التعافي في الـborderline.. التلبيس”

فما حدث يدعى "التلبيس"، أي أنني عشت تأثراً بجميع الأعراض كما شرحها Dsm4، بل إنني كنت محبطاً؛ ﻷنني لم أصل إلى كل الأعراض.. استغرق منّي الخروج من تلك الدائرة الدرامية عاماً ونصف العام، لكنني لم أكن قيد الأعراض تلك فقط، بل كنت أعمى لا أراني، وخاصة انفصالي عن مشاعري وعلاقاتي والكثير، وهو ما سأتحدث عنه لاحقاً.

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/13 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/13 الساعة 02:53 بتوقيت غرينتش

"الجُمل الحزينه ما لهاش عنوان
دي ملعونة بس بشوية حنان
ياخدك ويجيبك ويطمنك
وتبقى فجأة انت طرطور ف إيدك".. وعجبي.

وعلى شاهد كلمات متشابهة مع رباعيات صلاح جاهين خير مثال للمقال، الذي يعد خبرة شخصية تمحورت حولها شخصيات متشابهة في ملامح نفسيتها، لكنها تعرضت لأهوال مختلفة جعلت منها سيطرة الأمور بين يديها مجرد مكانة شرفية خادعة تكون أنت فقط ظلها؛ لذا سأبادرك حديثنا بهذا التساؤل:

هل يستطيع مريض أن يقف أمام المنبر ويعظ؟
فها أنا ذا.. لا تحدثني بالمنطق كما هو معتاد، لكنني مستور ببعض الخفايا.

لم أكن إلا محاولاً الهروب من بعض القذف المفروض، وهو أن تنحني إجباراً لبعض المشاعر الجنونية بحدتها ولا تعلم أيهما يسيطر.. هل السعادة المبالغ بها حيث السخرية الحزينة المنعكسة فيّ أم اكتئاب أنحنى تحت وطأته بميول انتحارية؟ فكيف هذا السوء؟

الضحك والموت يجتمعان معاً، هذا ﻷنني أعاني borderline personality disorder، ولن أجعل هويتي هي اضطراباً غير مسؤول منّي يعبّر عني ويشرحني أمام العامة فأنا كما أنا، كما أريد أنا.. لكنني سأقضي معكم حلقات من التعافي متسلسلة في مقالات بعنوان التعافي في الـ borderline.

بدأت اكتشافاتي لمعاناتي حينما انهارت كل السبل أمامي التي لا تحطمني فقط، لكني انقسمت على ذاتي، واحتددت حتى أصبحت شخصين، أحدهما يحاول قتلي، والآخر أنا الضحية تحت جناية الغضب غير المتعمد، لكنني كنت مكرهة نفسي وقتها حتى ذاب عقلي انحصاراً ألا يكون واعياً، وظللت في منفى الغضب مأسوراً يحيطني الخوف، وأنا أصرخ أبحث عن طفلي، فيمكنه مساعدتي فهو يسعدني، لكنه كان يستجدي.. يستجدي الأمان، فطفلي مرعوب منّي.

فانحللت إلى شتات، حتى أصبحت متناهياً بالزمن، وعبرت شدة حالاتي سوءاً ثم فجأة أصبحت سعيداً مبتهجاً دون أن أعلم، فأنا انتقلت إلى المدى المضاد للبؤس، وهو الضحك المفرط، الذي لا يحمل أبداً بهجتي، لكنني كنت أحب ضحكاتي التي أفتقدها، حينما كنت بعيداً عن أعراضي.

قمت بالبحث عنّي، عما يمثلني من أي نوع من أنواع الأمراض النفسية فوجدت الكثير يشبهني حتى احتل عقلي أعراض كثيرة متشابهة، لكني تعلقت بحديه بالشخصية الحدية حتى باتت أعراضه متلازمة لي متماشية مع حالات التهور اللاإرادي والغضب والسخط الذي كان يبتليني.

والعجيب أنني كنت مشابهاً لأعراض بسيطة لكنني تفاجأت بأعراض أخرى للاضطراب ظهرت.

فما حدث يدعى "التلبيس"، أي أنني عشت تأثراً بجميع الأعراض كما شرحها Dsm4، بل إنني كنت محبطاً؛ ﻷنني لم أصل إلى كل الأعراض.. استغرق منّي الخروج من تلك الدائرة الدرامية عاماً ونصف العام، لكنني لم أكن قيد الأعراض تلك فقط، بل كنت أعمى لا أراني، وخاصة انفصالي عن مشاعري وعلاقاتي والكثير، وهو ما سأتحدث عنه لاحقاً.

لا تدعى المعرفة أن تبحث عن مرضك دون خبرة طبيبك أو مساعدة أحد المختصين.. فالبحث يقتلك ويعضد خزيك من مرضك تباعاً، وستكون تحت سلطة أعراضه مسحوباً غير واعٍ أن العمر ينقضي؛ ﻷنك صدقت كذب خزيك.

وللعلم فقط قد لا أكون مدعياً أو فقيهاً
أو منتشياً أو سكياً، ولن أكون مريضاً بل متعافياً في مرضي.. أشتد، أنقبض، أنحني، أتراجع، أشعر بالخزي، لكني سأظل حتى أقف اليوم وأعظ..

"كلمة مش منتهية لكن تبان اللي هيّ
عبيطة تقول أو بسيطة لكن يخرب بيتها هيّ
ده أنا بقيت فيها زي البندول مش عارف عملت إيه فيّ
غير إني رايح جاي ومستني أدفع الديّة"..
وعجبي

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد