بدأ في الفترة الأخيرة انتشار الحديث عن الأمراض النفسية، ولكن أكثر ما أشيع الكلام عنه، الحديث عن "الاكتئاب" وحالات الانتحار، ولكننا ننسى أو نتناسى بعض الأمراض التي بدأت في الانتشار أو "لقلة الوعي العام بها".
وأحب أن أتكلم عن بعض تلك الأمراض التي تعد من أكثر الأمراض انتشاراً في ذلك الوقت، ومنها "ضلالات الحب" أو بالاسم الشائع لدى البعض "وهم الحب".
ذاك المرض أكثر انتشاشراً في الإناث منه لدى الرجال، يقول أحدهم لها: "صباح الخير"، فتعتقد -تلك المسكينة- أنه يهتم بها دون الآخرين، وإن كررها أو كرر كلاماً مشابهاً لذلك من الكلام العابر اليومي، تظن أن ذلك الاهتمام يزداد، وأنه يصل لمرحلة الإعجاب.
"صباح الخير.. مهتم بيا"، "مساء الخير.. معجب بيا"، ومن الممكن أن تفكر وتبني على إحساس بالاهتمام ثم الإعجاب لمواقف بسيطة نتيجة لخلل. وفي الحقيقة، إن كل ما تمر به المسكينة "محض وهم".
الكارثة الأكبر ليست اعتقاد أن هذه الكلمة أو هذا الموقف اهتمام وإعجاب، وإنما المشكلة أن البنت أيضاً تبدأ تُعجب وتلتفت إلى المميزات، وقد تصل للحب، ولو في يوم الرجل خطب أو تزوج يمكن أن تنهار أصلاً، حتى لو اكتشفت أنه شخص خاطب أصلاً، فخطوة زواجه تكون فاجعة وتشعر وكأن جرحاً غائراً بدأ ينزف.
نصيحتي لك: قلبك ليس للمشاع ولا ملك لأحد.. قوّي قلبك بالله، لا يؤثر فيه كلمة من أحد أو ابتسامة أو تصرّف أو لطف وسخافة من أحدهم، احفظي قلبك لله وبالله ثم لزوجك المستقبلي، ولا تكترثي لأحدهم، واجعلي قلبك ومشاعرك أنقياء كأنتِ.
نعم.. بداخل كل بنت فينا أنثى تميل إلى الضحك والشقاوة والمرح والانطلاق والدلع والرقة بدرجات متفاوتة، لكن أحياناً لا يُتاح لنا رفاهية أن نتعامل بتلقائية وعلى طبيعتنا.
وهذا أقصد به غالباً عندما نتعامل مع رجل غريب، غير متاح هذا من الجانب الشرعي والاجتماعي؛ من الجانب الشرعي: "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً"، يطمع الذي في قلبه مرض؛ لأن فعلاً الانجذاب من كلمة، وهشاشة القلب مرض نفسي حقيقة وليس مجازاً.
بس لو أكملنا الآية: "وقلن قولاً معروفاً"، لم يكن معنى عدم التمايع أنكِ تتكلمين بحدة وطريقة تخوّف الناس منك.. التوسط أجمل ومع المحافظة على كونك أنثى رقيقة.
لكن، لو نتكلم بالنسبة للجانب الاجتماعي، غير متاح لنا أن نتعامل بطبيعتنا؛ لأنكِ كبنت -للأسف- لو تكلمتِ براحتك وبروح المرح والهزار والانطلاق، فأصحاب النفوس الضعيفة من الممكن أن يعتقدوا أن تعاملك تعمُّد اهتمام بهم، ولو شعر أحدهم بأنكِ لا تبادلينه أي جانب اهتمام، فيمكن أن يتخيل أنك تعمدتِ جرحه، وممكن أن يقلب الموضوع عكسياً ويتعمد أن يتصيد أخطاءك.. وهذا يضايقك، خاصة إن كنتما في جانب مدى التعامل بينكما إلى حد ما كبير.
بعد كل ما أحكي مع بنت وتحكي لي أنها تعلقت بأحدهم وتركها أو كانت تعتقد أنه يميل لها.. في الواقع إنه لم يلتفت لك أصلاً.
لا بد أن ندرك أننا بقينا في مجتمع مختلف عن زمان وأن الشر يسبق الخير فيه بمراحل.. الكلمة لا تعني أنه مهتم بكِ ويحبك ومتيّم وتعنين له الكثير.. لا تعرّضي قلبك للهشاشة والانكسار.
حاولي أن تنضجي عن فكرة "زميل قال كلمة بهزار فبيحبني"، لا تسلمي قلبك إلا لمن يعرف أن يحافظ عليه ويصونه ويحميه.. لا تلتفتي لكل كلمة ونظرة وضحكة؛ لأن كل هذا ليس دليلاً على شيء ولا يمت إلى الواقع بِصلة.
اللي بيحبك بجد حيدخل البيت من بابه وحيقولها بصراحة من دون لف ودوران ومن غير تحوير وتلميح ومعاكسات ونظرات.. لما تلاقي كده انسحبي فوراً لغاية ما يتقدم لك إن أراد، واعلمي دائماً أن الرجال يجيدون التورية في الكلام كشرب الماء، وذلك كله عبث. وإن كان من يتعامل بتلك الطرق الملتوية لا يتقدم أبداً..
الكثير من الرجال عندما يتكلمون عن بنت بتلتفت للكلمة بيوصفوها بالهبل، هو من وجهة نظري عدم نضج عقلي وقلبي مع هشاشة القلب، وأحياناً بيزيد التعلق المزيف لدرجة أن يصل إلى مرض.
لكن الرجل أيضاً من يصف المرأة بأنها مخطئة إن التفتت لقليل من كلامه، هو أيضاً مخطئ، لا تتعمد أن تهتم ببنت معينة وتعاملها بتميُّز واختلاف عمن حولها وتقول ليه تلتفت وتحملني المسؤولية؟!
لأنك ببساطة جزء منها.. يعني مثال المدرس بمدرسة بنات ثانوي يعامل طالبة بتميز فتعيش الوهم.. ما هو ده ناتج من معاملتك كرد فعل.
بس نرجع ونقول للبنت: خليكي في مكانك الصح، بيعاملك بتميز آه، بس تميز كطالبة متميزة أو كزميلة متميزة وفقط. في الآخر، حافظي على قلبك؛ لأنه أغلى ما تملكين، ولا يحافظ على قلبك إلا أنتِ، المسؤولة عنه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.