تغيّر الفتوى بتغيّر السلطان

كانت الفتوى كذلك، ثم هي الآن تتغير بتغير السلطان؛ فما كان يروق للسلطان السابق قد لا يروق لهوى السلطان الجديد، وعليه فيجب أن تتغير الفتوى بتغير السلطان.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/18 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/18 الساعة 03:13 بتوقيت غرينتش

كانت الفتوى لدى العلماء المعتبرين تتغير بتغيُّر الزمان والمكان، أي بتغير العادات والأعراف.

كانت الفتوى كذلك، ثم هي الآن تتغير بتغير السلطان؛ فما كان يروق للسلطان السابق قد لا يروق لهوى السلطان الجديد، وعليه فيجب أن تتغير الفتوى بتغير السلطان.

بل يجب أن تكون الفتوى مَرِنَة لينة فتتغير بتغير هَوَى السلطان.

فقد يروق للسلطان حكم ما في قضية ما اليوم، ثم هو غداً يستيقظ فيرى حكماً آخر غير حكم أمس، فيجب أن تتسع الفتوى لذلك، ويجب أن يكون اتساع الفتوى ومرونتها مواكباً لاتساع أهواء السلطان ونزواته.

فإن راق للسلطان السابق حرمة قيادة المرأة للسيارة، فإن ذلك لا يروق للسلطان الجديد فدارت الفتوى وتغيرت بتغير السلطان.

وإن راق للسلطان السابق حرمة الاحتفال باليوم الوطني، فإن هذا لا يروق للسلطان الجديد فجعل هذا وذاك أيام عيد تعطل في الأعمال.

وها قد واكَبَت الفتوى هَوَى السلطان الجديد فَمَرِنَت ولانت وتماهَت مع هَوَى وميل السلطان الجديد.

فقد تبين للمفتي وعصابته خطأ ما ذهبوا إليه قديماً؛ إذ إن الحق يتمايل ويتهادَى مع هَوَى السلطان.

وإن كان محمد نبي المسلمين أمر أن "تكاثروا تناسلوا فإني مباهٍ بكم الأمم"، فإن سلطاناً جديداً رأى أن تكتفي الأسرة بطفلين أو ثلاثة، والرجل لم يخترع حكماً فقد سأل إمام الأزهر على الملأ: (حلال ده يامولانا ولّا حرام؟).
فأجابه الإمام مؤكداً: (حلال، حلال، حلال).

نعم هكذا يكون الدين وتكون الفتوى مَرِنَة لَيِّنَة تتشكل وتتغير بحسب هَوَى السلطان.

وكان الله العزيز الجليل قد حكم وقضى ألا يجوز أن تتزوج المسلمة بغير مسلم، وقد حكم الله العزيز الجليل وشرع الميراث.

وها هو سلطان فصيح نبيه، يرى أنه يجب أن يباح للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم.
وقام المفتي فجزم بسلامة رأي السلطان، فأفتى بجواز زواج المسلمة من غير المسلم.

وحكم هذا السلطان وقضى بوجوب المساواة في القسمة بين المرأة والرجل في الميراث.

فقد رأى في تشريع الله -وحاشاه- جوراً وظلماً على المرأة فانتصر لها وأقام عدله وتشريعه مقام عدل الله وتشريعه.

والدين في يد مفتي السلطان عجينة لينة يشكلها له بحسب ما يهوى السلطان، فإن شاء جعل الدين حماراً للسلطان، وإن شاء جعله حرزاً ودرعاً واقية يحتمي بها السلطان.

وإن شاء جعل الدين في القلب حبيساً لا يسمح له بالظهور على الجوارح والأركان، وسيجعل في ذلك أعظم الإيمان، فالعبرة بالقلوب وما تحوي وليس بالأعمال، فافعل ما بدا لك ما دمتَ تُعلنُ أنك مسلم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد