نبذة مختصرة عن مؤسسة راند:
وفقاً للمعلومات التي أوردها موقع المؤسسة على شبكة الإنترنت، فمؤسسة راند اختصار لـ(Research and Development) بمعنى (البحث والتطوير)، مؤسسة غير ربحية تساعد على تحسين السياسات وعملية اتخاذ القرار من خلال البحث والتقرير، وعلى مدى ستة عقود اهتمت بقضايا الطاقة، والتعليم، والصحة، والعدالة، والبيئة، والشؤون العالمية والعسكرية، ومقرها الرئيسي في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية، ولديها (53) فرعاً موزّعة على دول العالم، أحد هذه الفروع في دولة قطر.
ومؤسسة راند -كما تقول عن نفسها- حيادية، وتعمل بشكل مستقل، بعيداً عن الضغوط السياسية والتجارية، فالجودة والموضوعية تمثلان قيمها الأساسية، ولديها (1875) موظفاً، نسبة حمَلة الدكتوراه بينهم 56% والماجستير 36% والبكالوريوس 8%، ويتقن موظفوها إجمالاً 75 لغة منها اللغة العربية.
وأهم الاختصاصات التي تبحث فيها:العلوم الاجتماعية، الاقتصاد، تحليل السياسات، علم الأحياء، العلاقات الدولية، العلوم السلوكية، العلوم السياسية، الهندسة، وتقدم خدماتها لـ(375) من العملاء (جهات حكومية/منظمات/ مؤسسات دولية)، ونشرت أكثر من (950) بحثاً، إضافة إلى (15.500) تقرير، وتم تحميل (7.4) مليون من الملفات من موقعها.
ميزانيتها لهذا العام 2017م بلغت (293.3) مليون دولار، موزعة كالتالي: 76% الأبحاث وتحليل السياسات، 15% تنمية قدرات الموظفين ومصاريف إدارية، 8% مرافق، 1% جمع تبرعات.
أهم المانحين: إدارة الولايات المتحدة للصحة والخدمات الإنسانية والوكالات ذات الصلة (69.1 مليون دولار)، مكتب وزارة الدفاع الأميركية ووكالات الأمن القومي (60.6 مليون دولار)، القوى الجوية الأميركية (44.7 مليون دولار)، جيش الولايات المتحدة الأميركية (42.4 مليون دولار)، وكالات فيدرالية (14.6 مليون دولار)، وكالات غير حكومية ومنظمات دولية (18.2 مليون دولار)، انتهى التعريف.
مكانة مؤسسة راند وتأثيرها:
من خلال المعلومات المذكورة في التعريف السابق، يتضح أن مؤسسة راند لها مكانتها بين مراكز البحث العالمية، بل تعدُّ أكبر مركز فكري في العالم، وإحدى أهم المؤسسات الفكرية المؤثرة في صناعة القرار في الإدارة الأميركية؛ لذلك تميل الإدارة الأميركية إلى تبني مقترحات مؤسسة راند. وتتسم تقارير مؤسسة راند بقوة الفكرة وجرأة الطرح، وحسن الصياغة، ومخاطبتها الفعّالة لصانع القرار من خلال تقديم مقترحات عملية وخطط جاهزة للتنفيذ.
والملاحظ من خلال سعة انتشارها (53 دولة)، وحجم ميزانيتها (293 مليون دولار)، ونوعية الباحثين فيها (92% من حمَلة الماجستير والدكتوراه)، بل ومن ضمن باحثيها خبراء في جميع المجالات لهم مكانتهم العلمية على مستوى العالم، وأيضاً من خلال الجهات الداعمة الأميركية (الدفاع والأمن القومي، الجيش، القوى الجوية، وكالات فيدرالية)، يتضح للمتابع أن لها مكانتها وتأثيرها عالمياً، كما أن ارتباطها بجهات داعمة لها سلطتها وسيطرتها في الإدارة الأميركية يوحى بتوجهات أبحاثها وتقاريرها، وأنها تخدم التوجهات الأميركية، وتقدم لصانع القرار الأميركي الخطط والمقترحات العملية الجاهزة للتنفيذ من خلال رؤية علمية ودراسات معمّقة وإحصاءات دقيقة، على يد نخبة من الخبراء والمفكرين والباحثين من جميع أنحاء العالم.
