يجمع هذا الكتاب آراء 27 طبيباً نفسياً عن الصحة العقلية للرئيس دونالد ترامب. كتبوا كلهم تحليلات علمية (فيها حذر، وتأدُّب، واعتدال). لكن ملخصها، كما قال ناشر الكتاب، "آراء اتفق عليها أعضاء المجموعة بأن ترامب يعاني مرضاً نفسياً خطيراً. ويشكل خطراً واضحاً ومباشراً على الدولة الأميركية، والصحة العقلية للشعب الأميركي". وأضاف الناشر: "ليس هذا شيئاً عادياً (في تاريخ أميركا والأميركيين)".
منذ نهاية عام 2015، عندما أعلن ترامب بداية حملته الانتخابية، سأل عدد ليس قليلاً من الأميركيين: ما هي مشكلة ترامب؟ سألوا في تردد، وتأدب. وتعمدوا ألا يقدموا إجابات مؤكدة؛ بل فضل كثير من هؤلاء، خاصة السياسيين، عدم مناقشة الموضوع. فعلوا ذلك بسبب ما يُعرف، في التاريخ الأميركي الحديث، وفي الثقافة الأميركية، بأنه "قانون غولدووتر".
يشير هذا الى السيناتور باري غولدووتر، اليميني الذى ترشح (وسقط) باسم الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية في عام 1964. كان متطرفاً، وعنصرياً، وخطراً (هدد بإشعال حرب نووية ضد روسيا الشيوعية في ذلك الوقت).
وسأل عدد ليس قليلاً من الأميركيين إذا ما كان غولدووتر مجنوناً. وانضم أطباء نفسيون إلى بقية الشعب، وسألوا السؤال نفسه، وأجاب بعضهم بأن غولدووتر مصاب بمرض عقلي.
تحذيران:
لاحقاً، وبعد مناقشات ودراسات، أصدرت الجمعية الأميركية لعلم النفس (إيه بي إيه) تحذيرين لأعضائها؛ أولاً: منعت نشر رأي أي طبيب عن نفسية أي مريض من دون تحليله نفسياً، ومباشرة، وبطريقة علمية. وثانياً: كررت منع أن يعلن أي طبيب معلومات شخصية عن أي مريض.
هكذا، قفلت الجمعية الباب أمام نشر أي تحليل نفسي عن أي شخص باسمه. وهكذا، أحس كثير من الأميركيين بأنهم، أيضاً، يجب ألا يصدروا أحكاماً طبية، وهم ليسوا أطباء.
لكن، حتى الآن، ظل كل الأميركيين تقريباً لا يعرفون إذا ما كان غولدووتر مجنوناً، أو فقط متطرفاً، أو الاثنين معاً.
لهذا، يبدو أن النقاش الحالي حول الحالة العقلية لترامب لن يحسم الموضوع.
لكن، تعلل أطباء علم النفس الذين اشتركوا في كتابة هذا الكتاب (27 طبيباً) بالآتي:
أولاً: أخلاقياً، قالوا إن صحة رئيس الولايات المتحدة تعلو على أي اعتبارات مهنية أخرى.
ثانياً: طبياً، قالوا إنهم، كأطباء نفس، يجب ألا يصمتوا ويتركوا للمواطنين العاديين تحليل الحالة النفسية لرئيس الولايات المتحدة.
ماذا كتبوا؟
كتب اثنان منهم، هما فيليب زيمبارو، وروزماري سوورد، عن "هيدونيزم" (غريزة المتعة). وقالا إن النوع الذي يعانيه ترامب "متطرف".
وكتب كريغ مالكين عن "نارسيزيم" (الأنانية، النرجسية). وقال إن خلط هذا النوع من المرض مع العمل السياسي يصير "خطراً قاتلاً".
وكتبت غيل شيهي عن "بارانويا" (جنون العظمة). وقالت إن عدم ثقة ترامب بمن يعملون معه يزيد هذا النوع من المرض.
وكتب لانس دوديز عن "سوشيوباثي" (عزلة اجتماعية). وقال إن هذا المرض قريب من مرض "سايكويسي" (العيش في عالم آخر).
وكتب روبرت ليفتون عن "ماليغنانت نورماليتي" (شخص عادي لكنه مريض). وقال إن المصاب بهذا المرض يجب أن يسرع ويقابل طبيب أمراض نفسية.
الشعب الأميركي مجنون؟!
وسألت صحيفة "واشنطن بوست": "من المجنون؟ أو: مَن المصاب بمرض نفسي: ترامب أم الأميركيون؟!".
وأشارت إلى طبيب نفسي حذِر، هو ألين فرانسيس (مؤلف كتاب "على طرف الجنون الأميركي").
قال فرانسيس إنه لم يحلل ترامب اعتماداً على أعراض مرض نفسي، ولكن اعتماداً على أعراض مرض عقلي. وفرَّق بين "سيكولوجي" (علم النفس) و"سايكياترسي" (علم النفس العقلي). وقال: "أعتقد أن ترامب ليس مصاباً بمرض عقلي، ولكن بمرض نفسي. ظل، كل حياته، يسير على خطى ما يمكن أن يسمى (ترمبيزم). هذه طريقته الخاصة في الحياة، ويراها أفادته أكثر مما أضرت به".
لكن، أضاف فرانسيس: "ترامب خطر على الولايات المتحدة وعلى العالم، ليس لأنه مجنون طبياً، ولكن لأنه شخص رديء. إنه مثل موسوليني (زعيم إيطاليا الفاشستي خلال الحرب العالمية الثانية)".
هكذا، مال فرانسيس نحو التحليل النفسي السياسي، أكثر من التحليل النفسي العقلي. وقال: "يجب ألا ننسى أن ترامب فاز في الانتخابات. إذا كان مجنوناً، فربما كذلك الذين صوتوا له. لكنه ليس مجنوناً. إنه يعاني مشاكل نفسية. ومن ثم، أقدر على أن أقول إن الذين صوتوا له هم كذلك؛ بل ربما كل الشعب الأميركي".
نعوم تشومسكي:
على خط فرانسيس نفسه، سار نعوم تشومسكي، أستاذ الرياضيات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والمفكر اليساري المتخصص في نقد السياسة الخارجية الأميركية. كتب تشومسكي: "ليس ترامب عنيفاً فقط في كلامه وتغريداته، إنه عنيف في سياساته. يهاجم العنف وهو العنيف، ويهاجم المتطرفين وهو المتطرف".
قبل 4 أشهر، قال تشومسكي لصحيفة "نيويورك تايمز": "ليست سياسات وتصريحات ترامب سخيفة فقط. إنها خطرة. وأنا لا أتحدث عن سياسة معينة نحو دولة معينة. أنا أتحدث عن خطر يهدد العالم، مثل انسحابه من اتفاقية المناخ، ومثل تهديداته، وهو يحمل مفتاح إصدار أوامر بإطلاق قنبلة نووية".
وتنبأ تشومسكي بأن ترامب يمكن أن يخطط لهجوم إرهابي أميركي في مكان ما؛ ليجد عذراً لضرب عدو ما. (كتب تشومسكي هذا، وصدر هذا الكتاب، قبل تصريحات ترامب في الأمم المتحدة، قبل شهرين، بأنه يقدر على أن "يدمر" كوريا الشمالية، من دون الإشارة إلى أن سكانها 23 مليون شخص).
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.