ويبقى إلحادهم ظاهرة

أما في بلادنا فلإلحادهم أسباب أخرى، فمنهم من انقطعت به السبل فقد الأمل وضاقت عليه الدنيا بما رحبت فكفر بربه، بدلاً من أن يفر إليه لينقذه، وجد أن لا معنى لحياته فيئس وضجر فكفر، وجد في إلحاده ملاذاً يهرب إليه، بدلاً من أن يستعين بربه على نوازل الدهر ويقف أمامها كالرجال.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/20 الساعة 01:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/20 الساعة 01:56 بتوقيت غرينتش

لا أعلم ما الذي حدث في مصر والعالم العربي عموماً مؤخراً، بعدما كان معروفاً عنا أننا شعب متدين بطبعه، إلا أن ظاهرة التدين هذه أصبحت تتلاشى يوماً بعد يوم؛ فتجد كثيرين الآن يعلنون إلحادهم دون خوف، دون خجل، وأغلبهم من الشباب الذين لم يتجاوزوا العشرين عاماً.

أصابتني الحيرة، ما الذي حدث؟ ما الذي تغير؟ لماذا هؤلاء الشباب والفتيات يجهرون بإلحادهم هكذا؟ ما الذي جعلهم يصلون إلى مرحلة أنهم فقدوا الثقة في خالقهم وخالق هذا الكون إلى حد جعلهم ينكرونه ويكفرون بوجوده؟ ما الذي تغير؟

كيف يظنون أن هذا الكون الذي لا تسقط فيه ورقة إلا بإذنه، ليس له خالق؟ هل نجحت أبواق الإعلام الفاسد في دس السم في عقولهم إلى هذا الحد؟ هل تأثروا بالحضارة الغربية لهذا الحد؟

فحتى الغرب علموا أن لا بد أن يكون للكون خالق، وأن سُنة الحياة أن كل مجموعة لا بد أن يكون لها قائد، فكيف لا يكون للكون خالق؟ صدر كتاب لأحد الكتاب الأوروبيين يدعى "Antony Flew"، بعنوان "There is no god" قال فيه: من يدعي بوجود إله فعليه بالبينة، انتصر للإلحاد على مر أعوام، وبعد أكثر من خمسة وعشرين عاماً صدر كتاب آخر للكاتب نفسه تحت عنوان "There is a god"، يقول فيه: من الممكن أني لا أعلم مَن هو ولا أراه، ولكن كل الأشياء تشير إلى وجوده، كل الإشارات تدلّك عليه.

دائماً ما أسمع من الأوروبيين سبباً رئيسياً لإلحادهم، وهو "I control my life" هو يظن أنه المتحكم تماماً في زمام أموره، يرى أنه سيد نفسه، وسيد قراره، يقول: تفوقي في دراستي هو سبب عملي في هذا الصرح الضخم، تفوقي في عملي هو سبب راتبي، وليس لسبب آخر كما تقولون أنتم هو توفيق من الله.

وكانت الإجابة وماذا لو مرضت الآن بداء خطير، كيف لك أن تتحكم بحياتك؟ وقتها لا هناك تفوق ولا عمل ولا شيء بيدك، ماذا لو توفي حبيب على قلبك كيف ستتحكم في هذا الموقف؟ هل ستعيده إلى الدنيا؟ وهذا مثال بسيط يريك الله به قدرته، وأنك مهما فعلت مخلوق ضعيف تابع لقدرته، وقتها يشعر الإنسان بضعفه أمام ربه وأن ما به من نعمة فمن توفيق الله.

أما في بلادنا فلإلحادهم أسباب أخرى، فمنهم من انقطعت به السبل فقد الأمل وضاقت عليه الدنيا بما رحبت فكفر بربه، بدلاً من أن يفر إليه لينقذه، وجد أن لا معنى لحياته فيئس وضجر فكفر، وجد في إلحاده ملاذاً يهرب إليه، بدلاً من أن يستعين بربه على نوازل الدهر ويقف أمامها كالرجال.

ومنهم من لا يعلم شيئاً عن دينه، هو فقط وجد مجموعة من أترابه يقولون إنهم ملحدون، وإن هذا إلى حد ما يميزهم، وإن كان يميزهم بالأسوأ، ولكن على طريقة اشتهر حتى ولو بشيء سيئ، مثل الفتيات اللاتي يتعرين حتى يشتهرن، وأنها أصبحت موضة فاتبعها، فلا هو بمؤمن ولا هو بملحد، هو فقط يريد أن يكون مختلفاً.

ومنهم من حاول أن يجد الملاذ في جنب الله، ولكن مع أول نازلة لم يستطِع أن يصمد فانقلب على وجهه أسقط كل أسلحته ورفع الراية البيضاء، وهؤلاء قال فيهم الله: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ"، هو لم يستطِع أن يقاوم، وفي هذه الحياة لا بد أن تقاوم حتى يأتيك اليقين، لا تنهزم لما جرت إليه المقادير، ودائماً انتصر لنفسك عليها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد