وسط انتقادات واسعة انهالت من كل أنحاء كندا، قررت حكومة مقاطعة كيبيك الكندية، التخفيفَ من حدة القانون، الذي صدر الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017، والذي ينص على حظر النقاب للذين يُقدِّمون أو يحصلون على خدماتٍ من الدوائر الحكومية، إلى جانب هيئات كلٍّ من البلديات، ومجالس المدارس، وخدمات الصحة العامة والنقل.
وعمدت حكومة كيبيك هذا الأسبوع إلى تدارك هذا القانون، بتوضيحات تلقي المزيد من الضوء على طريقة تطبيقه، ومَن سيشمل، ومن المعنيون به.
ووفق تقريرٍ نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، عن ستيفاني فاليه، وزيرة العدل في مقاطعة كيبيك، في حديث لها مع الصحافة قالت فيه: "لن يتم طرد أحد من وسائل النقل العامة، ولن يُحرم أحد من خدمات الطوارئ الصحية، كما لن يطرد أحدهم من مبنى مكتبة عمومية. ليست لدينا نية لاستحداث لجان شرطة لكشف وجوه الناس".
وكانت حكومة كيبيك الليبرالية قد صوتت، الأسبوع الماضي، على القانون الذي وصفته فاليه بالأول من نوعه في أميركا الشمالية، حيث يقضي القانون بمنع العاملين في القطاع العام من تغطية وجوههم، كما يلزم المواطنين بكشف وجوههن عند تلقي الخدمات العامة من دوائر الدولة وبلدياتها ومجالس المدارس ومرافق الخدمات الصحية العامة وسلطات وسائل النقل.
لكن الخطوة لم تسلم من نيران النقاد، الذين أبدوا قلقاً من كون القانون يتعمد استهداف النساء المسلمات، وقد يؤدي إلى استثناء المنتقبات من الحصول على خدمات الصحة العامة، أو يمنعهن من الخضوع للامتحانات المدرسية، أو يحرمهن من صعود حافلات النقل العام؛ كذلك عبّر نقاد آخرون عن مخاوفهم من أن تطبيق هذا القانون سيغدو من مسؤولية عاملي القطاع العام كسائقي الباصات وأمناء المكتبات، فيما تشكَّك خبراء القانون بأن التشريع الجديد قد يثبت أمام محاولات تحديه وإبطاله في المحاكم.
واعتذرت وزيرة العدل في تصريحاتها، الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول، عن أي لبسٍ شَابَ القانون الجديد، وحاولت إزالة اللبس بإيضاحه عبر ضرب الأمثلة للحالات التي يشملها القانون، واصفةً هذا القانون بأنه "ليس قمعياً".
وعلى عكس تصريحات سابقة لها، قالت فاليه، إن القانون لا يطال سوى لحظات التعريف بالهوية، فمثلاً عندما يركب أحدهم باص نقل في البلدية، عليه كشف وجهه للسائق إن كان يستخدم بطاقة صعود باسمه عليها صورته، لكن لا يشترط بعد ذلك بقاء الشخص كاشفاً وجهه طيلة رحلة الركوب على متن الحافلة.
وتابعت الوزيرة أن على الناس كشف وجوههم عند طلب استفسار ما من أمين مكتبة، أو عند مراجعة وتسجيل الأسماء في عيادة أو مشفى، فيما يحق لهم تغطية الوجوه داخل المكتبة أثناء تفحص أرفف الكتب أو الجلوس في قاعات المطالعة والانتظار. وقالت إن الحظر سيشمل خدمات عامة كحضور محاضرات الجامعة، واستخراج وثائق المحكمة من موظف ما، أو عند تسلم الأطفال من رياضهم.
وقالت فاليه للصحافة: "إن هذه قوانين بديهية"، وستسري على كل من يغطي وجهه، بمن في ذلك أولئك الذين يرتدون نظارات شمسية كبيرة، أو أوشحة وشالات تقيهم البرد.
لكن القانون لا ينص على غرامات أو عقوبات بحق من يخالفون القانون، غير أنه يسمح بتقديم طلبات لالتماس التخفيف ومراعاة الحالات الخاصة، أما عن تفاصيل سريان القانون وطريقة تسييره، فمن المتوقع أن يتم الانتهاء منها خلال الأشهر القادمة.
وكان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، قال الأسبوع الماضي، إن حكومته تنظر في هذا التشريع، وعلق بالقول: "لا أعتقد أن من شأن الحكومة أن تملي على النساء ما ينبغي أو لا ينبغي عليهن ارتداؤه، وبصفتنا حكومة فيدرالية فإننا سنتحمل مسؤوليتنا على محمل الجدية، وسنتمعن فيما قد ينطوي عليه هذا القانون".
وأرجعت فاليه سياق القانون إلى الجدل الدائر في مقاطعتها حول مواضيع الهوية والدين والتسامح، فقد حاول السياسيون في كيبيك مرتين خلال الأعوام الأخيرة معالجة مسألة حيادية الدولة، ففي عام 2010 ماتت محاولة ليبرالية على الورق، وسط زحام التشريعات القضائية بعدما ظلت عامين كاملين تدرج على جدول أعمال التداول، فيما فشلت مسودة قانون أحدث عهداً كانت تقدمت بها الحكومة الانفصالية السابقة لكيبيك، تحاول منع العاملين بالقطاع العام من ارتداء رموز دينية ساطعة، حيث فشلت المسودة بجمع الأصوات الداعمة قبل التصويت.
وختمت فاليه: "أفهم أن الزملاء من بقية المقاطعات لا يركزون على القضية مثلنا، ولكن من حقنا التشريع فيما يخص القضايا الاجتماعية التي تهمنا، ومن صلب مسؤوليتنا أن نستجيب لتطلعات مواطنينا".