أعلنت السلطات في إندونيسيا حالة التأهب القصوى مع قرب حدوث ثوران لبركان جبل أغونج، الذي يقع في جزيرة بالي السياحية الشهيرة.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً تحدثت فيه عمّا يجري في تلك المنطقة الآن، والإجراءات التي اتخذت لإجلاء السكان، لا سيما أن الثوران الذي حدث لهذا البركان عام 1963 أودى بحياة 1000 شخص، ومن المتوقع أن يكون العدد أكثر هذه المرة في حال لم يتم إخلاء السكان والسياح من المناطق القريبة.
ماذا يحدث؟
يقع بركان أغونغ في جزيرة بالي الإندونيسية، وقد دخل في طور النشاط منذ عدة أسابيع، وبدأ الآن في قذف الأبخرة والرماد. وبدأت كذلك الفيضانات الطينية المعروفة باسم اللاهار بالتدفُّق أسفل جرف الجبل، كما سُمِعَت انفجاراتٌ عالية. ويقول الخبراء إن ثوراناً كبيراً قد يحصل قريباً.
ما الإجراءات التي اتُّخِذَت؟
أُعلِنَ إنذار البراكين في حالته القصوى، كما طُلِبَ من 100 ألف من السكان إخلاء منطقةٍ قطرها 10 كيلومترات حول البركان، غادر 40 ألفاً منهم المنطقة بالفعل. كذلك وقد أُغلِقَت المطارات في بالي ولومبوك.
ويقول ديفيد روثري، أستاذ علوم الجيولوجيا الكوكبية في الجامعة المفتوحة البريطانية، إن حركة الإخلاء كانت حكيمة. وأضاف: "من الصعب جداً إبقاء الناس في مخيمات الإيواء لفترةٍ طويلةٍ، إذ ستظهر كل أنواع المشكلات الاجتماعية، لكن أغلبهم استجابوا لذلك. أما بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يقيمون بالقرب من البركان فأنا آمل أن يبتعدوا الآن، لأن شيئاً كارثياً قد يكون على وشك الحدوث".
لماذا يمكن أن يكون بركان أغونغ على وشك الانفجار؟
الأمر برمته يرجع للضغط. العمليات الجيولوجية في قعر المحيط تعني أن الصخور المنصهرة ترتفع للأعلى مع الغازات المذابة، والتي من بينها بخار الماء وثاني أكسيد الكبريت. وفيما يرتفع الخليط المعروف باسم الماغما تكوِّن الغازات فقاعاتٍ. وفيما يتراكم الضغط تزداد احتمالية الثوران.
هل ثار بركان أغونغ من قبل؟
نعم، آخر ثورةٍ له كانت عام 1963، وقتل أكثر من 1000 شخص. ويقول البروفيسور روثري: "قد يموت عددٌ أكبر من ذلك بكثير هذه المرة لولا الإخلاء، بسبب ارتفاع الكثافة السكانية".
ويقول ديفيد بايل، أستاذ علم الأرض بجامعة أوكسفورد: "ربما تُدمَّر المنطقة المُخلاة تماماً بفعل البركان. فهو بركانٌ يافعٌ ونشط، وله تاريخٌ طويلٌ من الثورات المتفجرة المتكررة. إنه من النوع الذي ينفجر كل مئة عامٍ تقريباً".
كم هو صعبٌ التنبؤ بانفجارٍ بركاني؟
وتشير الإشارات الأولية، التي التُقِطَت من قِبل أولئك الذين يراقبون البركان، وتضمَّنَت أنماط التغيرات في ترددات وشدة الزلازل التي تحدث أسفله، التي بدأت في سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أن انفجاراً على وشك الحدوث، وحينها بدأت عمليات الإخلاء. ويقول بايل: "لن يكون مفاجئاً أن ينفجر على الفور، لكن في الواقع فقد خَفَتَ النشاط الزلزالي تدريجياً".
وقد تضمَّن الانفجار الماضي، الذي بدأ في فبراير/شباط 1963، شهراً من الانفجارات الصغيرة، وانبعاثات الرماد، وتدفقات الحِمم والفيضانات الطينية. أما الانفجارات الكبيرة التي تضمَّنَت تدفقات الحمم البركانية (تيارات سريعة وشديدة الحرارة من الغازات والصخور) فقد جاءت بعد ذلك، في مارس/آذار، ومايو/أيار، في نشاطٍ استمرَّ قرابة العام.
ويعتمد توقع ما يمكن أن يحدث، بشكلٍ كبير، على معرفة ما فعله هذا البركان بعينه من قبل. وفي هذه الحالة لدى العلماء بيانات لانفجارٍ سابقٍ واحدٍ فقط، لذا فهم حتى الآن يفترضون أن يتبع الانفجار القادم نمطاً مشابهاً.
ما التهديدات التي يحملها البركان؟
رغم خطورة الفيضانات الطينية وانبعاثات الرماد، يتمثَّل الخطر الأكبر على البشر في تدفُّقات الحمم، والتي يمكن أن تصل سرعة تدفقها إلى 112 كيلومتراً في الساعة. وتعتمد احتمالية حدوث تدفقات حممٍ على كيفية تكوُّن عمود الرماد. يقول البروفيسور روثري: "إذا استقر الرماد في السماء اعتماداً على سُمك عمود الرماد، فسيكون قادراً على قتل المحاصيل وتدمير أسقف المباني وما إلى ذلك. لكن إذا أصبح الرماد المتصاعد أثقل من أن يحمل نفسه بنفسه فإنه سينهار، مسبباً تدفقاتٍ من الحمم تنزل على جانبي البركان. وتدفقات الحمم تلك قاتلة للغاية. فهي ساخنةٌ ومدمرةٌ إلى أقصى درجة".
هل سيؤثر ذلك على السياحة؟
لا تعد المنطقة المحيطة بجبل أغونغ مركزاً سياحياً. غير أن مطار بالي قد أُغلِق، تاركاً قرابة 59 ألف شخصٍ وقد تقطَّعَت بهم السبل على الجزيرة.
كم يمكن أن يستمر الثوران؟
من الصعب الجزم بذلك. واعتماداً على الثوران السابق فإنه ليس من المتوقع أن تخمد النشاطات في وقتٍ قريب. ويقول البروفسور بايل: "إننا نتحرك من نقطة أننا نتوقع للنشاطات أن تستمر خلال الأسابيع إلى الأشهر القليلة القادمة"، مضيفاً ذلك إلى حقيقة أن المخاطر الحقيقية في الوقت الراهن هي التدفقات الطينية والرماد، واللذان يمكن أن يُحدِثا اضطراباتٍ على الأرض أو للنقل الجوي؛ بما أن الرماد يؤثِّر على محركات الطائرات.
وأضاف: "ستقوم وكالات المراقبة بعمل محاكاةٍ لتوقع أين يمكن أن يذهب الرماد"، مشيراً إلى أنه رغم توقف الرحلات الجوية، لكن ذلك يمكن أن يتغير من يومٍ ليوم.