نحن جميعاً نريد النّجاح، نريد أن نكون ناجحين ونشعر بالنّجاح، نطاردُ المال والشهرة والسلطة والعلاقات ومئات الأشياء الأخرى دون التوقف أبداً لطرح سؤال أساسي واحد: ماذا يعني النجاح في الواقع؟
قلّة من النّاس يتوقّفون للنّظر فيما يعنيه النّجاح حقاً في حياتهم الخاصّة، كما قال جيم رون: "إذا لم تقُم بتصميم خطة لحياتك الخاصّة، هناك احتمالات بأنّك داخل خطة شخصٍ آخر".
إذا لم نرد على هذا السؤال، يمكننا في نهاية المطاف أن نتسلّق السُّلم الخاطئ ونتّبع نسخة نجاحٍ لشخصٍ آخر.
نصل إلى القمة فقط لاكتشاف أنّنا نتسلّق الجبل الخاطئ، نحقِّق أهدافنا فقط لنكتشف أنّها كانت خاطئة، إنّها كارثة عددٌ قليل من الناس قادرُون على الخروج منها.
أولئك الذين حقّقوا أكبر قدرٍ من النّجاح الفعلي هم الذين يسيرون في طريقٍ واضحة وضوح الشمس على ما يعنيه الوصول إلى القمّة، وإذا أردنا أن نتّبع خطواتهم، يجب أن نحقق وضوحاً مُساوياً.
ما الذي لا يعنيه النجاح؟
قبل أن نتمكّن من تحقيق النّجاح، نحن بحاجةٍ إلى فهم ما هو النجاح، إذا قضيتَ بضع دقائق فقط على مواقع التواصل الاجتماعي، سوف تُدرك كمّ الأشخاص الذين لديهم تعريف ضيِّق جداً للنّجاح.
فهم يعتقدون أنّ الأمر يتعلّق ببناء الثّروة، وجود علاقة مثالية، وإطلاق مشروع بمليار دولار أو تجميع أكبر عدد ممكن من المتابعين من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
مثل هذه الأشياء لا يجعلُك بالضّرورة ناجحاً، كثيرٌ من الناس قاتلوا وكافحوا للوصول إلى القمّة فقط ليشعروا بالتّعاسة بمجرّد وصولهم إلى هناك، إنهم غير راضين هناك لأنّهم اتبعوا التعريف الخاطئ للنّجاح الذي لم يتطابق مع قيمهم.
طوال مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ المبكِّر، كنّا نتعلّم مختلف الأفكار عن النجاح من آبائنا والمعلّمين والأصدقاء، على الرّغم من أنه من المقبول أن نقِّر آراء وآمال الآخرين، لا ينبغي لنا أن نعتمدها بالضرورة باعتبارها منطِقنا، ولا يمكن لأحدٍ أن يفرض نصّ نجاحٍ معيّن علينا.
فمن السّهل أن نفترض أنّ النجاح يعني الحصول على شيءٍ معيّن، مثل وظيفة أو مكانة اجتماعية، والاعتقاد بأنّه إذا حصلنا على هذا الشيء، سنكون ناجحين، ولكنّ بعضاً من أعظم النّجاحات نتجت عن أسوأ حالات الفشل.
ما هو النجاح؟
يجب أن نضع أهدافنا ومساراتنا على أساسِ ما نرغب فيه، وليس ما يريده شخصٌ آخر لنا.
بعض الأشخاص يجدون أنّ مساعدة الناس تجلب لهم معظم السّعادة، وبالتالي يبدو النجاح لهؤلاء وكأنّه حياة تعطى للآخرين. بينما يدرك البعض أن بناء الأعمال التجارية أو المنتجات يجلب لهم السعادة. يفضل البعض العُزلة بينما يفضِّل البعض نشاطاً مستمراً.
