بدأت الحملة غير المسبوقة التي تنفذ في السعودية تحت عنوان مكافحة الفساد تثير "قلق" واشنطن بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأييده الكامل لهذه العملية.
واعتقل في إطار هذه الحملة أكثر من 200 شخص في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر في إطار حملة التطهير التي استهدفت أمراء ووزراء حاليين وسابقين ورجال أعمال، ونفذت بعد تشكيل لجنة لمكافحة الفساد برئاسة وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يعزز سلطاته ونفوذه.
وقالت النيابة العامة إن الموقوفين المحتجزين في مكان لم يُفصح عنه سيخضعون للمحاكمة.
وقال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الجمعة 10 نوفمبر/تشرين الثاني، إن حملة التوقيفات غير المسبوقة في السعودية تثير "بعض القلق".
وصرّح تيلرسون على متن الطائرة في طريقه الى دانانغ في فيتنام: "لقد تحدثت الى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للحصول على توضيحات وأعتقد بالاستناد الى هذه المحادثة أن النوايا جيدة".
وأضاف: "شخصياً أعتقد أن الأمر يثير بعض القلق طالما لا يزال مصير هؤلاء الأشخاص غير واضح".
ابتلعوا ثروات البلد
في المقابل، عبّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعمه لهذه الإجراءات، وقال، الاثنين الماضي، إن لديه "ثقة كبيرة" بالحملة. وكتب ترامب على تويتر أن الملك سلمان وولي العهد "يعرفان تماماً ماذا يفعلان" وأن "بعضاً ممن يعاملونهم بقسوة كانوا يبتلعون ثروات البلد منذ سنوات".
هذا التأييد الصادر عن الرئيس الأميركي للقادة السعوديين الذين يؤازرهم في الوقوف في وجه إيران، العدو المشترك، يقلق في المنطقة المراقبين والخبراء الذين يعدونه مجازفة.
ومنذ الأسبوع الماضي ارتفعت حدة تبادل الاتهامات بين طهران والرياض، وفي قلب التوتر الجديد مصير لبنان وكذلك اليمن الغارق في حرب طاحنة عدا عن أن سكان هذا البلد الذي يعد من الأفقر في العالم يواجهون أخطر أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.
واتهمت السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً لمحاربة الحوثيين الشيعة وحلفائهم منذ آذار/مارس 2015 في اليمن، الأربعاء إيران بشن "عدوان مباشر" عليها بعد إطلاق الحوثيين صاروخاً باتجاه مطار الملك خالد في الرياض.
وفي حين تقرع طبول الحرب، زار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء الخميس السعودية حيث التقى ولي العهد.
مجاعة كبرى
وأكدت الرئاسة الفرنسية في بيان أن الجانبين "ناقشا مطولاً أهمية الحفاظ على الاستقرار في المنطقة ومحاربة الإرهاب وبصورة خاصة العمل من أجل إحلال السلام".
وشدّد ماكرون على "الأهمية التي توليها فرنسا لاستقرار وأمن وسيادة وسلامة أراضي لبنان" الذي أعلن رئيس وزرائه سعد الحريري استقالته، السبت الماضي، من الرياض بعد سنة من توليه منصبه بالشراكة مع حزب الله اللبناني المتحالف مع إيران.
وبعد الاستقالة، دعت الرياض مواطنيها الى مغادرة لبنان وبالمثل فعلت الكويت والبحرين والإمارات.
وفي ما يخص اليمن، قالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون "أكد أن الوضع الإنساني يثير قلقه وعرض مساعدته لتسهيل إيجاد حل للأزمة".
وتكرر الأمم المتحدة النداءات من أجل وقف تدهور الوضع الإنساني الخطير في اليمن، حيث قتل أكثر من 8650 شخصاً وأصيب 58 ألفاً بجروح غالبيتهم من المدنيين في أقل من سنتين، وفق منظمة الصحة العالمية.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، قبل أيام إن اليمن على شفير "أكبر مجاعة" شهدها العالم منذ 20 سنة في حال الإبقاء على الحصار الذي فرضه التحالف الذي تقوده السعودية على موانئه ومطاراته ومنافذه. وحذر من أن "الملايين" قد يذهبون ضحية لهذه المجاعة.
وتم بعد إطلاق الصاروخ على الرياض تشديد الحصار على اليمن، علماً أنه قائم منذ أكثر من سنتين.
وخلال اجتماع مغلق الأربعاء، عبر مجلس الأمن الدولي عن "القلق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في اليمن"، وأكد ضرورة إبقاء "كل الموانئ والمطارات اليمنية مفتوحة".
ويقول التحالف الذي تقوده السعودية إن الحصار مؤقت وهدفه منع وصول أسلحة الى الحوثيين.