الكبر وهو التعالي والاستعلاء والتكبر والتجبر والاستكبار وتعظيم الذات والغرور بالنفس، والعجب قريب منه، لكنه يختلف عنه؛ إذ إن الكبر يحتاج إلى شخص آخر تعلو عليه، أما العجب فلا يحتاج لشخص آخر فهو الإعجاب بالنفس والنظر إليها بتقديس وتكبر.
سأتناول هذا الموضوع بأسلوب طبي.
خطورة الكبر تكمن في:
أولاً: استضئال الكبر في النفس والاستهانة به وعدم إدراك خطورته، وهو ليس بالأمر الهين فهو الذرة المهلكة.
"لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال ذرة من كبر".
وأتذكر خطبة للشيخ الجليل محمد راتب النابلسي، كان يتحدث عن الكبر، واستحضر تشبيهاً رائعاً فقال: أضرب لكم مثلاً، شخص أتاه ضيوف كثر، وعنده كيلو لبن، فيمكنه أن يضيف إلى اللبن ضعف كميته ماء ويظل شراباً طيباً، أما لو وضع عليه نقطة لمواد بترولية كالبنزين أو السولار فسد اللبن كله!
ثانياً: صعوبة معرفة هذا الداء الخبيث.
ثالثاً: الصرف عن آيات الله
(سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً).
* أسبابه "وهي أبواب الفتنة الأكثر عرضة لإصابة صاحبها بهذا الداء الخبيث":
– النسب.
– كثرة المال.
– كثرة العلم.
– كثرة الأتباع والأنصار (الشهرة).
وهذا لا يدل على أن هؤلاء فقط مَن يغترون ويتكبرون، فلكل قاعدة شواذ، ولكن هؤلاء الأكثر عرضة، ولكن من المحتمل أن يكون عائلاً مستكبراً، كما ورد في الحديث: "ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وأمير كاذب، وعائل مستكبر".
والعائل معناه في الحديث هو الفقير.
فيجب أن يترسخ في ذهنك أن كل نعمة من الله -عز وجل- عليك تخفي في طياتها أبواب فتنة، أي أنها سلاح ذو حدين، وهذا يرجع إلى حسن أو سوء التصرف بها.
فحينما يمن الله على عبد من عباده بهذه النعم من المحتمل أن يحسن التصرف بما أكرمه الله -تبارك وتعالى- به ويستعمله في الخير دون الاغترار أو تكون باب فتنة تهلك صاحبها.
* الأعراض "وهي الأفعال التي من خلالها تعرف هذا الداء":
– الاختلاف في مسألة وبعد التيقن من الخطأ عدم التنازل.
– حب القيادة والإمامة دون استحقاق وعدم الخشية من الاغترار بها.
يقول أبو الدرداء: لا يزال العبد يزداد بعداً ما مشي خلفه.
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال:
"مر النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد، وكان الناس يمشون خلفه، فلما سمع صوت النعال، وقر ذلك في نفسه، جلس حتى قدمهم أمامه؛ لئلا يقع في نفسه شيء من الكبر".
– عدم إجابة دعوة الفقير واستثقالها.
* العلاج:
– تعظيم آفة الكبر في النفس وعدم الاستهانة بها، وإدراك خطورتها ووضعها نصب العينين، فعلى قدر عاقبة الإثم يجب الانتباه.
– الإيقان التام بأن كل النعم التي يمن الله -عز وجل- بها على عبده جاءت إكراماً له لا استحقاقاً، وأن النعم في ذاتها تحمل في طياتها أبواباً للفتن، فيجب الشكر معها وحسن التصرف والحذر.
– تذكير النفس دائماً بعدم دوام النعم، وأنها سلاح ذو حدين.
– صحبة الأخيار الصادقين الذين يقيمون اعوجاجك ويبصرونك لحقيقتك دون محاباة أو كذب.
– تذكير النفس بأن كل الناس سواسية كأسنان المشط، وأنه لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح، وتذكيرها أيضاً بمكارم التواضع وفضائله ومحاسبة النفس باستمرار.
أرجو أن يكون منّ الله عليّ بالتوفيق وأرجو من الصادقين الذين سيقرأون هذا المقال أن يُبدوا رأيهم، وإن رأوا شيئاً معوجاً أن يقيموا اعوجاجي به، فبهذا تنهض الأمم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.