الحقيقة البسيطة والعميقة هي أنّ ما يجعلني سعيداً لا يجعلُ شخصاً آخر سعيداً، والعكس بالعكس. رؤيتي للنّجاح ربما تبدو لا شيء لك، وهكذا ينبغي أن تكون.
إذا فشِلنا في تحديد النّجاح لأنفسنا وحاولنا تتبّع مسار شخصٍ آخر، سنصابُ في نهاية المطاف بالإحباط، والتعاسة، وربّما نشعُر بالفشل العميق. كما قال بروس لي: "دائما كن أنت، عبِّر عن نفسك، امتلك الإيمان في نفسك. لا تخرج وتبحث عن شخصية ناجحة لتكرٍّرها".
الطريق إلى النّجاح يبدأ بسؤال نفسك: ما الذي يجعلني سعيداً؟
ومن الضّروري أيضاً أن نفهم أنّه في نواحٍ كثيرة، نحن بالفعل ناجحون، إذا افترضنا أننا فاشلون حتى نصل إلى هدفٍ محدّد، فإننا لن نكون سُعداء، وعينا أن ندرك أننا كلّنا لدينا ما أنجزناه بالفعل.
اسأل نفسك:
– أين رأيت بالفعل نجاحاً في حياتي؟
– كيف يمكنني مواصلة البناء على هذا النّجاح؟
– ما هي الدروس التي تعلّمتها من تلك النجاحات؟
– ماذا تعلمت عن نفسي من تلك التجارب؟
النّجاح هو هدفٌ ورحلة، عندما نصل إلى بعضِ المعالم، فهذا عنصرٌ من عناصر النجاح،
ولكن لا يجب أن نتوقف عند هذا الحد. يجب أن ندفع أنفُسنا إلى الأعلى والأصعب، ونراهن أكثر على الأفضل.
يقول توني روبنز: "الطريق إلى النّجاح هو اتخاذ إجراءات ضخمة وحازمة"، ولكن كيف يمكننا أن نجد طريقنا؟ ما هي الخطوات التي نتّخذها لتحقيق النّجاح الحقيقي؟
يجب أن نكون قادرين على الإجابة بوضوح على العديد من الأسئلة الخاصّة:
– ما الذي يهمني حقاً؟
– ما هي الأشياء التي أشعلتني حماساً بشغف؟
– ما الذي أريد أن أقوم به في حياتي؟
– ما نمط الحياة التي أريد تحقيقها؟
– ماذا أريد أن أكون؟
– ماذا أريد أن يقول الناس عني بعد أن أموت؟
يجب أن تكون الإجابات على هذه الأسئلة فائقة التّحديد. لا يكفي أن تقول: ما يهمّني حقاً هو السّعادة. إذا كنت لا تستطيع أن ترى بوضوح، فإنّك لن تعرف حقاً ما يعنيه ذلك، أو ما تفعله أو أين أنت ذاهب. والشّيء نفسه ينطبقُ على رؤيتك للنّجاح.
ولكن قبل أن تتمكّن من البدء في المضي قدماً، يجب عليك تقييم أين أنت الآن. هذا هو الوقت لتقييم صادق، وليس ارتداء نظارات ملوّنة. في ماذا أنت ناجحٌ حالياً؟ أين تحتاج إلى النّمو؟ ما هي نقاط ضعفك ونقاط قوتك؟ حاول جلب صديق أو زميل مخلص ليكون بمثابة منصة سبر آراء حقيقية غير منحازة.
بعد ذلك، حان الوقتُ لوضع بعض الأهداف المحدّدة، وينبغي أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق وملمُوسة، ولكن فيها تحدٍّ، كما يجب أن تكون أهدافك قابلة للقياس.
إذا لم تحدِّد نجاحك، فسيحدِّده شخصٌ آخر لك. أيّ جبلٍ ستتسلّق؟ أيّ مسارٍ ستسلُك؟ هل هو الصّحيح؟
ابدأ على الطريق الصّحيح اليوم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.