يوماً بعد يوم، يثبت أن الخلاف بين السعودية وآل الحريري في كيفية التعاطي مع "حزب الله" كبير؛ السعودية أعطت الحريري فرصة "التسوية" بإيصال الرئيس عون إلى سدة الرئاسة، وبعد سنة نعتها بسبب فشلها، وبسبب الأدلة التي تثبت تورط "حزب الله" في أزمات المنطقة.
ولأن القوى الدولية أرادت ترتيب المنطقة من جديد بعد أن أشرفت القوات العسكرية، قوات التحالف والمحور الروسي الإيراني، على الانتهاء من داعش وباقي الفصائل "الراديكالية"، وأرادت أن تتخلص من باقي الميليشيات، ومنها "حزب الله"، وضعت سلسلة من الإجراءات التالية:
١- تحريك عملية السلام، القضية الفلسطينية، وقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب أقدم خلال هذا الشهر على وضع خطة جديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تتخطى كل المبادرات الأميركية السابقة.
٢- انعقاد مؤتمر في الرياض لجمع القوى المعارضة في سوريا، والبدء في ترتيب الأجواء للمباحثات الأخيرة انطلاقاً من "جنيف ١" وقرار الأمم ٢٢٥٤.
٣- المصالحة الفلسطينية ودخول السلطة الفلسطينية إلى غزة.
٤- قرب الانتهاء من المعارك ضد داعش في العراق وسوريا.
٥- الإجراءات المتخذة في السعودية لتقوية النظام في الداخل استعداداً لما قد يمكن لإيران أن تفعله بعد عزلها وتقليم أظافرها في اليمن وسوريا ولبنان.
٦- استدعاء الرئيس الحريري إلى الرياض وإلزامه بخطاب استقالة قوي اللهجة يهدد من خلاله إيران وذراعها في لبنان "حزب الله".
هناك بعض الإجراءات اتُخِذت من قِبل أنظمة دون العودة إلى عواصم القرار (سياسة أميركية جديدة: أقلمة السياسة)، خاصة إذا كان الإجراء يصب في صالح تقليم أظافر إيران في المنطقة، ومن هذه الإجراءات استقالة الحريري بهذه الطريقة.
يبدو أن السعودية قد توصلت إلى قناعة تامة أنه آن الأوان لمواجهة "حزب الله".
نعت التسوية من خلال استقالة الحريري، وهناك معلومات ومؤشرات قوية تدل على أنها كانت على عتبة نقل الزعامة من الرئيس سعد إلى أخيه بهاء، ولكن "الطبخة" فشلت، بسبب تمسّك عواصم غربية، خاصة باريس، بالرئيس سعد الحريري.
فرنسا استطاعت إقناع السعودية بإعطاء الرئيس الحريري فرصة أخرى، مدتها ١٥ يوماً على ما يبدو، لإجراء مباحثات مع فريق "حزب الله" عبر الوسيطين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لإيجاد حل جدّي لمسألة تدخل "حزب الله" في أزمات المنطقة أو تجريده من السلاح. هنا، لا بد من ذكر الاحتمالين:
١- الاحتمال الأول أن الهدف هو تجريد "حزب الله" من سلاحه، وهذا مستحيل طبعاً، ولا يمكن للحريري أو غيره أن يُقنع "نصر الله" بذلك، والمواجهة العسكرية لا بد منها، والعقوبات الاقتصادية مسألة وقت.
٢- الاحتمال الثاني أن الهدف انسحاب "حزب الله" من سوريا والعراق واليمن، والاكتفاء باتخاذ مواقف من أزمات المنطقة، لا تتبناها أي حكومة مقبلة.
وهذا الهدف مقبول، وقد أعطى "نصر الله" بعض الإشارات عبر خطاباته الأخيرة أن مهمته في العراق وسوريا قد شارفت على النهاية، وأنه لا يتدخل في الشأن اليمني ميدانياً وموقفه إنساني إسلامي.
السؤال: هل يستطيع الرئيس الحريري أن ينجح في مسعاه خلال ١٥ يوماً؟ هذا يعتمد على أي من الاحتمالين أصح؟ وما هو الهدف؟ سلاح "حزب الله" أو تدخله في المنطقة!
من الأهمية بمكان أن يكون لملف الغاز في البحر المتوسط أهمية، يبدو أن القرار الأممي هو بمنع تحصيل مردود لهذا الكنز لصالح حكومة في لبنان يكون "حزب الله" حصة فيها.
فهل كانت زيارة الرئيس الحريري لقبرص ومصر لترتيب هذا الملف؟! طبعاً، ولكن الله أعلم بالتفاصيل.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.