب في بناء دولة الجزائر مصنفة رفقة كوريا الجنوبية في مصاف الدول التي ستشهد قفزة كبيرة، لكن لم نحقق شيئاً فبعد وفاة هواري بومدين، رحمه الله، أغلقت المصانع وسُرح العمال ودخلنا السياسة و"لعبناها ديمقراطيين" ففتحنا المجال لكل من هبَّ ودبَّ؛ كي يؤسس حزباً، فكانت الفاجعة سنوات جمر ودمار رسخت فينا العداوة والهمجية حتى صرنا معروفين عالمياً كأكثر الشعوب نرفزة، حللت لك المشكل اجتماعياً، لكن تقنياً تتساءل: أين الحل؟!
الحل توقف عن الاتكال على الدولة، وتوقف عن مد يدك لها، وقُم بنفسك حصل رزقك وحصل مالك، الخزينة العمومية لا يمكنها أن ترعانا طيلة حياتنا، نحن الشعب النائم، نائم عن حقه، ونائم عن واجبه لا يحرك ساكناً.
وإذا تحرك تظاهر فكسر ونهب وحرق، والثقافة غائبة، وهنا أعود لما بدأت به كلامي أنه واجب أن نعيد هيكلة جامعاتنا ومدارسنا وكلياتنا، وأن نعطي المسؤوليات لأولئك الذين يكتسبون خبرة تسييرية وخبرة عملياتية.
لست من الذين يخوضون في السياسة، بل مواضيعي وما ستقرأه على "هاف بوست" معي سيكون تحليلاً اجتماعياً للواقع المر الذي نعيشه، ونصائح تساعد الشعب في اتخاذ المسار الصحيح لبناء الدولة التي نحلم بها، فيا إما أن نسير يداً بيد ونصحح أخطاءنا وعيوبنا ودون حياء ولا حشمة، فما من خلق خلقه الله إلا وكان ناقصاً وما الكمال إلا له سبحانه.
فهل حان الوقت كي نتحد؟
بعد العشرية السوداء التي قضيناها دماً ودماراً وحرباً أهلية شعواء كادت تجتث جذورنا ها نحن عدنا اليوم بعد عشرين سنة دولة آمنة مستقرة تنعم بالحرية والاستقلالية في إنشاء المؤسسات وتجسيد الأفكار، خرجنا من هذه المعاناة من الاشتراكية واتجهنا لرأسمالية أين القوة؟ للخواص، والمال للخواص، وبناء الدولة لهم كذلك اسمنا الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، الدولة ملك للشعب، كل شيء بهذا البلد المترامي الأطراف ملك لك، فلا تكسر، لا تنهب، بل ابنِ وشيّد حتى يكون لابنك غد أحسن ما لك اليوم، طبّق التنمية المستدامة، لا تصوّت على اسم الحزب بل صوّت على عقل رأس القائمة، دعونا من البكاء على الأطلال والحنين للماضي، فالقادم أحسن لو أحسنا استغلال طاقاتنا وتوجيه بلدنا نحو الرقي، صحيح أن خمسين سنة في عمر الحضارات هي ساعة، لكن عصر السرعة يستوجب منا أن نستسيغ الأمر الواقع المفروض وهو "حان الوقت للنهوض"، فهل أنتم مستعدون؟
أترك لكم الإجابة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.