الغلاء يطفئ وهج الزواج في مصر.. مصدر حكومي: تراجع معدل الزواج الرسمي في البلاد

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/15 الساعة 02:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/15 الساعة 02:46 بتوقيت غرينتش

لن تكون حالة الشاب المصري إسلام محمد (29 عاماً) -الذي فسخ خطبته نتيجة عجزه عن الوفاء بمتطلبات الزواج- استثنائية في المجتمع المصري، الذي يشهد ارتفاعات متتالية في تكاليف الزواج.

إسلام، الذى يعمل موظفاً بشركة خاصة، لن يكون الأخير في قضية أصبحت عربية، ولا تقتصر على مصر فقط؛ فثمة آخرون لم يفكروا حتى في اتخاذ القرار؛ حيث يقضون جل وقتهم في المكابدة للوفاء باحتياجاتهم الشخصية.

وكشف تقرير إحصائي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر (حكومي)، في يوليو/تموز الماضي، عن تراجع في معدل الزواج الرسمي في البلاد.

إذ تراجع عدد عقود الزواج في مصر، وفق التقرير المذكور، بنسبة 3.2% في 2016 إلى 938 ألفاً و526 عقداً، مقابل 969 ألفاً 399 عقداً في 2015.

ويتوقع مراقبون تصاعد معدل التراجع في عقود الزواج جراء الارتفاع المتزايد في الأسعار، منذ تعويم الجنيه (تحرير سعر صرفه أمام العملات الأجنبية)، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وعن المصاعب التي دفعته لفسخ خطبته، أوضح إسلام، أنه لم يتمكن من تدبير سكن ملائم لإتمام زواجه، في ظل الارتفاع الحاد في أسعار الوحدات السكنية، بعد تعويم الجنيه.

كثيرون مرُّوا بتجربة إسلام نفسها، وشمل الأمر الجنسين؛ فالفتاة في مصر مطالبة هي الأخرى بتجهيزات زواج ضخمة، تتطلب عشرات الآلاف من الجنيهات وفق عادات وتقاليد مرهقة.

وصعدت أسعار العديد من السلع في السوق المحلية، منذ تعويم الجنيه وما تلاه من انخفاض في قيمته إلى النصف تقريباً (من 9 جنيهات إلى نحو 18 جنيهاً للدولار الواحد).

وتتقلب أسعار العديد من السلع بشكل يومي، حتى أصبح المواطن يشتري السلعة صباحاً بسعر، ويدفع مقابلها سعراً أعلى في مساء ذات اليوم، وفق المشاهدات الحية بالشارع.

أزمة كل شاب


يقول كريم عبد الظاهر (32 عاماً) وهو موظف بوزارة العدل، بمحافظة المنيا (وسط)، إنه قرر تأجيل حفل زفافه بسبب تأخره في شراء الشبكة (هدية من الحلي والمجوهرات يقدمها لعروسه)، التي تضاعف سعرها نتيجة تعويم الجنيه.

ويضيف للأناضول، أن شبكة العروس من أكبر المهام الصعبة أمام أي عريس، بسبب ارتفاع سعر الذهب الذي قفز بنحو 100% منذ التعويم.

ويصل سعر غرام الذهب عيار 21، الأكثر تداولاً في مصر، إلى 650 جنيهاً (40 دولاراً).

صلاح عبد الهادي، عضو شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالقاهرة (مستقلة وتشرف عليها وزارة التجارة والصناعة)، يؤكد أن معدلات الإقبال على شراء الذهب بعد التعويم تراجعت بأكثر من 80%، مقارنة مع الفترة التي سبقت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

"سوق الذهب تعاني من تراجع حاد لم تشهده مصر من قبل؛ بسبب عزوف المواطنين عن الشراء بعد ارتفاع الأسعار"، حسبما قال عبد الهادي.

مهور مرتفعة


يقول حسن سامي (32 عاماً)، وهو سائق سيارة أجرة: "الغلاء الحاد زاد الطين بلة في أزمة الزواج بمصر، التي تعاني أصلاً من مغالاة من قبل الأهل، والتمسك بأرقام مرتفعة، سواء في الشبكة أو المهور".

أزمة ارتفاع الأسعار دفعت فاتن حسن، أم لثلاث فتيات، إلى بيع قطعة أرض حتى تتمكن من الوفاء بمتطلبات زواج ابنتها الكبرى، حسبما روت للأناضول.

وتضيف فاتن: "أسعار الأدوات المنزلية والكهربائية وصلت لأرقام فلكية بعد التعويم.. لم يعد بمقدور الطبقات الفقيرة والمتوسطة شراؤها بسهولة".

وحسب شعبة الأدوات المنزلية تراجعت مبيعات الأدوات المنزلية بأكثر من 80%، منذ قرار تعويم الجنيه.

في ذات الوقت شهدت أسعار الأجهزة الكهربائية زيادة بنسبة تتراوح ما بين 75% و80% بسبب "الانفلات الرقابي على الأسواق"، حسب محمود إدريس، تاجر أجهزة كهربائية.

ويضيف محمود: "زيادة أسعار الأجهزة الكهربائية دفعت المواطنين للتوسع في استخدام نظام التقسيط من المتاجر الشهيرة، التي تعمل وفقاً لهذا النظام".

أسعار الأثاث المنزلي


العوائق، التي تواجه الشباب في مصر، لم تقتصر على الذهب والشقق السكنية فقط، ولكن امتدت لتطال أيضاً الأثاث المنزلي، الذي قفزت أسعاره بأكثر من 100% منذ تعويم الجنيه.

ويقول شريف نادي، عضو غرفة صناعة الأثاث باتحاد الصناعات المصرية، للأناضول، إن أسعار الأثاث قفزت بعد ارتفاع أسعار الدولار، الذي ترتب عليه ارتفاع كافة الخامات الأخرى المستخدمة في هذه الصناعة، ولاسيما أسعار الأخشاب المستوردة.

"التراجع الحاد في شراء الأثاث والموبيليات خلال الفترة الأخيرة، أدى إلى غلق الكثير من الورش العاملة في هذه الصناعة"، حسب نادي.

وسجل قسم الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة ارتفاعاً قدره 37%، على أساس سنوي في سبتمبر/أيلول الماضي، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

إحصائيات


وبلغ عدد الشباب في الفئة العمرية (18-29) سنة في مصر، طبقاً لتقديرات السكان لعام 2017، نحو 21.7 مليون نسمة بنسبة 23.6% من إجمالي عدد السكان (100 مليون نسمة)، وتتوزع هذه النسبة بواقع 51% للذكور و49% للإناث.

وسجلت نسبة الذكور غير المتزوجين بمصر في الفئة العمرية ما بين 18 و29 سنة نحو 37.4% من إجمالي الذكور المتزوجين، مقابل 16.4% للإناث في تعداد 2017، وفقاً لبيانات الإحصاء المصري.

وحسب أرقام الإحصاء، فإن 23.2% من الذكور المطلقين في مصر يقبعون في هذه الفئة العمرية، فيما بلغت نسبة المطلقات من الإناث بنفس الفئة 43.6% من إجمالي عدد المطلقات.

تحميل المزيد