صوت مرتفع يسري بأرجاء الغرفة، تبادل نظرات الغيظ، ثم صفعة على الوجه، سكون غريب يخيم على المكان، وعندما همّ بأن يخرج، إذا بصوت منكسر يقول: "طلقني" .
هذا هو السيناريو الذي أصبح مشهداً معتاداً داخل البيت المصري الحديث، والذي يدفع ثمن تذكرة المشاهدة هم الأطفال الذين ليس لهم ذنب أن يعيشوا في بيت متصدع الأركان.
ودعوني قبل أن أبدأ معكم الجلسة الأولى، أوضح لكم السبب في كتابتي لهذا الموضوع.
طبقاً لتقارير سرية تم رفعها لرئيس الجمهورية من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء؛ فإن معدلات الطلاق زادت ما بين 1990 و2013 وتحديداً لتصل إلى 143℅، وعدد المطلقات وصل إلى 2 مليون مطلقة حتى مارس 2015، وحتى كتابة هذا المقال سجلت محافظة الشرقية أعلى معدلات طلاق بنحو حالة طلاق كل ساعة، وذلك وفقاً لجهاز التعبئة والإحصاء المركزي، وما يقلق هو أن تعرف أن حالات الطلاق على مستوى الجمهورية وصلت إلى 240 حالة طلاق يومية؛ أي ما يعادل حالة طلاق كل 6 دقائق طبقاً لإحصائيات مركز التعبئة والإحصاء.
لذا كان لزاماً على أهل الخبرة في هذا المجال أن يقدموا معالجة لهذه الظاهرة التي أصبحت تهدد أم الدنيا بالطلاق.
ويشرفني أن أكون أول من تعرض لطرح حلول بالشكل الذي أقدمه بين يديكم اليوم، والسبب هو أنني كنت ألقي محاضرة بعنوان "الاتزان الأسري" في جمع من الأسر المصرية في مصيف بالساحل الشمالي، وطلبت مني إحدى الحضور كتابة هذا الأمر باستفاضة حتى يكون مرجعاً للأزواج والزوجات، لتجنب ذلك الكابوس المسمى بالطلاق.
ودعونا نبدأ طريق الحب بهذه الجلسة الافتتاحية، التي نؤكد فيها أن ما يقال ينبغي أن يطبق من الطرفين، وليس من طرف واحد، أو يطبق على جنس دون الآخر.
خلق الله المرأة وهيّأها لتكون بنتاً وأختاً وزوجة وأماً، هذه مخارج الحنان الأربعة؛ لذا يجب على الزوج الذكي أن يتعامل من خلال هذه الملفات الأربعة، وإلا سوف يخسر جداراً مهماً في بيت الزوجية.
الزوج الناجح هو الذي يستطيع أن يضع زوجته بين أربعة جدران في غرفة قلبه، ومتى حدث شرخ أو هدم لأحد هذه الجدران، فإن تسريباً ما سيحدث ويترتب عليه تجلط العلاقة بينه وبين الطرف الآخر، هذا التجلط ناتج عن تسرب الهوى (الحب) للبديل الذي عجز الزوج عن إيجاده بين جدران قلبه.
الدور الأول أو الجدار الأول: الأب
يمثل هذا الدور نسبة 15% من نسبة العلاقة في الحياة الزوجية المتزنة، ويجب على الزوج أن يعيش هذا الدور عند حدوث أي مشكلة مع زوجته، بمعنى أن الزوج ينبغي أن يكون أبّاً لزوجته عند حله لأي مشكلة تطرأ بينهما، ومتى شعرت الزوجة بأن مَن يجلس معها في المشكلة هو أبوها، فلا شك ستتقبل الكلام، خاصة أنه يخرج من شخص يقوم بدور الأب، والأب كما نعرف، حتى وإن عاقب فإن العقاب ناتج عن حب وعطف، وليس عن غيظ وانتقام.
الدور الثاني: الابن
يمثل هذا الدور 10% من نسبة العلاقة في الحياة الزوجية المتزنة، وهذا الدور ينبغي على الزوج القيام به بمجرد أن يضع أقدامه خارج المنزل، فهو باختصار ابن لتلك الإنسانة التي تركها بالمنزل، أو تلك الإنسانة التي افترق عنها في الصباح من أجل كسب لقمة العيش، سواء كان هو الذي يخرج من أجل العمل بمفرده، أو كانت هي أيضا تمتهن مهنة وتخرج لها من البيت، عليه أن يفعل معها مثلما يفعل الطفل الذي ابتعدت عنه أمه، من السؤال عليها والاطمئنان والتلهف لرؤيتها، ومتى أتقن القيام بهذا الدور، فما هي إلا أيام قلائل حتى يصير هذا شعوراً لا يستطيع العيش بدونه، جرب تتصل بها لله، لا لأي شيء آخر، يكون الاتصال من أوله إلى آخره لها وعنها وبها.
ترى ما هي باقي الأدوار أو الجدران اللازمة لتلك العلاقة الزوجية المتزنة؟ وما هو أخطر هذه الأدوار، الذي بسببه تُهدم كثير من البيوت المصرية؟
هذا ما سنعرفه فى المقال القادم.. انتظرونا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.