بات الظلام في أكحل عتمته، والغيوم في أغم غيمتها، والفتن في أوهج أجيجها، والطرق في أكثر تنثرها، والشباب في أقصى تشتته، وصار العمل على انقشاع الظلام وإنارة الظلام صعباً تحقيقه.. ولا صوت يعلو فوق صوت فضيلته!
برغم ما اقترفت يداه من انتكاسات وخيبات متعاقبة فإنه تمنعه قداسته التي أصبحت حاجزاً لبصيرته من إدراك حقيقته والصحوة من غفلته.
برغم كل ما حدث فإنه يستمد قوته من بعض الأشخاص الذين جعلهم دميةً.
فهل تربينا لنكون دميةً أم لنكون قادةً؟!
هل تربينا لنكون كغثاء السيل أم جلاء لظلام الليل؟!
وما أدى إلى هذه النكبة أمران:
الشخصية "الإمعة":
وهي الشخصية المنقادة التي لا رأي لها ولا وجهة نظر، وإنما توافق ما يراه الآخرون دون بذل أي جهد في مناقشة الطرف الآخر، وبحث ما يود تحقيقه من أهداف، ويعد هؤلاء الأفراد ذوي سمات شخصية متناقضة ذات ازدواجية متأرجحة لا موثوقية فيها، شخصية ضعيفة هشة مستسلمة تفتقد للشجاعة في التفرد برأيها، واتخاذ قراراتها، وصاحب هذه الشخصية يتبع الطاعة العمياء.
الطاعة العمياء:
الانصياع والانقياد التام بلا تفكير أو تمحيص لما يأمر أو يكلف به غير آبه بأسبابه وأهدافه ونتائجه وعاقبته، كالذبيحة تتبع جزارها مع أنها ترى السكين بيده!
وهي طاعة غير قابلة للنقاش يعتقد فيها الإمعة اعتقاداً جازماً بأنها الصواب المطلق، وكل ما سواها باطل.
ومنهم من يعتقد أن ذلك من الدين والدين منه براء، إن ديننا الإسلامي الحنيف يربي أبناءه على الإبداع وقوة الشخصية والبعد عن التقليد وذوبان الشخصية، فهو يرفض الإمعة المقلد للغير والمسلِّم عقله للآخرين، ويدعو الإنسان ليكون فطناً متميزاً بعقله، مُستسلماً للحق متبعاً له، ولو كان في ذلك وحده.
والله عز وجل كرم الإنسان وجعل له قيمة تميزه عن غيره، ومن المؤسف تلاشي شخصيته وذوبانها في الغير، بحيث يصبح بلا وجود أو كيان مستقل.
وذاك الانحناء يجلب المداهنة والرياء والنفاق، فإن كنتم لا تبالون بهم، ولا تهتمون بما اكترثتموه بما أوصلتموهم إليه، فمن الأذكى أن تخشوا على أنفسكم فكل ابن آدم خطاء، فاجعلوهم عضداً لكم وسنداً وناصحين يُقيمون اعوجاجكم ويجبرون نقصكم، فبهذا تفلحون ولا تكونوا كالجمل لا يرى اعوجاج رقبته.
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.