خلال مدة لم تتجاوز 3 أسابيع، تحوَّلت تظاهرة متواضعة في العاصمة إسلام آباد إلى أزمة وطنية تواجهها باكستان.
وقتل 7 أشخاص على الأقل، حين حاولت قوات الأمن فضَّ اعتصام السبت 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، فيما استدعت الحكومة المدنية الجيش لإعادة فرض النظام.
فيما يأتي بعض الأسئلة والأجوبة المتعلقة بالوضع:
من هم المتظاهرون؟
بدأ في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني، نحو ألفي شخص من "حركة لبيك يا رسول الله- باكستان" اعتصاماً في إسلام آباد.
والحركة مجموعة متشددة لا يُعرف عنها الكثير، ويقودها رجل الدين صاحب الخطابات النارية خادم حسين رضوي، الذي تعرَّض لسخرية واسعة جراء اللغة الهجومية التي يستخدمها ضد معارضيه.
وينتمي أتباع الحركة إلى الطائفة البريلوية المرتبطة بالصوفية. وهي تشدد على الإخلاص الكبير للنبي محمد.
ورغم الانطباع السائد بأن الطائفة معتدلة، إلا أن إعدام أحد أفرادها ممتاز قدري عام 2016، بعدما اغتال محافظ البنجاب الليبرالي سلمان تيسير بسبب موقف الأخير من قوانين التجديف في البلاد، دفع المنتمين للمجموعة إلى اتخاذ مواقف متشددة.
وقال المحلل خورشد أحمد نديم لوكالة فرانس برس، إن الحركة "تمت عسكرتها، وهو أمر خطير للغاية، أخطر من المشاعر المناهضة للأمركة".
ما الذي يريدونه؟
بدأ أتباع "حركة لبيك يا رسول الله" اعتصامهم بعدما أدخلت الحكومة تعديلاً على القَسَم الذي يتعين على مرشحي الانتخابات تأديته. وكان التغيير طفيفاً، وقد تم التراجع عنه واعتباره مجرد خطأ.
ويطالب المحتجون باستقالة وزير العدل زاهد حميد، في إثر الجدل المتعلق بالتعديل.
ومع اتساع رقعة التظاهرات السبت، دعا رجال دين من الحركة، الباكستانيين للانضمام إلى الاحتجاجات للدفاع عن النبي محمد.
وتفيد صفحتهم على موقع "فيسبوك" أنهم يسعون إلى تطبيق حكم الشريعة الإسلامية في باكستان، وخوض الانتخابات مجدداً بعدما شاركوا في انتخابات تكميلية جرت في لاهور، في سبتمبر/أيلول.
– كيف بدأ العنف؟ –
ازداد غضب السكان من الاعتصام الذي أغلق أحد مداخل إسلام آباد الرئيسية، وتسبَّب في اختناقات مرورية لساعات بشكل يومي على مدى أسابيع.
وبينما انتقد القضاء المسؤولين لعدم تحركهم، سرت نظريات مؤامرة عدة بشأن الجهة التي تدعم المتظاهرين. وقُتل طفل على الأقل بعدما تعذَّر وصول سيارة الإسعاف التي تحمله للمستشفى.
وبعد نحو ثلاثة أسابيع من بدء الاعتصام، تحرَّك السبت نحو 8500 عنصر أمن مسلح، بينهم شرطة وقوات مساندة لمواجهة الإسلاميين.
لكنهم واجهوا مقاومةً شديدةً، حيث تراشق الطرفان بالحجارة، فيما أغلق المتظاهرون مزيداً من الشوارع، وأضرموا النيران بالمركبات، ودعوا أنصارهم لدعمهم.
واتَّسعت رقعة التظاهرات لتشمل أكبر مدينتين في باكستان، كراتشي ولاهور، إضافة إلى بلدات أصغر في أنحاء البلاد، قبل أن يتم الطلب من مسؤولي الأمن تعليق العملية، فيما طلبت الحكومة مساعدة الجيش.
لماذا لا تتحرك الحكومة؟
عندما بدأ الاعتصام، أصرَّت السلطات على التفاوض لحل المسألة سلمياً، في وقت يضع السياسيون انتخابات العام المقبل نصب أعينهم.
وكثيراً ما ابتعدت الحكومة الباكستانية عن استخدام القوة في حالات كهذه، خشية أن يثير قمع المجموعة المتشددة رداً عنيفاً كما حدث في الماضي. لكن معارضي هذا التوجه أشاروا إلى أنه يقوي شوكة المتطرفين.
ورأى المحلل مايكل كوغلمان، من مركز "ويلسن" في واشنطن، أن نجاح التظاهرة كان "مقلقاً للغاية".
وأضاف أنه يدل على "النفوذ والحصانة اللذين يتمتع بهما المتشددون في باكستان".
كيف سيردُّ الجيش؟
لم يرد الجيش بشكل علني بعدُ على دعوة الحكومة، ولم تصدر عنه أي تصريحات، ما يثير التكهنات بشأن سبب تردده.
وقد يكون الجنرالات يأملون بأن يتفرق المتظاهرون من تلقاء أنفسهم، بدلاً من مواجهة المؤسسة العسكرية النافذة، وفقاً لكوغلمان.
وأضاف "في النهاية، هذا جيش يتمتع بقدر كبير جداً من الاحترام في أوساط مختلف الأطياف في باكستان، بمن فيهم المتشددون دينياً".
ويُخشى عادة من أي تدخل للجيش في باكستان، التي شهدت انقلابات عدة، وحكمها الجنرالات لنحو نصف تاريخها الممتد 70 عاماً، رغم أن المحللين لا يعتقدون أن الجيش يسعى إلى تولي السلطة مجدداً.