ويحتل (الخطر الإسلامي) مكاناً مرموقاً في أبحاث وتقارير مؤسسة راند، فقد صدر أول تقرير قبل 18 عاماً من الآن، أي في العام 1999م قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001م بعامين، وكان عبارة عن كتاب بعنوان (مواجهة الإرهاب الجديد) في 153 صفحة، من تأليف مجموعة من خبراء المؤسسة، وفي 2004م صدر تقرير راند بعنوان (العالم المسلم بعد 11 / سبتمبر/أيلول) في أكثر من 500 صفحة، وفي فبراير/شباط 2005م صدر عن المؤسسة تقرير بعنوان (الإسلام الديمقراطي المدني: الشركاء والموارد والاستراتيجيات) في 138 صفحة، وفي عام 2006م أصدرت المؤسسة تقريرها تحت عنوان (ما بعد القاعدة.. الحركة الجهادية العالمية) من جزأين، كما أصدرت المؤسسة تقريرها لعام 2007م بعنوان (بناء شبكات مسلمة معتدلة) في 242 صفحة، وكذلك أصدرت تقريرها لعام 2008م بعنوان (صعود الإسلام السياسي في تركيا)، وفي 2009م تقرير بعنوان (الإسلام الراديكالي في شرق إفريقيا).
وترسخ تقارير مؤسسة راند باستمرار الفائدة التي يمكن أن تجنيها الاستراتيجية الأميركية من إشعال الصراعات داخل العالم الإسلامي وتقسيمه، وكذلك تقسيم شعوب المنطقة إلى معتدلين في مواجهة متطرفين، وتقليديين في مواجهة عصرانيين، وشيعة في مواجهة سنة، وعلمانيين في مواجهة إسلاميين، وعرب في مواجهة غير العرب، وغير ذلك من التقسيمات التي تسعى إلى شق وحدة الأمة في مواجهة الهيمنة الأميركية والتدخل في شؤون دول المنطقة من قِبل دول الغرب وعلى رأسها أميركا، كما هو حاصل الآن.
وهذه التقارير تقدم النصائح والمقترحات للإدارة الأميركية في كيفية التعامل مع الأطراف داخل الإطار الإسلامي، وهي خطط تحالفية (تكتيكية) داعمة لهذا الطرف ضد الطرف الآخر، فهي تدعم المعتدلين ضد الأصوليين (المتطرفين)، ثم تدعم الليبراليين (الحداثيين) ضد الإسلاميين المعتدلين، وبالمقابل تدعم العلمانيين المعتدلين ليواجهوا الليبراليين، ثم تدعم العلمانيين المتعصبين ضد العلمانيين المعتدلين، وهكذا مع بقية الأطراف المذهبية والعرقية، بل توصي بعض هذه التقارير بالقرب من المذهب (الحنفي) لمرونته ومواجهة المذهب (الحنبلي) لتشدده، كما أكدت بعض التقارير دعم ومساندة الطريقة (الصوفية) على ما عداها في العالم الإسلامي.
والإدارة الأميركية لن تكون في يوم من الأيام سنية أو شيعية، ولن تأخذ بالمذهب الحنفي أو الطريقة الصوفية، إنما هي استراتيجية لضرب الإسلام بأتباعه للتخلص منهم واحداً بعد الآخر.
ولأن المقال لا يتسع لإيراد كل التقارير وتحليلها، وإنما أوردنا أبرزها كنماذج، كما أن التعليق عليها واستخلاص نتائجها يحتاج إلى دراسة كاملة، وقد كان غرضي من هذا العرض والتعريف بالمؤسسة لفت النظر لكي نعرف المطابخ العلمية والبحثية التي يطبخ فيها مستقبل العالم الإسلامي؛ لنعي أولاً ما يدور حولنا، ولنقدم ما نستطيع حفاظاً على هُويّتنا العربية والإسلامية من الذوبان والتلاشي، والله المستعان وعليه التكلان.
ملاحظة: يمكن تنزيل بعض هذه التقارير مترجمة إلى العربية أو باللغة الإنكليزية من الإنترنت.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.