قُتل 29 يمنياً، الأربعاء 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في غارة جوية أصابت سوقاً شعبياً في شمالي اليمن، ونَسبَها المتمردون الحوثيون إلى التحالف العسكري بقيادة السعودية، بحسب ما أفاد أطباء في المنطقة لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقالت المصادر إن 17 شخصاً آخر أصيبوا في الغارة التي استهدفت سوق علاف في مديرية سحار بمحافظة صعدة الشمالية، معقل الحوثيين في شمالي البلد الفقير، الغارق في نزاع مسلح منذ سنوات.
وذكرت وسائل إعلام الحوثيين أن جميع الضحايا مدنيون، ونشرت صوراً لجثث متفحمة قالت إنها لقتلى الغارة.
وأوضحت وكالة الأنباء "سبأ"، المتحدثة باسم المتمردين أن "غارة طيران العدوان السعودي الأميركي" أصابت مقراً "مكتظا بالعمال وأصحاب البسطات والمحال التجارية وسط السوق" في سحار.
ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعاً دامياً بين المتمردين الحوثيين الشيعة والقوات الحكومية. وسقطت العاصمة صنعاء في أيدي المتمردين المتحالفين مع مناصري صالح، في سبتمبر/أيلول، من العام نفسه.
وشهد النزاع تصعيداً مع تدخُّل السعودية على رأس تحالف عسكري، في مارس/آذار 2015، بعدما تمكَّن الحوثيون من السيطرة على مناطق واسعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وخلّف النزاع اليمني أكثر من 8650 قتيلاً وأكثر من 58 ألف جريح، بحسب أرقام الأمم المتحدة، وتسبّب بانهيار النظام الصحي، وتوقف مئات المدارس عن استقبال الطلاب، وانتشار مرض الكوليرا، وأزمة غذائية كبرى.
ويضم "تحالف دعم الشرعية في اليمن" 13 دولة، هي إلى جانب السعودية واليمن بقواته الحكومية: الإمارات العربية المتحدة، والأردن، والبحرين، ومصر، وباكستان، وجيبوتي، والسودان، والسنغال، والكويت، والمغرب، وماليزيا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُدرج التحالف العسكري على لائحة سوداء للأمم المتحدة جراء "قتل وتشويه 683 طفلاً"، خلال الحرب في اليمن العام الماضي، بحسب ما جاء في تقرير نشرته المنظمة الدولية.
ولم يرد التحالف على أسئلة فرانس برس حيال اتهام المتمردين له بالوقوف خلف غارة صعدة.
جثث ودماء
أظهرت صور التقطها مصور فرانس برس جثثاً على الأرض فوق أكياس بلاستيكية بيضاء خارج مسجد في منطقة الغارة، وجثة طفل غطت الدماء وجهه.
وأظهرت صور أخرى محاولات انتشال أشخاص من بين أنقاض مبنى، وفجوة كبيرة في أرض رملية بدت وكأنها موقع الضربة، وإلى جانبها بقايا أثاث.
ووقعت الغارة في وقت تتبادل فيه السعودية وإيران، المتهمة بدعم الحوثيين بالسلاح، الاتهامات بشأن عرقلة الحل السياسي في اليمن، حيث فشلت عدة جولات حوار برعاية الأمم المتحدة في التوصل إلى حل للنزاع.
والمفاوضات السياسية متوقفة منذ أشهر طويلة، رغم زيارات المسؤولين إلى الطرفين، ومحاولتهم التوسط لإعادتهم إلى طاولة الحوار.
وكانت السعودية حمَّلت إيران، الأحد، مسؤولية فشل مساعي السلام، مجددة اتهام طهران بتغذية النزاع في هذا البلد الفقير، عبر إرسال السلاح.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في افتتاح مؤتمر لوزراء خارجية ورؤساء أركان الدول الأعضاء في التحالف العسكري في الرياض "ما كان لهذه الميليشيات الاستمرار في ممارساتها، لولا دعم الراعي الأكبر للإرهاب في العالم، النظام الإيراني".
وأضاف أن إيران "تهرب السلاح للحوثي و(أنصار الرئيس اليمني السابق علي عبدالله) صالح (…) كما تهدم كل مساعي الحل في اليمن، ما أدى إلى فشل كل المفاوضات السياسية بين الحكومة الشرعية وهذه الميليشيات".
وردَّت إيران الإثنين، واصفةً الاتهام السعودي بأنه "مثير للسخرية ولا أساس له من الصحة".
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، في بيان نُشر باللغة العربية على موقع الوزارة، إن بلاده "استنكرت" عمليات التحالف "وطالبت بوقف الحرب، وما زالت ترى أن طريق الحل العسكري في اليمن مرفوض، ولم تدخر أي جهد لوضع حد لهذه الحرب الدامية".
وأكد أن "تكرار المزاعم الكاذبة (…) لا يخفف من حجم المسؤولية الإنسانية والدولية لمرتكبي الجرائم البشعة، والمتمثلة بالقتل وتدمير المدارس والمستشفيات وفرض الحصار والجوع على الشعب البريء".
وإيران، الخصم الأول للسعودية في الشرق الأوسط. وتختلف القوتان الإقليميتان حيال العديد من القضايا الإقليمية، وبينها النزاع في سوريا والحرب في اليمن.