كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في تقرير لها أن مسؤولي الإدارة الأميركية حثّوا دول الخليج العربي خلال الأيام القليلة الماضية على تضييق الخناق على علاقات كوريا الشمالية بالمنطقة، سعياً وراء تقليص مجال اتصالات الدولة ذات الترسانة النووية بالعالم الخارجي.
وخلال محادثات رفيعة المستوى على مدار ثلاثة أيام بدولة الإمارات وقطر، دعا مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية القادة الإقليميين إلى إحكام الرقابة المالية والحد من أعداد العمالة الوافدة من كوريا الشمالية بالمنطقة، للعمل في قطاع البناء والتشييد.
وركَّزت جولة وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشن، التي استغرقت أسبوعاً بالمنطقة بصفة رئيسية على تحسين التعاون من أجل مكافحة تمويل الإرهاب، وتصعيد الضغوط الدبلوماسية على إيران. ومع ذلك، يمثل تضييق الخناق على كوريا الشمالية أولويةً قصوى لدى الإدارة الأميركية، فقد راقبت وزارة الخزانة علاقات بيونغ يانغ بالمنطقة عن كثب.
وفي سبتمبر/أيلول 2017، فوّض الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزارة الخزانة بفرض مجموعة جديدة من العقوبات على البنوك والشركات والأفراد الذين يساعدون على تمويل النظام الحاكم في بيونغ يانغ.
وتعد العمالة الكورية الشمالية بالخليج، التي يرى المحللون أنها تتألف من 5000 -10000 عامل بمثابة مصدر للعملة الصعبة لبيونغ يانغ.
ويمثل هؤلاء جزءاً من القوى العاملة التي تساعد في تمويل برامج كيم جونج أون النووية والبالستية، بحسب ما ذكره المسؤولون والمحللون الأميركيون.
وبالإضافة إلى الأموال الناجمة عن التعاقدات التي تنفذها العمالة الكورية الشمالية، ذكر المحللون أنه يتم استغلال العمالة والدبلوماسيين أيضاً في نقل الأموال والذهب والحلي من خلال المراكز المالية في الشرق الأوسط.
وذكرت كوريا الشمالية، أن تلك الادعاءات التي تم توثيقها ضمن تقارير الأمم المتحدة، مغلوطة ومفبركة.
وقد حثَّت إدارة ترامب والمسؤولون اليابانيون دولَ الخليج خلال الأسابيع الأخيرة على الامتناع عن توظيف العمالة الكورية الشمالية، والانصياع للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ.
عددهم بقطر
وذكر مسؤولون في قطر أنهم توقفوا عن إصدار تأشيرات جديدة للعمالة الكورية الشمالية منذ عام 2015. ورغم بقاء نحو 1000 عامل كوري بالبلاد، يذكر المسؤولون أن هذا العدد سوف يتراجع مع انتهاء التعاقدات، ولن يتم إصدار أي تأشيرات جديدة.
ويتركز معظم النشاط الاقتصادي بين المنطقة وكوريا الشمالية في الكويت، رغم احتفاظ بيونغ يانغ بعلاقات دبلوماسية محدودة مع معظم بلدان الخليج، باستثناء السعودية.
وتنشأ العلاقات الدبلوماسية بصفة رئيسية من خلال سفارة كوريا الشمالية الوحيدة بالمنطقة في الكويت. وتحتفظ بلدان الخليج بعلاقاتها بكافة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، بما في ذلك الأنظمة المنعزلة سياسياً مثل كوريا الشمالية.
ومع ذلك، فقد خفضت الكويت مؤخراً من حجم التواجد الدبلوماسي لبيونغ يانغ بها، مشيرة إلى استمرار كوريا الشمالية في عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه قرارات الأمم المتحدة. ولم تُجب سفارة كوريا الشمالية على طلبات التعليق بهذا الصدد.
متى جاؤوا وما الذي يميزهم؟
وقد وفدت العمالة الكورية الشمالية إلى الخليج خلال فترة انتعاش مشروعات البناء والتشييد منذ أكثر من عقد من الزمن، حينما كان هناك نقص حاد في العمالة الأجنبية. وتتسم العمالة الكورية بالمهارة والاجتهاد، ونادراً ما يحصلون على إجازات.
وأضافت الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي، العديد من الكيانات الحكومية والأفراد إلى قائمة العقوبات، لدورهم في تصدير العمالة من كوريا الشمالية. وذكرت الوزارة أن إحدى تلك الشركات الكورية، وهي شركة شولهيون أوفرسيز كونستراكشن، لديها مشروعات في الكويت وعمان وقطر والإمارات.
وذكرت وزارة الخارجية في تقرير خاص لها، أن العاملين بالشركة يعيشون في ظروف تشبه العبودية، حيث يحتجز مسؤولو الأمن الكوريون الذين يشغلون وظائف مشرفي المواقع رواتب وجوازات سفر العاملين، ويحصل العاملون على وجبات طعام سيئة، ويعانون ظروفاً معيشية سيئة، ويواجهون قيوداً في التنقل.
الإمارات
وفي الإمارات، لا يزال هناك مطعمان يستخدمان فريق عمل من كوريا الشمالية، وهما يعتبران ضمن سلسلة مطاعم دولية تقدم الطعام التقليدي.
وذكر منوتشن في الرياض الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة تستعد لاستخدام صلاحيات جديدة لفرض العقوبات التي خولها لها الرئيس.
وقال في كلمته التي ألقاها على كبار مسؤولي التمويل والمستثمرين: "لدينا القدرة الآن على وقف الحسابات المرسلة وتجميد أصول أي مؤسسات مالية أجنبية تبرم صفقات كبرى تتعلق بأي من أنماط التجارة مع كوريا الشمالية".
وأضاف: "سوف نستغل هذه الأدوات الجديدة بعناية، للحد من التدفقات النقدية التي تساعد كوريا الشمالية على مواصلة برامجها النووية والصاروخية الخطيرة".